صوم الست من شوال .. بين فريقين

 بقلم الأستاذ/ محمد يسلم بشير

جاء في الحديث: (من صام رمضان وأتبعه ستاًّ من شوال كان كصيام الدهر)[متفق عليه] وعند مسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) وعند النسائي: (فأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر) فالعطف جاء بالواو، كما جاء بثم وهو يقتضي التراخي، كما جاء بالفاء وهو يقتضي الموالاة.. كما ترى.

فريقٌ يشنع على من يتبعون رمضان بصوم الست من شوال على الفورية، يقولون أماتوا علينا بهجة عيدنا، والحق مع من يقول عيد الفطر في الإسلام يوم واحد يحرم فيه الصيام لا أيام، ووصل الصيام بعده يساعد أصحاب الأعمال المهنية الشاقة والموظفين الذين يتداركون إجازة العيد فيصومون الست من شوال تباعًا موصولة بعد يوم العيد مباشرة رجاء ثواب صيام الدهر كله، وهو عمل حسن أرجو أن يثيبهم الله عليه خير الثواب.

لكن هناك من يغالي في ذلك ويعيب على من يفطر، بل قال لي أحد الزملاء أنه دخل سوبر ماركت فوجد العمال هناك يعيبون على زميل لهم فطره أيام الست، بل والأكبر من ذلك أن بعض الزملاء ذهبوا أيام الست الأول من شوال إلى أحدى المدن في زيارة صديق فهم مسافرين ومفطرين عطشوا فرأوا أمامهم سقاية ماء فشربوا فتجمهر عليهم بعض سفهاء تلك المدينة وأطفالها يعيروهم بل ويقذفهم الأطفال والسفهاء بالحجارة لكونهم خالفوا عادة أهل تلك البلدة، والأشنع أن هؤلاء السفهاء عندما روجعوا قالوا: أن على هؤلاء أن يحترموا مشاعر وعادات أهل هذه المدينة وهنا:

• لا بدَّ أن نفرق بين العادات والعبادات. ولا نرتفع بالعادات فنجعلها دين.

• ولا بد أن نفرق بين الفرائض والسنن والمستحبات. فالفريضة يثاب فاعلها المسلم ويعاقب على تركها، وللإمام أن يعزر من يتهاون فيها لا لعامة الناس، أما المستحبات والسنن والنوافل فإن فاعلها المسلم يثاب، لكن من تركها لا يعاقب، ناهيك أن يعزر أو يسلط عليه الأطفال ليعيروه.

• ولا بد أن نعلم أن للمسافر أحكام ورخصًا في الصلاة والصيام فنراعيها.

• وصيام الست من شوال تجوز على الفور أو على التراخي خلال الشهر، مفرقة أو متتالية، ولو أن أحدًا صام كل اثنين وخميس خلال ثلاثة أسابيع من الشهر لجمع بين سنتي صيام فيكون حسنًا، ومن لا يريد أن يصومها أبدًا فهو وشأنه لا شيء عليه ففي حديث طَلْحَةَ بن عُبَيْد الله رضي الله عنه قال: جاءَ رجلٌ إِلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من أهل نجْدٍ ثائرُ الرأسِ يُسْمَعُ دوِيُّ صوتِهِ ولا يُفْقَهُ ما يقول، حتى دنا فإِذا هو يسأَل عن الإسلام؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ) فقال: هل عليّ غيرُها؟ قال: (لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وصيامُ رمضانَ) قال: هل عليّ غيره؟ قال: (لا إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ) قال، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاةَ قال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: (لا إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ) قال فأَدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أَنْقصُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ)[متفق عليه] فلا مشاحاة أو خصومة في نافلة قال فيها العلماء قولهم في مسألة أدائها على التوالي أو متفرقة، على الفور أو على التراخي فَلِمَ التعصب يا ترى، إلا أن يكون ذلك نزغٌ من الشيطان: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت: 36].

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص