( تحويل القبلة ) خطبة جمعة للأستاذ / عبدالله علي جود

الحمد لله رب العالمين ...

أيها الأخوة المؤمنون : حديثنا اليوم حول حدث من أحداث التاريخ الإسلامي ومن أحداث السيرة النبوية حدث وقع في مثل هذا الشهر شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة . ما هو ذلكم الحدث يا ترى؟ إنه حادث تحويل القبلة .. ولماذا الحديث عن تحويل القبلة وما يفيدنا ذلك ؟ نتحدث حوله لأن فيه دروسا وعبر لان فيه عظات ولفتات رائعة فما الذي حصل في هذا الأمر ؟ لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يتجه في الصلاة إلى الكعبة وبعد الهجرة توجه إلى بيت القدس بأمر الله تعالى .. وكان رسول الله صلى اله عليه وسلم يحب أن يصرف الله وجهه إلى البيت الحرام حيث كان بيت المقدس قبلة اليهود وورد أنه قال لجبريل ( وددت أن يصرف الله وجهي عن قبلة اليهود ) فجعل يقلب وجهه في السماء دون أن ينطق لسانه بشيئ أدب مع الله تعالى ورجاء توجيهه بما يرضى .. فنزل القرآن يستجيب لما في صدر رسول الله (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون )

 وجهه إلى القبلة التي يتمناها الى البيت الحرام قبلة إبراهيم ..

أيها المؤمنون:  قد كان لله في هذا الحدث حكم جليلة ودروس عظيمة أراد من خلالها تربية الجماعة المسلمة وتمييز الصف المسلم ، ونقف عند بعض تلك الحكم والمعاني لهذا الحدث :

أولاً : إعطاء الشخصية المسلمة استقلاليتها وتميزها عن غيرها لاسيما في العبادة أراد للمسلم أن يتميز عن غيره ويستقل بشخصيته في جميع أحواله في تصوراته واعتقاده تميزه في سلوكه وعبادته فلا يتشبه بغيره فهذه الأمة أمة متميزة هي أمة الوسط من هنا ذكر القرآن الوسطية ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) وسط في كل شي في الاعتقاد في التعبد في الأخلاق في السلوك في التشريع حتى القبلة يقول عنها العلماء والباحثون اليوم إن الكعبة البيت الحرام وسط العالم وسط الدائرة ومركز الدائرة .

ثانياً : الابتلاء والتمحيص للصف المسلم ، تخليص القلوب لله وحده .. وقد أشارات الآيات إلى هذا المعنى قول الله ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ..)  أراد الله من هذا الحدث أن يبتلى عبادة ويمحصهم ويخلصهم من كل شائبة ليرى من يتبع الرسول لأنه رسول الله ومن يتبعه لأنه بقي على قبلته الأولى المسجد الحرام

فالله أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يتجه نحو بيت المقدس لأن بعضاً ممن اتبعوه في البداية لم يتبعوه الا عصبية للبيت الحرام الذي يعتبرونه بيت العرب المقدس فأراد الله أن يخلص القلوب من هذا الأمر حتى يكون الأتباع خالصاً لله وحده لا شريك له . فلما استسلم المؤمنون وخلصت قلوبهم من فكرة بيت العرب المقدس ومن رواسب وعصبيات الجاهلية وتربت النفوس جاء التوجيه بالعودة والتوجه إلى البيت الحرام  لأن الله أمر وليس لشئ آخر .. فما أحوجنا أن نتفقد قلوبنا أن نتفقد نياتنا هل فيها شي مما سواء الله .. هل تتعلق هذا القلوب بالله وبثوابه أم بأشياء أخرى فان الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً له وحده سبحانه . ..

ثالثا .. أن أعداء الإسلام والدعوة يتربصون  بها وبالمسلمين .. ويغتنمون كل فرصة للنيل من الإسلام والمسلمين .. وفي هذا الحدث أثار اليهود في المدينة ضجة قوية لبث سمومهم ودسائسهم وإطلاق ألسنتهم بالشبهات والشائعات كما هو دأبهم في كل فرصة .. لكن في نهاية الأمر يعود هذا الحكم والمكر والكيد عليهم .. فماذا عملوا في هذه المرة ، فقد كان توجه الرسول إلى بيت المقدس والذي قبله اليهود أن جعلهم يغتنمون الفرصة يجعلوها ذريعة لاستكبارهم عن الدخول في الإسلام فأطلقوا ألسنتهم بأن توجه محمد إلى قبلتهم في الصلاة دليل على أن دينهم هو الدين وقبلتهم هي القبلة وأنهم هم الأصل فما نزل الأمر بالتوجه إلى البيت الحرام انطلقت أفواه اليهود وقد عز في نفوسهم أن يتحول رسول الله عن قبلتهم ويفقدوا الحجة التي كانوا يعتمدون عليها فانطلقت ألسنتهم تبث الشكوك في صفوف المسلمين وقالوا لهم إن كان التوجه فيما مضى باطلاً فقد ضاعت صلاتكم طوال تلك الفترة وإن كان حقاً فالتوجه الجديد باطلاً  .

ولكن الله أبطل كيدهم ورد شبههم وأثلج صدور المؤمنين حيث نزلت الآيات تفضحهم وترد كيدهم حيث قال الله ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كان عليها قبل المشرق ... )الأمر كله لله .. هو سبحانه من حقه أن يخصص لعباده ما يريد (يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم) وقد هدى هذه الأمة إلى أحسن وأفضل الأماكن أول بيت وضع للناس ليتجهوا إليه وليكونوا متعلقين بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ونزل أيضاً ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) الذين صلوا قبل ذلك نحو بيت المقدس لم تضع صلاتهم ، صلاتهم كانت صحيحة وفي وقتها ولو صلوا بعد هذه الآية إلى بيت المقدس لبطلت صلاتهم لأن كل حكم صحيح في وقته .

 هكذا يعمل أعداء الإسلام لا يكادون يجدون فرصة الا اغتنموها فلنحذر كيدهم ونحذر الانجرار إلى الشائعات والشبهات فهي من كيد الأعداء أسال الله أن يردنا إليه رد جميل.. أقول ما تسمعون ..

الخطبة الثانية :

أيها المؤمنون : وما دمنا نتحدث عن التميز وأن هذه الأمة لا بد أن تكون متميزة عن غيرها ، فإننا سنتطرق في هذا الخطبة إلى بعض القضايا المتعلقة بواقعنا المحلي والتي نرى أنه لا تمت إلى التميز لا من قريب ولا من بعيد بل ربما تدل على شي من التخلف ومن هذه القضايا .

أولاً : ظاهرة إطلاق الرصاص في الأعراس التي انتشرت مؤخراً وهي ظاهرة وعادة دخيلة على مجتمعنا المحلي داخل مدينة سيئون ، إطلاق للرصاص في أي وقت ، بل حتى في ساعة متأخرة من الليل . هذا الأمر الذي أقلق السكينة العامة للبلد ، وروع الآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ ، وأزعج المرضى الذي هم بأمس الحاجة إلى الهدوء ، ثم ماذا يستفيد ذلك الشخص الذي يقوم بإطلاق الرصاص في الهواء من عمله ذلك ، غير إزعاج أهله وجيرانه وهذه من الأمور التي حرمها الإسلام ونهى عنها . ثم إن هذا الفعل لا يدل من قريب ولا من بعيد على شجاعة ولا على رجولة وإنما يدل على عقليات متخلفة وفاعله لا يكسب إلا سخط الناس ومقتهم بل ربما يتحول الفرح إلى حزن ، بسبب رصاصة طائشة تتسبب في قتل إنسان برئ ، فهل يعود هؤلاء إلى رشدهم ، وهل تستطيع الجهات الرسمية أن تضع حداً لذلك ..

ثانيا ظاهر المياه السائبة وطفح المجاري الذي انتشر في الأيام الماضية حتى في شوارعنا الرئيسة وأسواقنا ، بلاليع تطفح ومياه وسخه تسيل هنا وهناك ما الذي حدث في هذه البلد أين المسئولون ؟ أي النظافة ؟ إذا كان هناك مشكلة فينبغي الإسراع في حلها المواطن يتساءل يدفع رسوم النظافة في كل فاتورة ثم إذا به يرى شوارعه مليئة بالأوساخ والنجاسات . فالإسلام حثنا على النظافة فقال صلى الله عليه وسلم : ان الله نظيف يحب النظافة ، جواد يحب الجود ، كريم يحب الكرم , طيب يحب الطيب فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود " . فما بالنا اليوم  نرى الأمور قد انعكست فأصبحت شوارعنا وسخة بينما شوارع اليهود والنصارى أكثر نظافة .

إن هذه الأوساخ التي تؤذي المارة بروائحها فهي كذلك تعتبر نجاسات تنجس أجسام المارة من الناس وتنجس ملابسهم كما انها تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة لما تسببه من انتشار الحشرات والأمراض.

 

ثالثاً :

إنطفاءات التيار الكهربائي الذي زاد عند حده ، مما تسبب في مضايقة الناس وخاصة منهم المرضى والمسنين والأطفال في نومهم وراحتهم وتضايق كثير من الناس في أعمالهم التي تعتمد على الكهرباء ، إنطفاءات متكررة أحياناً في اليوم الواحد أكثر من مرة ولا توضيح من مؤسسة الكهرباء عن أسباب هذا الانقطاعات بل أحياناً ينقطع التيار الكهربائي ثلاث مرات أو أكثر في فترة زمنية لا تتجاوز النصف ساعة مما يجعل الأجهزة الكهربائية عرضة للتلف ونحن هذه الأيام في اشد أيام السنة من حيث ارتفاع درجة الحرارة ، وقادمون على شهر رمضان المبارك فهل ستستمر هذه المشكلة وهل نأمل من القائمين على الكهرباء أن يعجلوا بإصلاحها .

هذه هموم وقضايا يعاني منها الناس فهل نأمل من المسئولين على هذا البلد أن يستشعروا  المسؤولية وعظم الأمانة الملقاة على عاتقهم وأنهم في الأساس خداماً لهذا الشعب فيتحركوا ويستنفروا كافة  الجهود لحل هذه المشاكل قبل حلول شهر رمضان  .. وصلوا وسلموا              

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص