في مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث و المجتمع (اليمن الذي نُريد)

حضرموت اليوم / سيئون / خاص

اليمن الذي نُريد ...! عنوان لقاء مفتوح أقامه مساء أمس مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث و المجتمع بمدينة سيؤون , ساهمت في نسيجه المحكم  كافة أطياف وشرائح مجتمع مديرية سيؤون , وبذلك يعد اللقاء شهادة جديدة لقيم وأعراف هذا المجتمع , ففي أجواء حضرمية حميمة  تم طرح هذا العنوان المثير الذي فرضه الواقع , كما وصفه البعض ممن حدد موقفه من الوحدة اليمنية  أو ما يربطه بها ,  في حين أن البعض  اعتبر اللقاء فرصة جيدة لتصحيح الأخطاء المتراكمة و استدراك بعض مما فات و ما شوه صورة الوحدة  اليمنية و العربية والإسلامية  التي  زرعت في الأذهان و يتطلع لها  الجميع منذ عقود .

و في هذا  التناقض بين أراء الطرفين  عقد هذا اللقاء الهام الذي  أثرته التباينات الواضحة  التي شخصت بموضوعية العديد من القضايا والهموم التي يعاني منها المواطن  في كل مناحي الحياة اليومية  , وما يشوش استقراره  ويهدد مستقبله و يلغي شخصيته  في ظروف هلامية  لا يستطيع عاقل أو حكيم التنبؤ  بأية نهاية لها أو حتى  تخيل شيئاً من ملامح ذلك المستقبل  الغامض .

        طروحات ومطالب وانتقادات حادة  وتوجهات متباينة  طرحها علماء  وطلاب علم وأكاديميين و مثقفين و أدباء  وعقلاء و أعيان  وطلاب جامعات  تمثل عموم المجتمع الحضرمي  المعروف بغيرته على  قيمه وموطنه و تلاحمه و وحدته  ..  كان ذلك بمثابة رسالة  هامة لمن يهمه أمر  الوطن و استمرار و تماسك الوحدة اليمنية  , فتجاهل  هذا الصوت  القوي ربما يسهم في تقويض  وتلاشي هذه الوحدة في النفوس والواقع  وتحولها إلى تقيض , فقد تنصل عن هذه الوحدة حتى من خطوا بنودها و وقوعوا على ميثاقها بالأيمان المغلطة .


وقد كان هذا اللقاء الهام بمثابة  فرصة لتدارس الواقع  وتشخيصه و محاولة معالجته  حيث برزت  من خلال ذلك العديد من  النقاط  الرئيسة التي لا يختلف فيها اثنان , فالشعور بالظلم والغبن و التهميش والإقصى  وعدم احترام  الخصوصية والتاريخ الإقليمي من قبل  السلطة المركزية والمحلية  وعبثية بعض الأحزاب , ومن أهم النقاط التي  تم طرحها  , أيضاً أكد البعض على أن ذلك ليس كل  شيء ولكن هذا أهم الأسباب التي بددت حماسهم  تجاه الوحدة و انصرافهم عن ذلك المشروع كما وصفه البعض  , ومن المواضيع المتعددة الطرح  أيضاَ هو كيفية معالجة الهيمنة الطاغية لبعض القبائل وعبثها الغير مسؤول بمصير البلاد و تعاملاها مع المواطن و البنية التحتية ومؤسسات الدولة وكأنها أملاك شخصية وفردية بلا منازع  , مما  كرس  واقع ضياع الحقوق الخاصة والعامة و حتى حقوق الإنسان  و كرامته .

كما أن تجاهل السلطة عمداً في بعض  الغالب لأعلام و رموز حضرموت من كل  الفئات  التي خلت  المنشآت العامة  والمؤسسات والشوارع الرئيسة من أسمائهم يثير حنق  الأحفاد  ويشعرهم بالغربة و أنهم  محتلون أو مواطنين من درجة دونية  , في حين أن الكثير من تلك الأسماء  تطلق على مواقع هامة في العديد من دول العالم .

أما القات الذي أعتبره الكثير شرا عظيما  و الذي جلب وروج له بطريقة تكتيكية برعاية  ودعم دولة الوحدة , أعتبره البعض بمثابة مشنقة  للأسرة الحضرمية قلب العديد من موازين قيمها وعاداتها و اقتصادها و نمط حياتها  الرفيع و  عمق الكثير من معانتها ,  مما أسهم  في وجود الجريمة التي لم  تكن بادية في عموم حضرموت  , كما أن ذلك كان من الممقوتات قبل الوحدة  , وعدم وجوده ذلك الحين يعد حسنة لذلك العهد .

        ومن الطروحات البارزة أيضاً  شخوص اختلاف الثقافات بين أبناء حضرموت وأبناء بعض المحافظات الأخرى مما تسبب في عدم الثقة في معظم التعاملات الحياتية وجعل التطبيع  بينهما أمر صعباً ما لم تعالج الدولة  بموضوعية الأسباب والخلفيات الثقافية و النفسية  والاقتصادية لذلك  .

        أما  الديموقراطية فقد أعتبرها البعض وهما لا وجود له في الواقع و أن  القبيلة و المحسوبية و القرب من  السلطة هي الفيصل في معظم الأمور  وبذلك ضاعت الحقوق الجلية  والكرامة  الإنسانية  والسيادة والخصوصية  وهذه آفات خطيرة لابد من معالجتها  بأي حال  .

ومما أجمع عليه  اللقاء  تردي واقع الأمن و التعليم  والصحة حيث وصف البعض  ذلك بالحضيض  بديهي أنه لا يمكن  لأي أمة النهوض ما لم تعي وتدرك  أهمية  ذلك المثلث  الرئيسي في الحياة اليومية  للعموم  , ولابد من تغيير هذا الواقع المزرى وتحقيق قفزات ملموسة في هذا الشأن تؤكد حسن النية و تثبت التغيير , على أن لا يكون ذلك على حساب الطموح و الخصوصية التي يطالب و يتمسك بها أبناء حضرموت  بحرص شديد ., فلابد أن تكون حجر الزاوية في كل إجراء .

كثيرة هي هموم هذا المجتمع  الكريم الذي يستحق أن يكون في مصاف الشعوب الرفيعة  بحكم تاريخه و سجاياه الرفيعة  ولكن هذا من  أبرز ما دار في هذا اللقاء الذي وجه العديد من الرسائل الهامة  للعديد من  الجهات  ومن أهمها  إلى المجتمع  نفسه على وجه الخصوص  بأن يعي ويدرك لما يجري ويدور حوله وما يراد به  من الداخل والخارج  ومن بعض ضعاف النفوس من بني جلدته  , وأن يتدارك ما أمكن بالتوعية  وهي الأساس ومعرفة  هويته التي هي صمام الأمان  الأول  وتقوية الانتماء لحضرموت  أولاً وقبل  أي شيء  وقراءة التاريخ لاستخراج العضة والعبر وإيجاد ما يسعفه لمعالجة الواقع  والنهوض والتطور  بما لا يمسخ هويتنا الأصيلة .


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص