(بسقة الخريف) للأستاذ كرامه بامؤمن ..نخيل حضرموت يعانق أشجار غوطة دمشق

حضرموت اليوم/تريم / صالح عصبان 
الأستاذ كرامه مبارك سليمان با مؤمن ، الخبيرالتربوي  ،ينقلنا عبر كتابه (بسقة الخريف) في رحلة تتجاوز نصف القرن، السيارة ( اللوري) تنتزع الصبي (كرامة)، ذو الثلاث عشرة عاما من بين أحضان النخيل في وادي حضرموت، إلى ساحلها حيث البحر ، لم يجد رفاق رحلته - خريجي مدرسة جمعية الأخوة بتريم -  في المكلا، فغادر وحيدا بواسطة قارب إلى عدن ، لتتوالى عليه المفاجآت ، حيث لم يجد مكانا في السفينة المتجهة إلى بيروت،فسافر في سطحها لطلب العلم في بلاد الشام، وتمضي السنين ، ويعود خريج جامعة دمشق حاملا أملا وعلما ، ويبدأ رحلة ( البسق) - والبسق عند المزارع الحضرمي تعني جني بواكيرالرطب ، وهي مهمة ليست سهلة ، حيث تحتاج إلى دراية وخبرة حتى لا يحصل ضرر في التمر- لقد بدأت ثمار سنوات الدراسة بتعيينه معلما وانتهت به مديرا للمكتب الفني بوزارة التربية والتعليم بدرجة نائب وزير،ثم عين مستشارا تربويا.

 يقدم لنا خلال هذه الرحلة أطباقا من التمر الحضرمي ،حيث بدأت رحلة العلم عام 1947م لتستمر ثلاث عشرة عاما، أما رحلة العمل فبدايتها المدرسة الوسطى بالغيل فمديرا لأول ثانوية بحضرموت وعميدا لكلية المعلمين الوسطى ثم قائما بأعمال ناظر المعارف، وكان من الرواد الأوائل في الجهاز التربوي في جنوب اليمن وتقلد مناصب تربوية كبيرة بعد تحقيق الوحدة اليمنية.

 والكتاب لا يوثق للسيرة الذاتية ، بل هو شهادات على التغيرات السياسية والتقلبات الفكرية والتحولات في بنية المجتمع وثقافته،فهو معاصر للسنوات التي سبقت رحيل الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن ، وتنامي الحركة الوطنية،و سقوط السلطنات،وفيه خلاصة تجربة من البحث والتحليل لعدد من القضايا، وفي مقدمتها الشأن التربوي الذي ظل هاجسه حتى بعد إحالته إلى التقاعد ،وشارك في صنع كثير من القرارات التربوية، تشرف بعضوية كثيرمن الوفود الممثلة لجمهورية اليمن الديمقراطية سابقا، ولجان توحيد مناهج شطري اليمن، واحتوى الكتاب بالإضافة إلى السيرة الذاتية أبحاثا عن المناهج والمعلم،تتبع فيها مكامن الخلل، مقدما الحلول، ومن ذلك المطالبة بوثيقة لإصلاح العملية التربوية والتعليمية، التي يجب أن يكون من أهدافها الارتفاع بمستوى المواطن اليمني ليكون سلاحه العلم ، به يتقدم وبواسطته يتحصن،على أن :(تلبي – الوثيقة - مطالب الإنسان اليمني ليصمد أمام عبث المخربين في الداخل وليقف في وجه تيارات الغزو الفكري الغربي والصهيوني، بترسيخ عقيد الإيمان الجهادية والمتسامحة)، وفي أبحاث أخرى نراه حريصا على الدفاع عن الإسلام ضد خصومه، ففي بحث بعنوان( العنصرية الغربية في مواجهة الإسلام)، يفضح أساليب الأعداء من خلال تفنيد خططهم وكيدهم ، ويقررأن لا سبيل للنصر والعزة إلا بالتمسك بالإسلام فيقول :( إن الإرهاب العالمي اليوم الذي تقوده العنصرية الغربية بقطبيه اليهودي والمسيحي يضع المسلمين كافة على عتبة عهد جديد، إما التوحيد والنهوض وإما البقاء في أوحال الذل والمهانة)،وهو المصلح الاجتماعي حيث اهتم بقضايا مجتمعه في وقت مبكر، ففي مقال نشره في الصحافة الحضرمية عام 1960م بعنوان ( صاحب الخاتم على المشرحة)،شن هجوما على الخرافة المتمثلة في انتشار الشعوذة وأكل أموال الناس بالباطل ، ويعد هذا مخالفا لعقيدة الإسلام وطالب بتصفيتها من تلك الطفيليات.

 وفي العمل الوطني أسس مع آخرين عددا من الجمعيات والمؤسسات الوطنية وشارك في المجلس المحلي بتريم في عام 1424هـ /2001م،وكان ناصحا ومثابرا من أجل تطوير هذه التجربة من خلال الاقتراحات العملية التي قدمها لتحسين أوضاع المديرية،ونصرة المظلومين وفضح الفساد في قضايا الأرض والوظيفة العامة ، وكان جريئا في طرحه مما اضطره إلى الاستقالة من المجلس .

 والكتاب ملئ بالتوثيق لفترات مختلفة، وإحصائيات عن التعليم في وادي حضرموت وجهد علمي يدل على علوالهمة وتقدير الأمانة، ولا يخلو الكتاب من فوائد للأجيال في تحمل المسؤلية والوقوف مع الحق دون مداهنة أوجبن.
صدر الكتاب في طبعته الأولى عام 2009م
والكتاب يباع في عدد من مكتبات تريم والمكلا .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص