إصدار جديد ( أوزان الشعر الشعبــي العامي وقوافيه ) للمؤلف جيلاني علوي الكـاف

حضرموت اليوم / سيئون / أحمد سعيد بزعل :     

صدر حديثا ًعن الهيئة العامة للكتاب كتاب (أوزان الشعر الشعبــي العامي وقوافيه) لمؤلفه الباحث والأديب والشاعر / جيلاني علوي الكاف حيث يعد الإصدار الخامس الذي يرى النور في سلسلة اهتمامه بالموروث والشعر والشعراء ، وقد جاء الكتاب في (448 ) صفحة من القطع المتوسط و تميز بإخراج فني رائع  ليضاف إلى المكتبة الأدبية و لكل عشاق ومتابعي الموروث الشعبي لحضرموت الثقافة والتاريخ الذي كتب مقدمته الدكتور/  عبدالقادر باعيسى ، حيث يقول باعيسى واصفا هذا الكتاب ( لاينتج كاتب كتابا في أوزان الشعر إلا بعد أن يكون قد أكثر من العودة إليه ، وتملاه ، بوصف موازين الشعر من الفنون التي تحتاج إلى تأمل يمتزج فيه الإدراك العلمي بالإدراك الجمالي ، وينطبقان ، مما يجعل الجمال هنا ضمن مساقات المحافظة على النمط أو النظام ، وهذا الكتاب يقوم على المقاييس التفعيلية والوزنية الخليلية ، فإذا أضيف إليه جمالية الدلالة من أبيات خاصة ينتقيها المؤلف حصل للمتلقي متعة قراءة علمية وجمالية في ثنايا العمل .

وإذا كانت أوزان الشعر العامي في حضرموت واليمن عموماً تجري في أجزاء واسعة منها على أوزان الشعر العربي الفصيح ، فلأن ذلك سير على الأصل ، والشعر العامي في جنوبي الجزيرة العربية ووسطها وشماليها هو الوريث الشرعي للشعر الجاهلي كما يرى جيمس مونرو، ولكنه ليس وريثاً مباشراً إذ حدثت به تغييرات بفاعلية التغير اللهجي والزمن على مستوى الألفاظ وبناء الجمل والدلالة ،فنتجت فيه تفاعيل خاصة ليست معروفة في أوزان الفصيح يكشفها هذا الكتاب بوصف أن علاقة الوزن بالألفاظ والجمل متطابقة تقريباً نظراً لمباطنته بناء القصائد ، فالوزن جزء من إمكانات الشعر الهادفة إلى التأثير في المستمع الذي يظل من خلال معاشرته للشعر العامي ودلالاته مفتقراً أكثر إلى معرفة هوية أوزانه ، ومعرفة تكنيكاتها الخاصة

صورة جيلاني علوي الكاف

وأشار باعيسى في مقدمته الكتاب : إن التحليل الذي يقدمه المؤلف وإن كان لايخرج عن تقعيد الخليل لأوزان الشعر الفصيح إلا أنه يفارقه في بنى عدد من التفاعيل والأبحر تبعاً لخصائص النصوص ، وينشط في التقعيد للبحور المزيدة ، والمهملة ، وبحور مستحدثة ، وأوزان غريبة في الشعر العامي يتأتّى من مجموعها مفاجآت ، ويبرز عدد من المنجزات الدالة على الإمكانية التي هيأتها طريقة تأليف هذا الكتاب ، أعني النظام الهيكلي الذي اتبع في بنائه تدرجاً من بحور الفراهيدي ، إلى البحور المزيدة ، إلى المتنوعة ، إلى المكتوبة على نمط الشعر الحديث ! إلى الأبحر الخارجة على أوزان الخليل ، إلى أوزان شعر الأغنية ، إلى القافية ، مع محافظة على دقة التوصيف والتحليل حتى توصل المؤلف في أثناء ذلك وبعده إلى اكتشافاته على مستوى التفاعيل ، وعلى مستوى الأبحر ، وقدم إضافة إلى مجهودات الدارسين في هذا المجال تأتت له من توالي التأمل إذ أظهر من الأبحر ( البحر المكتشف ، والبحر المتشابه ، والبحر المشتق ، والبحر الغنائي ) كانت تختزن في ذهنيته خلال التفحص والمتابعة ، فأثارت وهجاً خابياً ، وتخارجت مع الأصول التي جاءت منها ، وتداخلت ، لينتقل القارىء  بعد معرفتها إلى مسارات جديدة من إدراك الجمال الوزني. وأضاف : ينبئنا هذا الكتاب إذن أن مؤلفه أخذ يرتاد مجال البحث جديراً ، ويتفتق فيه عن بصيرة وصبر، ونفاذ إلى باطن المدروس بروح الدارس الواثق من همته وقدرته ، فاستحدث قديم التفاعيل والموازين عبر أطر جديدة منها ، دلت على دفين من الإمكانات ، وقدرة على التشقيق والتتبع ، على الرغم من أنه خاض في لهجة لم يكن من اليسير أن تخضع نفسها بسهولة لموازين الفصيح ، ولعل من يقرأ الكتاب يدرك ذلك ، ويدرك صعوبة المهمة التي أخلص المؤلف نفسه لها ، وتموقع فيها ، في خصائصها الممتازة ، ومزاياها العليا ، وأضاف إلى ما تقدم من إنجازات الباحثين جميل إضافة في ضمن درجات من الحسن تتابعت على أيدي باحثين ماهرين في موازين الشعر العامي كمحمد عبده غانم ، ومحمد عبدالقادر بامطرف ، وغيرهم .

واصفا أن تحليل الوزن يشي بحال من الجرأة المحمودة في اكتناه الجديد ومعرفة براعته عبر قراءة مسكونة بحالة انذكاء شعري وفني يعيشها المؤلف بوصفه شاعراً وفناناً مطرباً ، ويظل كل اكتشاف إشارة انفتاح على مكنونات أخرى ، دل على ذلك الأبحر الافتراضية التي عرض لها الباحث بوصفها مقترحات بغير تحققات .

وقال: إن الأوزان الكثيرة للشعر العامي الحضرمي تشمل زمناً نموذجياً واسع الثراء الوزني امتد قرونا حسب استشهادات هذا الكتاب ، وتحقق فيه ماعد مهملاً من بحور الخليل في أوزان قصائد مشهورة ( كبني مغراه ) ، والزمن حفاظ قوي للوزن إذا امتلأ بجمال الدلالة ، ولولا ذلك لافتخر الناس بنسيانه لفرط حساسيتهم ، أعني أهمل لعدم إقامة وزنه المعــنوي ( ثقله ) المسوغ لوزنه العروضي ، والمقدر لذلك عندهم بأهمية كبيرة .

وأكد إلى إن الأوزان في تنوعها ليست سوى بنى كلية تجريدية تتماشى في أنظمتها الكلمات التي تستثمر ضرورة الاحتكام للضبط الوزني ، وتتصل في الوقت نفسه بفضاء الانطلاق المتحقق خياليا،ً مما يعد مفارقة لافتة في إبراز جمالية النص ، وفكرة الكلية في الوزن فكرة مكتملة ، وهو ماينتج اللحن قبل الكلمات أحياناً ، ويبقي الوزن قاعدة مرجعية بعيدة عن الاستهلاك ، أي لايفسد حده الإيقاعي بالتكرار والإعادة لمئات السنين بل ربما يضاف إليه .

ويغدو الوزن في الغناء مشبعاً بفضاء اللحن والأداء الحي مما يضيف إليه حراكاً انفعالياً جديداً ، فجمالية الغناء موجودة عبر نفي الوزن ظاهراً أو تناسيه ، وعبر حضوره أيضاً ، فعند الغناء لايتم استحضار الوزن ، ولكنه موجود بوصفه مسوغاً داخلياً لانسياب الأداء الصوتي ، فالغناء يفعل في الوزن عبر تشكيله له ، وإضافته إليه ، والوزن يفعل في الغناء عبرترتيباته الداخلية الموقعة بتفعيلات منتظمة .

واختتم باعيسى سرده مقدمة هذا الكتاب قائلا : يتسم منهج هذا العمل بخصيصة تحليلية شبه رياضية مادام يقوم على متابعة أعداد التفاعيل ، وأعداد حروفها ، وهي إلى ذلك طريقة واصفة تبرز وقائع الوزن وصوره المتحققة ، وتهدف في مبتغاها الأخير إلى أن يلهج الناس بهذا المنتج ، ويظهروا نحوه مناقشةً ما ، لا توافقاً كاملاً، إنجاحاً له ، وتنشيطاً لقاعدة موسعة بالإطار الذي تشتغل عليه ،لامعيارية محدودة ، قاعدة تستحدث إلى نفسها جديداً بشكل مستمر لاسيما أن صدى الأشعار العامية يتردد اجتماعياً عند مختلف الشرائح والأعمار وعملياً مما يتصل بمهن مختلفة .

يذكر أن المؤلف / جيلاني علوي الكاف يعد باحثا وأديبا وشاعرا وملحنا من مواليد / مدينة تريم عام 1963م محافظة حضرموت وخريج جامعة عدن كلية الآداب والتربية ( لغة عربية ) عضوا في  اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين و نقابة الصحفيين اليمنيين وتغنى بأشعاره وألحانه عدد من الفنانين وله العديد من المؤلفات  وهي (عميد الدان حدّاد بن حسن الكاف , إصدار تريم للنشر عام 2003 م  ورياض العاشقين ( شعر فصيح غنائي ) إصدار وزارة الثقافة والسياحة صنعاء عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2004م ومنظومة الدان ( إصدار مركز الكاف للدراسات والنشر عام 2011م وكتاب( الدان صناعة وإتقان ) وله كتب تحت الطبع " إشراقات من تريم ( شعر ) وبحوث أخرى ( مخطوطة ) إضافة لهذا الكتاب ( أوزان الشعر الشعبــي العامي وقوافيه).

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص