هموم في المهجر

أحيان تهجم عليّ مشاعر إنسانية عابرة فتقذفني في لحظة تفكر جارفة ومكثفة جداً ، تلقي بثقلها وثقلها على ضمير كهل بدأ الشيب يهد أركانه ويضعف كل مواطن القوة فيه إلا أحاسيسه ومشاعره الإنسانية  في زمن  المأساة .

 

(  شاب على قد حالة يعمل براتب معقول جداً عنده أم كبيرة في السن وزوجته وأولاده وأخته المطلقة . مطلوب منه تسديد فواتير إقامتهم نهاية كل عام يسكن بيتٍ بالإيجار  ) .

 

قد تبدو القصة للوهلة الأولى شبه اعتيادية ومكررة جداً  . بل إنها  لا تخص هذا الشاب أو ذاك فهنالك ألف قصة وقصة مثلها .

 

وهذا ما زاد وجعي أكثر .

 

لست أدري كيف تحاملت ومالت علي كل تلك الأحاسيس الثقيلة على قليبي الضعيف المرهف غربةً وكربةً وتأملاً وحيرة وضيق أفق  وبعدٍ واشتياق .

 

وبدون مقدمات استحضرت حالة تلك  الأم ومثلها آلاف الأمهات والبنات الكبيرات وكيف تمتلئ بهن البيوت على أمل يتبدد شيئاً فشيئاً قبل أن يستحيل سراباً ، وأكثر من هذه وتلك  الأخوات المطلقات الحائرات الخائفات الواجفات من غيلات الزمن وتقلباته  . المنحشرات في بيتٍ ضيّق يزيد ضيقاً كلما تذكرن بأنه بالإيجار يشقى معيلهن ويكدح بالكاد أن  يسدد بعضه أو كله . وهن لا حول لهن ولا قوة الا بالله الرابط على القلوب الحافظ للعقول .

 

ورحت أسأل نفسي بنفسي : هل يا ترى قد مر  بأذهان تلك المسكينات الضعيفات  ولو بعضاً  مما جال بخاطري ويجول الآن ؟؟؟ .

فلو داهمتنا تلك الأفكار والخواطر  مثلما داهمتني ذات صباح لجعلته أسوداً كالليل مظلماً ،  وإن ذات مساء لأحالته كابوساً وجحيماً لا تطاق .

 

لست أدري كيف وكيف .

 

ولست أدري كم تحوي البيوت المغلقة خلف جدرانها من آهاتٍ وأناتٍ وشكاياتٍ وتوجعات ، لا يبرئها غير بارئها اللطيف الحكيم . العليم الرحيم .

 

اللهم لطفك بعبادك المهمومين .  ورحمتك بمن شكى اليك همومه من الموجوعين قهراً والمكبودين وجعاً والعاجزين في أن يعبروا عما تجيش به نفوسهم من مشاعر فأسلتها مداداً من حروف قلمي في هذه اللحظة الإنسانية القاسية جداً .

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص