أفكار.. ما بعد قَطْع التيّار


عندما ييأس الناس من إصلاح الوضع الراهن، ولا يرون في الواقع المعيش بصيص أمل، فلا يلامون على ما يتكلمون به أو يكتبونه في صفحات التواصل الاجتماعي أو يتحدثون به في مجالسهم وأسواقهم، أو يفعلونه في شوارعهم فالأمر أضحى فوق المستطاع.

بدأت نُذُر الانطفاءات المتكررة للتيار الكهربائي بالظهور، وتسارعت المصادر بمؤسسة الكهرباء لتبرئ ساحتها بتقديم التوضيحات والأعذار سواءً اقتنع بها المواطن أم لم يقتنع، منها توقف تزويد المحافظة بالمازوت من قبل الحكومة ..

 حينما أسمع أصوات المواطير تتردد على مسامعي تطير النفس حلماً بتيار ضئيل لو يملكه الجميع.. لكن الفقر ضارب أطنابه بين الكثير .. وأصحاب المواطير قليل ما هم، ثم أصحو من حلمي على أزيز جيوش الذباب المتطاير.. كم أتمنى أن يوجد سمٌّ للفاسدين كما هو للذباب المؤذي!!

ثمة إشكاليات واضحة ستطفو على السطح في قادم الأيام تتمثل في تدهور التوليد واستمرار تلاشي الطاقة وتلك هي خلاصة التصريحات.
نفض الكل أياديهم مما سيحصل في القريب العاجل، لا أحد يتكلم، لا أحد يفعل شيئاً، بل شعارهم: ( دعه يمر، دعه يعربد، دعه يفسد ).

 البطاريات الكهربائية، الماطور الكهربائي، والمروحة الهوائية ذات البطارية القابلة للتعبئة، ومصباح النور ذو التعبئة أصبحت جميعها الصديق الدائم للبيت المقتدر، لكن الفقير لا عزاء له إلا أضواء الشموع وساعات اللصي القليلة، حتى الشموع قد لا تجدها هذه الأيام. فصبرٌ جميل.

 ذكريات مريرة ودموع حرّى وعرق هاطل لما صار إليه حالنا ، والصعوبات التي نلاقيها في ظل انقطاع الكهرباء، وربما يأتي اليوم الذي تعتذر فيه سلطة المحافظة على عدم قدرتها على استمرار خدمة الكهرباء، فيومئذ لا يمكن لنا إلا أن نصدقها فيما تزعم.

 الناس البسطاء صابرون على الظلم، ومهما أصدر المسئولون المنشورات المعتذرة، فالأمور على ما هي عليه، لاشيء سيتغير، ولو توفر المازوت وتغير الجو وتقلصت الأحمال، وازداد الربط العشوائي بعلاقة طردية أو عكسية، لا يهم فلن يتغير شيء ما دامت الوجوه هي الوجوه، والفساد يضرب بأطنابه في مؤسساتنا الحكومية حيث لا حكومة تحكم غير أرباب التحكم.

 سلطة لا تستطيع اتخاذ قرارات صارمة من أجل مواطنيها الذين يمرون بأحلك الظروف في مجال الخدمات، وتتجاهل صرخاتهم وضيقهم المكتوم هي سلطة من الجحوش البلهاء لا تستحق أن تحكم ولو بمقدار ظل عود.

أصبحت الكهرباء القضية الأبرز التي نالت اهتمام وهاجس المواطن في محافظة حضرموت عامة والساحل بصفة خاصة، ونظراً لوضعها المؤرق تفاعلت معها معظم الفعاليات الاجتماعية على المجالس الخاصة والمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي وأمست ديدن الجميع، ولا يمكن أن ينعموا براحة إلا بإغلاق ملف الكهرباء.

 مع هذه المعمعة الكبيرة وغياب الحقيقة من الزيف صار المواطن في حضرموت هو الضحية الأولى والأخيرة في محرقة الفساد المستشري، فيا ترى من سيبيّن أو سيكشف الأيدي المتسببة في إشعال نار المعاناة للمواطن الحضرمي في مصيبة الكهرباء ومصائب أخرى؟؟

 لن نستطرد في إثبات ما يزعم البسطاء السذج من الفساد بقدر ما يستدلّ العقلاء أن ما يصيبنا من تنكيل وعذاب في الخدمات التي تقدم لنا كشعب بائس يدلّ دلالة قاطعة أن الفساد لا يزال يتغلغل، ولا عجب ما دامت الوجوه هي الوجوه، وهكذا يتم الضحك علينا عاماً بعد عام.

 طفح الكيل أيها الأفاضل وبلغ السيل الزبى .. لمَ لا نتحرك بأسرع وقت ؟ ، فلطالما صبرنا وصبرنا وتغاضينا.. لكن ماذا كانت النتيجة .. لقد كانت مزيداً من الاحتقار والتجاهل والظلم.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص