مركز ابن عبيدالله السقاف يبحث تاريخ السقايات في وادي حضرموت

حضرموت اليوم / سيئون / خاص

السقايات في وادي حضرموت مرفق حيوي و إنساني هام منتشر منذ القدم في داخل المدن وأطرافها وعلى طرق السفر , ولها دلالات وأبعاد إنسانية ودينية و اجتماعية عميقة , كما أنها تعد من أهم مصادر الماثلة لتوثيق التراث والهوية الحضرمية حالياً , و علاوة على ذلك فأن لكثير من جيل أواخر القرن الماضي لهم العديد من الذكريات الحميمة مع هذه أو تلك السقاية , فقد كان دورها  مرتبط بمرافق و بطبيعة الحياة اليومية في عموم وادي حضرموت .

 

والسقاية كما وصفها الباحث الأستاذ حسن بن عيديد بن طه عيديد مديرعام المدن التاريخية بوادي حضرموت في محاضرته التي ألقاها في مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون , بعنوان ( السقايات في وادي حضرموت القيمة المعمارية والدلالات الاجتماعية  ) هي مبنى مستطيل الشكل إبعاده 2,86م × 1.82م ، ارتفاعها 2,48م  , وقد زينت أركان السقاية بزخارف متدرجة إلى أسفل وزخارف منشارية ، أما في أركان المبنى فقد خطت بخطوط حلزونية ، وبنيت قاعدة السقاية والحوض من الحجر ، ثم غطت الأحواض بقبتين بنيت من الطين المدعم بأعواد الخشب ، وهي من أشجار العلب( السدر ) ، وقد قسم حوض الماء من الداخل  إلى قسمين كل قسم غطي بقبة ، .كما دهنت  الواجهات ( بالنورة ـ الجير المحروق الأبيض ) وكتب على الواجهة خط عربي نصه ( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) مع كتابة تاريخ البناء وهو 1311هـ ،  وهي فترة حكم السلطان منصور بن غالب الكثيري في سيئون , كذلك نفذت بعض الزخارف البسيطة على القبتين ، عبارة عن خطوط  زجزاجية  في جسم القبة ممتدة من الشرق إلى الغرب ، ولها فتحتا بوابتان من الناحية الشمالية وهذا الوصف هو لسقاية مسجد السقاف حيث كان ماؤها يأتي من البئر الخاصة بالمسجد ، ولا زالت بقايا القناة التي يمر منها الماء ليصب في حوض السقاية.

 

و في محاور المحاضرة استعرض الباحث حسن عيديد العديد من الأدوار الهامة التي تلعبها السقاية ذلك الحين مع طبيعة الحياة والقيمة الأخلاقية فقد كان أهمية السقايات كما أهمية الماء للحياة , وعلى أهمية ذلك فهناك جوانب لا تقل أهمية عن ذلك فمثلا الورع وطهارة المال و دقة الاجتهاد في الموقع و نقى العمل خلال البناء و وقف الأوقاف اللازمة لاستمرارية السقاية أمد طويل , فهناك سقايات قائمة منذ مئات السنين تؤدي وظائفها على أكمل وجه إلى اليوم  و ذلك بفضل هذه المنظومة المتكاملة التي قل نظيرها اليوم .

 

ومن المعروف أن من طبيعة الإنسان الحضرمي تعلقه و حماسه للأعمال الخيرية النزيهة , فجميع هذه السقايات على كثرتها تمتلك أوقاف و أموال طائلة بددت أكثرها وعطلت مباني معظمها , وفي هذا تركزت المداخلات والتعقيبات حول إمكانية إعادة وظائف هذه المرافق ذات الطبع الديني والإنساني والجمال العمراني و كذا معرفة مصير هذه الأوقاف و الأموال .

 

المحاضرة شيقة و فوائدها متعددة  و وروابطها وثيقة بالقيم الدينية والإنسانية والعمارة الحضرمية من عدة جوانب بل أن هذا الكيان العمراني الصغير له دلالات وأبعاد تفوق حجمه بكثير  ماضيياً وحاضراً ومستقبلاً , المحاضرة وثيقة تاريخية هامة في كل ما يتعلق بالإنسان وقيمه وهويته .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص