القائد عيدروس بين العزيمة والهزيمة.


لم ينس التاريخ مقولة ماري انطوانيت الأشهر وقت مجاعة شعبها : لم لا يأكلون الكعك ؟ هكذا علقت ، بكل سذاجة وجهل لما قيل لها ان الناس لايجدون الخبز ليأكلوه ، كانت مجرد اميرة صغيرة معزولة في قصر فخم ، ولاتعرف معاناة شعبها ، لكن الثورة لم تسامحها ايضاً وقادتها للمقصلة .

بعد ٣٠٠ عام من وفاة ماري انطوانيت جاء القائد عيدروس الزبيدي ليعيد ذكرى فكر ماري انطوانيت ويعيد خلق تساؤلها مستخدماً أسلوبها المستفز في مخاطبة الشعب و قائلا ً لهم بكل تساهل وهم في وسط الحر والقهر : اين العزيمة !

عزيمة ؟ عن اي عزيمة تتحدث ياسيادة القائد ! الناس منذ ٨ سنوات وهم في حربا ضارية ربما لم تسمع بها او لم تكن مهتما بها او لايتسع وقتك لها ! حرب مع الدولار والصرافين وجشع التجار وارتفاع الاسعار وغياب الامن ، وايضاً ثمّ عذاب مذل اسمه : الكهرباء !.. هل سمعت عنه ياسيادة القائد ! كل هذه الدوامات خاضها الناس وحدهم بعزيمتهم ولم تكن معهم ايها القائد ! كانت صورك فقط ترافقهم في كل شوارعهم ! كانت صورك الفخمة لاعزيمتك !

* كانت الأميرة ماري فتاة معذورة ، مترفة تعيش في قصر بعيد عن الناس ، وكان عيدروس - كمايفترض - ابن الشعب وابن المعاناة ، كان يلبس ثياب رثة ويشرب الشاي بقصعة كما تظهره الصور في الجبال ، ولكن وفجأة ودون مقدمات انقلب حاله و استبدل قصعة الشاي الشعبية بساعة الرولكس الذهبية ، واستبدل اليد التي تحمل التعب والتراب بيد ناعمة تظهر في لوحات الطرقات ، تلوح بالنصر للناس بينما يعيش الشعب قهر الهزيمة ، وكأن الرجل في غيبوبة وكأنه حقاً معلق في لوحات ولايعرف مايجري على ارض الله ! ..

يطالب القائد عيدروس الناس بالعزيمة وهو يعيش في قلب الهزيمة ، هزيمة القيادة ، هزيمة المبادئ ، هزيمة الذات ، هزيمة الصور والخطابات التي لاتقيم دولة ولاتنقذ مواطنين ولاتساعدهم ، وحتى لاتتركهم في حالهم بل تطالبهم ايضاً بعزيمة يفتقدها القائد

يعيش الرجل في عالمه الخاص ، متنقلا ً بين فنادق وقصور الرياض وابوظبي ، ومعتمراًً عقالاتها و ًقمصانها وفي صور زاهية مع امرائها وساداتها يعيش الرجل في انفصال حقيقي لكنه ليس انفصال الجنوب بل انفصاله عن واقع الناس ..

لم يسمع الناس من القائد جملة واحدة عن الخدمات منذ تولى المحافظة وحتى عين نفسه او تم تعيينه قائدا ً ، ولم يرالناس له فعل واحد من افعال سلفه المرحوم جعفر فلانزل لمحطة كهرباء ولاعاين مشفى ولازار مدرسة ولا تحرك لاي شيى يمس الناس ، واذا تكلم فهو يتكلم كرجل آلي بمفردات حفظها الناس ولفظها الناس ولاعلاقه لها بهم ( استعادة دولة ، نضال ، شعبنا ، الخ ) ،
واذا عاد لعدن من عواصم الخليج فهو يعود الى عاصمته الموقرة جولدمور وقصرها المكيف حيث لايشعر بالعرق والتعب والضنك ، واذا مشى فهو يمشي في موكب ضخم بسيارات مصفحة مكيفة حيث لايشعر باي شيئ يصله بالناس ويجعله منهم وفيهم .. شيىء آخر يجعله كالقيادات التاريخية حيث ينزل بين الناس ويقودهم ويتقدمهم ، ألماً وأملاً ، شيى يعرفه القادة التاريخيين كعمر المختار وجيفارا ونيلسون مانديلا ، شي مهم اسمه العزيمة ، عزيمة القائد على ان يكون قائداً حقاً في الواقع ، في الدفاع عن الناس ، لا ان يكون قائداً في الصور الفخمة والخطابات الميتة ، فهذه لاتمثل الا الهزيمة ، الهزيمة بأبشع صورها !.

*عبدالله العدني*

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص