الشعب مصدر قرارات السلطة

الأصل أن الشعب هو مصدر قرارات السلطة . وأن أي قرار يجب أن يراعي المزاج الشعبي سواءً فيما يخص الأنظمة الديمقراطية أو حتى الفردية الدكتاتورية منها .

فقط الشعب هو من يجعل هذا الخيار حقيقي أو صوري وشكلي. ففي الأنظمة الديمقراطية الأمر واضح وجلي وله آلياته الحقيقية المتبعة . أما في الأنظمة الدكتاتورية القمعية تكون الآليات شكلية ووهمية . لكن لا أحد يتجرأ على إنكار أحقية الشعب في أنه صاحب القرار ومصدر السلطة ومالكها . لذلك رأينا رمز التفرد والدكتاتورية فرعون مصر أنذاك يقولها وبكل وضوح ( قال للملإِ حولَهُ إنَّ هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحرهِ فماذا تأمرون * قالوا ارجه واخاه وابعث في المدائن حاشرين ...) ففرعون كان مدرك هذه الحقيقة وأن الإرادة والأمر كان لابد له من أن يكون بيد الشعب .

إنما كان يتلاعب بهذه الإرادة ويزورها حتى تبدو شكلية فارغة المضمون . لكن الحقيقة أن سبب هذا التزوير يعود لأمرين أساسين. أولاً : جهل الشعب واستخفافه بهذه المسألة المهمة . قال تعالى ( فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوماً فاسقين ) غابت عن هذا الشعب هذه الحقيقة في أنهم قادرون على أن ينتزعوا حقهم من خلال قوتهم في اصدار القرارات وأنهم هم مصدر جميع السلطات . لذلك استحقوا أن يغرقوا ويهلكوا جميعاً كالبلهان الأغبياء قال تعالى : ( فلما ءآسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ) . الشعب الغبي الذي لا يدرك كيف يجمع كلمته ويحسن إستعادة حقه الأصيل في إصدار القرار وامتلاك السلطة على بلاده ومقدراته لا يستحق الحياة الكريمة بل يستحق غضب الله عليه وإغراقه في مستنقع الفساد والتسيب والإهمال والمحسوبية وانعدام الخدمات الأساسية. ثم الموت . جوعاً ومرضاً وجهلاً وانفلاتاً امنياً وسجناً وقهراً ...الخ .

الأمر الثاني : شراء النخبة من قادة ورموز اجتماعية واعلامية وتجارية . وانشغالهم بالمكاسب الشخصية من ترقيات ورشاوي وهبات وامتيازات . ( قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين ). لقد كشف لنا القرآن كل الاعيب الحكم الفرعوني المزور لإرادة الشعب والعابث بمقدراته بشراء الذمم والإستخفاف بعامة الناس .

فمتى يستعيد الشعب قراره حينها تعود له كرامته . تظل هذه المسألة هي سر النجاح والتفوق والإبداع والتميز.

فماذا ينقص الناس من عامة الشعب حتى يستعيدوا حقهم ؟! .

إنها مبادرة الإجتماع تحت سقف المطالب الخدمية الملحة والتي لا يختلف عليها اثنان .

سقف وضع المعايير العلمية في التعيينات لشغل المناصب العامة .

سقف القبول بالآخر والتعايش معه في ظل وطن هو ملك للجميع ومصلحته هي مصلحة الجميع .

والسلام .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص