عندما يفشل المُعِّزي في التعزية .

وادي حضرموت أضحى خيمة مأتم كبيرة تمتد جنباتها مابين الهضبتين وسقفها السماء وأرضها الدماء .
تحتار فلا تدري تعزي من وتدع من !!.
وهل بقي لدينا من الكلمات ما يصلح للعزاء ؟؟!.
لقد استنفدت الكلمات روحها ومعانيها وفوائدها فما عادت تحمل أية قيمة للمواساة وما عادت تجبر قلوب المصابين أو تشفي غليلهم .

مساء اليوم اتصلت بصديقي وأخي العزيز أبو عبد السلام عارف بن علي جابر . لعلي أواسيه في ثلاثة من خيرة شباب قبيلته أحدهم شقيقة . طالتهم يد الأثم والجريمة القاتلة مساء البارحة دفعة واحدة وبشراهة متزائدة كشراهة جهنم للمزيد . .

في وادينا العزيز وادي حضرموت لم يعد هناك شئ أصعب على النفس من تعزية ومؤاساة ذوي القتل شبه اليومي . .

فماذا عساك أن تقول لهم غير تلك الكلمات الممجوجة المكرورة المتسربلة بكل معاني الخذلان والعجز والتقصير حد الشعور بالذنب والخطيئة إلى درجة يشعر معها كل مواطن عادي أنه بات مدان ومتهم بالشراكة في هذه الجريمة الشائعة الذائعة . كيف لا ؟! . والكل واقف وقفة العجز الذميم أمام مايحدث في عز الظهيرة على قارعة الطريق ووسط صخب الأسواق وحيث تزدحم أقدام المواطنين وثكنات الأجهزة العسكرية والأمنية في كل ناحية واتجاه . .

من المسؤول ؟! ومن السائل ؟! ومن الفاعل ؟! ومن المفعول به ؟! ومن المهتم ؟! ومن صاحب المهمة ؟! . .

تداخلت الأمور في بعضها إلى درجة أن أحد لا يدري من هو ؟ وما هو ؟ وما علاقته بما حوله ؟ وما له ؟ وما عليه ؟. ومن صاحب الشأن ومن لا شأن له ؟. .

وتستمر الحكاية مضرجة بمداد الدم القاني تترا ويتبع بعضها بعضاً وكل يوم ضحية جديدة مثنى وثلاث ورباع ولا زالت الحيرة والتخبط والأسئلة الخائفة الخجولة تحشرج في صدور الرجال كالنساء ثم ترتد على أكبادهم سلاماً حضرمياً قائلاً : ونا ماسيبي . الموت وحده باسط ذراعية بالوصيد ينتظر كيف يُتبع شهوته السابقة بشهوة جديدة لا تنطفئ . .

والرجال يملأون الأرجاء يمتشقون الجنابي غالية الثمن والمسدسات المذهبة ويتزينون بملابس الرجولة الكاملة وهيئاتها وصورها وعنواينها وينضمون القصائد في المدح والغزل الفخر والخيلاء ثم الرثاء مع وجبة الموت التالية . .

لأحد يدري ولا أحد يدرك أن عليه واجب أن يدري على أقل تقدير فضلاً عن أن يفعل شئ حيال مايجري بجوار حوش داره أو ببيت جاره . .

ثم تتلعثم الألسن وتتخبط العقول وتتيهة الألباب بل وتتسيفه وتتفيقه بما لا تعلم حينما يبغتها سؤال حائر يقول دوماً وأبداً : ماذا يجري من حولنا ؟! . .

ومن يفعل كل هذا؟ . .

ولما كل هذا العجز والخور والخذلان ؟!!! . .

سؤال كبير كبر المصائب التي تحصل صباح مساء وتزلزل أركان الأرض والسماء غير أنه لا جواب واحد يشفي غليل طفل في سن الحضانه يقنعه أي كلام يقال . .

ولا سلام . ...

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص