الثلاثين من نوفمبر.. حلم الحرية والوحدة

ليس هناك ما هو أعظم من لحظات الشعور بالحرية، شعور الانعتاق من التسلط والقهر والعبودية، كان يوم الثلاثين من نوفمبر من العام 1967 يوماً مختلفاً في جنوب اليمن، تنفس أبناء الجنوب الصعداء بتحرير أرضهم من الاستعمار البريطاني بعد احتلال دام 129 عاماً. رقصوا في شوارع عدن، ومدن الجنوب والشمال وفي المهاجر، هتفوا بانتصار الثورة في الوقت الذي كان قادة الجبهة القومية يعلنون عن قيام الدولة الوطنية الجديدة في جنوب اليمن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، الديمقراطية فيما بعد.

 

حلم التحرير كان ممهوراً بأمل التغيير والتقدم الاجتماعي والوحدة، كانت الوحدة قبلة القادة المناضلين جزءاً أصيلاً في تفكيرهم وفي عقيدتهم الوطنية، وكان فكر التنوير والمساواة قد تملك عقولهم، متأثرين بقيم مرحلة النهوض القومي العربي، واحتدام المواجهة مع العدو الصهيوني ومن خلفه أعداء الأمة، إلى حدٍ ربما خرج بها عن مألوف القول والفعل ككل حركة نهوض كبرى في التاريخ حتى تنضج وتتخلص من شططها، واليمن ليست بعيدة عن تلك الحالة، لكن الاستقلال في النهاية صنع واقعاً جديداً منسجماً وروح العصر، وحدد مسار التاريخ اللاحق لليمن الكبير.

 

خاض شعبنا اليمني معركة التحرير بصبر وجلد وتضحيات جسيمة، كان لبوزة عائداً من معركة الجمهورية في الشمال، وكان عبود يسابق للشهادة مدرم، قاتل أبناء اليمن كله في صفوف ثورة أكتوبر، وصنعوا بوحدتهم وتمسكهم بهويتهم اليمنية انتصاراً غيّر من واقع الحياة في اليمن وفي المحيط الإقليمي والدولي، ووضعها على طريق من الأمل والتطلع لمستقبل أفضل، لكن طريق الحرية والاستقلال وبناء الدولة على أنقاض الكيانات المحلية لم يكن مفروشاً بالورود، بل كان مساراً صعباً ومثقلاً بالماضي، ماضي التخلف والتشرذم والانقسام، ومتأثراً بالحاضر حاضر الصراع الإقليمي والدولي،

 

فتحية لثوار أكتوبر صناع الثلاثين من نوفمبر المجيد، تحية لقادة التحرير فدائي الجبهة القومية وجبهة التحرير، الذئاب الحمر، القادمون من جبال ردفان الشماء، ومن كل جبال وسهول وصحاري اليمن، حاملي راية الحرية والوحدة والديمقراطية، ثواراً عشقوا الحرية، وكان اليمن الكبير حلمهم، غايتهم النبيلة والمقدسة عند الغالبية الساحقة منهم، فما غيروا وما بدلوا وما أضعفت الصعوبات والعوائق بل والأهوال من عزيمتهم، وما كسر العنف الاستعماري من إرادتهم، كانوا نموذجاً للمقاتل العربي الثائر الحالم بوطن مختلف، وعصر عربي جديد، وجنة على الأرض.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص