من قَصَصِ الدَّان ومساجلاته (٤)

 

في هذه الحلقة سيحطُّ برنامجُنا رحالَهُ في منطقة (الغُرفة) تلك المنطقة التي تقع في الجهة الغربية من مدينة سيئون وتبعد عن (سيئون) بحوالي ٦ كيلو مترات .

ترتبط منطقة (الغرفة) منذ القِدَم بالفن والشّعر والشّعراء فإليها تعود تسمية رقصة الزربادي نسبةً إلى أسرة (آل زربادي) من ساكني تلك المنطقة ، فهي تزخرُ بالعديد من الشُّعراء من أمثال الشّاعر عيدروس بن عمر الحبشي وخميس بن سالم كندي وسليمان بن علي بن عون الكثيري ومبارك بن سالم الكُربي ويسلم شعران (البُرْعي) وسالم عوض موسى مرورا بالزّميل سعيد عمر محروس (رحمهم الله جميعاً) ومن شعرائها الأحياء الأستاذ عبدالقادر عبدالرحمن باجمّال والشّاعر صالح مبارك بن حُميد (أطال الله في عُمرهما) ، كما لاننسى الشَّاعرَين سعيد دحمان جوبان وعمر محمد باعبّاد (رحمهما الله) اللذانِ سنتناولُ قصيدتهما في هذه الحلقة .

فالشّاعر المرحوم سعيد دحمان جوبان شاعرٌ متمكِّن ولد بمدينة الغرفة ومات بها في ثمانينيّات القرن الماضي عن عُمرً ناهز ٧٥ عاماً.

عاصر الشّاعر سعيد دحمان الكثير من شعراء عصره وكان يقول الشّعر حتى في ساعات متأخرة من اللّيل فعندما يسمعُ جيرانُه صوتَه وهو يعتلي سطح بيته لقول الشّعر يعرفون أن (حليلة) سعيد دحمان جوبان قد جاءت وأيقظته من نومه لقول الشّعر .

لقد شكى الشّاعر المرحوم سعيد دحمان جوبان ذات يوم ما وصلَ إليه حال الدّان بعد أن بحثَ عنه ولم يجدهُ بعد عصور إزدهاره وراحَ يرثي في قصيدته الدّانَ وأيّامَه بل وصلَ به الحد أن طلب من الحلائل (جمع حليلة) أن تنعي وفاة ذلك المرحوم وهو (الدّان) وترتِّب على روحه فاتحة كتاب الله .

لقد رثى الشّاعرُ المرحوم سعيد دحمان جوبان الدَّانَ بهذه القصيدة المتشائمة فقال :

ذا فصل يَهل (الدِّيس) و(البَقرين)
و(شرج باسالم) وحلّان (المكلا)
و(الشّحر) هي و(شحير) واعبر (صِيف) و(الهجرين)
و(حجر بن دغَّار) وادخل (وادي العين)

با تَعقَلون !!! ، (الدَّان) راح افيين؟
وفيين بَت؟ وفيين من ذي الأرض ولَّى؟
ما هي سَنه عَبرَت على السَّالي ولا سَنتين
خَلّى الحلايل وحدهن في الشّعر يبكين

عادك تخبَّر حَد قدا (البحرين)
والّا قدا (بندر عدن) حول (المعلّا)
والا دُخُل حيت المناوِر في الغُبَب يصرين
وان ما لحِقتُه ، صح بصوتك بين حيدين!

صورته شَلّوها إلى (برلين)
مكتوب عَ الصوره (سلام أهلاً وسهلا)
في كل مجلِس قال شاعر يُذْكَر ألّا الزَّين
يا الموت ما تِرثى تشِل الزّين والشّين!

قُل للحلايل في الجبل عازَين
ورِتّبُوا له فاتحه وسط (المعلّا)
من قال : مات الدّان حُسفه! . قُلت : يهوين
أيّام زامُه قد طَرَح عَ الفنّ فنّين

(سيئون) خُصُّوها سلام الفين
يرتاح في (سيئون) من بيَّت وضلَّى
يمشي على كيفه . ولا واحد يقول : امنين؟
يحيي القلوب السّاليه لا مُتن يحيين

وصلت أبيات تلك القصيدة إلى أسماع الشّاعر عمر محمد باعبَّاد (رحمه الله) فجاءت أبياتُ قصيدته بنظرةٍ متفائلةٍ لمنزلة الدّان وما وصلَ إليه من مكانةٍ عالية ردّاً على أبيات قصيدة الشّاعر المرحوم سعيد دحمان جوبان ويؤكِّدُ فيها الشّاعر المرحوم عمر محمد باعبّاد (أبو نبيل) أن الدّان لم يمُتْ بعد ، وأنّه ما زالَ باقياً وشامخاً ما بقِيَ هناك شعراء ومغنّون كأمثال الشّاعر الكبير حسين بن أبي المحضار ومغنّي الدّان عبدالله أحمد محروس (بوعابد) تحِنُّ أصواتهم وهم يتسامرونَ في لياليهم على نغمات الدّان وينتَشونَ بألحانهِ العذبة وقال :

قال الفتى : نِحمدُه ماشي دَين
ودايماً بالدَّان يا قلبي تسلّا
ذلّا سمعت إنّ الحلايل قُمن بايِرثين
عَ الدّان لي قالوا لِحِد ما بين قبرين

لا يالحلايل حيتكِن تَمِّين
ما مات صوت الدَّان لا حاشا وكلَّا
ما دام (بو عابد) يحِن تحسبُه بو مَقصين
وعاد معنا في الوَسَل الشّاعر (حسين)

لِقلوب لك يالدَّان كم حَنّين
قلبي إذا غنّى المُغنّي طار علّا
لو قَلّدوا بابك . لزوماً با فتَح بابين
غَنّ يالمُغنّي والعنَق سَعفَك يقُوقَين

(سيئون) كلّ اسبوع يوم (اثنين)
البدر فيها يا صحابي قد تجلّى
ماهي لمن خَبخَب وجمَّع له قَدَر قرشين
ذلّا لمن يطعَن بقُصبي أمّ حَدّين

والعفو من أخطاء في السَّطرين
ما شي نَفَس في الفصل . فِيرُه قد تملّأ
ما بيننا (الأحزاب) يا صاحب ولا (صَفّين)
وعلى سبيل البَسْط بس ما بيننا البَين

* أُذِيعَت هذه القصَّة في الحلقة السادسة من برنامج (الدَّان الحضرمي .. تراثاً عالمياً) عبر أثير إذاعة سيئون ظهر يوم الأربعاء ٩ أكتوبر ٢٠١٩م.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص