رسالة من 14 أكتوبر إلى دعاة الانفصال ..

 

يكابر دعاة الانفصال حين يمضون في فرض رؤية جديدة للعلاقة بين ما كان يُعرف قبل عقود ثلاثة بشمال اليمن وجنوبه، علاقة تقوم على الضدية والصراع، وهي علاقة دون شك تتنكّر للجغرافيا وللتاريخ ولكل المعطيات الإنسانية التي أنتجتها الحضارات المتتالية على مسرح هذه الأرض الطيبة.


لقد أثبتت الأحداث الجسام التي توالت عبر حقب التاريخ المختلفة على هذه الأرض واحدية الأرض وواحدية المصير وواحدية المحشر والمنشر، كما أثبت التاريخ ـ والتاريخ لا يكذب ـ بأن عهود التقسيم على قلتها لم تكن غير حالات طارئة أفرزتها فترات ضعف لا تساوي في مجملها عشر معشار عمر الحضارة في هذا البلد الميمون.


ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة واحدة من هذه الأحداث التي أكدت على واحدية اليمن شماله وجنوبه وقدمت نماذج واضحة في هذا الأمر لا تقبل التشكيك والتكذيب، ولو أن دعاة الإنفصال أنصتوا مليا لهذه الثورة لذكرتهم بلسان عربي مبين بقوافل الثوار الذين قدموا من الشمال لمقاومة الاستعمار البريطاني ورووا بدمائهم تراب اليمن في المنصورة والشيخ عثمان والمعلا وغيرها، وما عبود الشرعبي إلا واحد من هؤلاء.


ولذكرتهم بأن راجح بن غالب لبوزة الذي يمثل الشرارة الأولى لثورة أكتوبر كان ورفاقه في السلاح من الطلائع الأولى التي ناصرت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وأنه وصل في الأيام الأولى للثورة إلى مدينة إب في خمسة وثلاثين مقاتلاتلقوا تدريبا سريعا ثم اتجهوا إلى مدينة الحديدة ومنها إلى بلدة المحابشة في محافظة حجة مشاركين الجيش الجمهوري في مطاردة فلول الملكية.


ولذكرتهم بأن قحطان الشعبي أول رئيس لما كان يعرف باليمن الجنوبي بعد الاستقلال عاد آلى صنعاء في الأيام الأولى لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وقد عينه الرئيس عبدالله السلال مستشارا له لشئون الوحدة اليمنية حيث استطاع من خلال هذا المنصب مد جسور متينة للتواصل بين القيادة السياسية في صنعاء وبين الثوار في عدن ولحج والضالع وغيرها.


ولذكّرتهم بأن الرئيس سالم ربيع علي وفيصل الشعبي وعلي شائع هادي وعلي ناصر عنتر احتضنتهم مدينة تعز أثناء هروبهم من سلطات الاحتلال، وتلقوا فيها عددا من الدورات العسكرية.


ولذكرتهم بأن المقر المركزي للجبهة القومية التي تبنت الكفاح المسلح ضد بريطانيا كان في مدينة تعز، ثم انتقل فيما بعد إلى مدينة عدن.


ولذكّرتهم بأن قوافل النازحين الهاربين من جحيم الصراع من المناطق الجنوبية استقبلهم أهلهم في الشمال وفتحوا لهم بيوتهم وقاسموهم لقمة العيش فعاشوا حياتهم الطبيعية جزء من النسيج الاجتماعي ومارسوا التجارة وتولوا مناصب عليا في الدولة.


ولذكرتهم بأن اليمن الواحد باق مهما حاول دعاة الفتن وأرباب البراميل النيل منه، وأن كل دعوة إلى تمزيق اليمن مصيرها الزوال.. ليس إلا.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص