إصلاحنا .. دعوتنا .. وفجر مصحفنا والبندقية .. !!

أحمد عمر باحمادي كان الفجر جميلاً حينما شعشع الكون بأخلاق الأنبياء، وبقيت قوافلهم سائرة في فيافي الأرض يرثها المؤمنون الصادقون جيلاً بعد جيل، ضحوا من أجلها، واستعطرت ميادين الجهاد بدمائهم المسكوبة في سبيل دينهم وعقيدتهم، وها همُ اليوم يضربون في الإقدام والشجاعة أزكى الأمثلة وأبقاها في سفر التاريخ الخالد. لم أدرِ كم من الزمن سيمضي حتى يعي الناس قيمة هؤلاء، ولا في أي وقت سيعترف الكون بفضلهم، أما الآن فيبدو أن الجميع عنهم في صدود، يسبونهم بأقذع السب وأقسى الشتائم، يتهمونهم في أعراضهم، أموالهم، علاقاتهم، حتى نياتهم لم تسلم من التفتيش في ثناياها، وما دام التعامل معهم كذلك، فسنعيش على غير هدى ردحاً من الزمن، وسنتخبط في الظلم ودياجير الظلمات، ومن المفترض أن ما نعيشه اليوم هو من ذلك الردح، فانظروا إلى حال الناس مناصرة واستعداءً لرسالة الدعوة الإخوانية في أية بقعة من الأرض لتستبينوا حقيقة ما نقول. أن تكون بعيداً عن الحقيقة تلك قضية تختلف تمام الاختلاف عن أن تنكر الحقيقة، وتعاديها وتحاربها، وتنكل بأصحابها وحماتها وحملتها، ولعل مواقف الناس تجاه الدعوة ربما يأتي من النوع الأول وهي البعد أو الجهل بالحقيقة، وما نتج ذلك إلا حينما أبعدهم عنها وشوهها وزجّ بأصحابها في السجون والمشانق أعداؤها الحقيقيون وهم من النوع الآخر، ولفق لهم التهم جزافاً واستعمل في ذلك آلة رهيبة من الدعاية والإعلام أخذت تفعل فعلها في الناس، دون أن يكون لها ما يقابلها من إعلام مقابل يرد الشبهة ويكشف الحقيقة ويبين وجه الافتراء والأكاذيب. هؤلاء المعادون الألداء عرفوا حقّ المعرفة؛ القوة الكامنة في الدعوة الإخوانية الإسلامية، ووعوا أنها عندما تستيقظ أوتتململ فستصير كالمارد الجبار الذي ينطلق من قمقمه دون أن يقف في وجهه شيءٌ، فاجتهدوا على أن يبقوه في قمقمه أطول مدة ما استطاعوا، واستعانوا بجهل الأمة وإغراقها في الشهوات والشبهات، واتباعها للهوى وحب الذات على أن يبنوا حول القمقم جداراً سميكاً من الإسمنت المسلح لا يتيح للقادمين الشباب حتى رؤيته وتحسسه وتشمم حالته وهل فيه شيء من حياة. المسألة أشبه ما تكون بمن يقف في وجه سيل عرمرم في بداية تدفقه، فيحصره بيديه ويحرفه عن مساره ويزمّه فترة وجيزة ، لكن لا يلبث أن يزداد السيل ويزخر فيستحيل هادراً لا يقف دونه شيء، فمن الغباء أن يكون حينها موقف أعدائه  إزاءه المقاومة والصد، أو أن يحاولوا أن يوقفوه، فلا شك أن جهودهم ستذهب أدراج الرياح. فإلى الأنصار والأشياع وكل من سار خلف هذه القافلة العظيمة، مهما لاقيتم في جنب الله من المصائب والصعاب، ومهما رأيتم الدربَ شائكاً، والسبيلَ صعباً وذا تبعات كبيرة، فلا بدّ من قناعة تكون راسخة في قلوبنا وقلوبكم أن النصر قادم، وأن الحق منصور، وأن الفتوحات آتية لا محالة مع خيوط الفجر الأولى وإشراقته الندية. بقي أن نشير إلى لفتة جميلة : فهل لاحظتم أحبتي أنني قد افتتحت مقالتي بذكر الفجر، وختمتها به حتى يعلم الجميع أنه مهما اعترانا من ظلمات بينهما، وزفرنا بالكثير والكثير من الأنين الموجع، فإن الذاكرة لا بدّ أن تعود بنا إلى حال الدعوة الأولى، وكيف استقام حالها وانتصرت بعد هزيمة وسادت بعد ضعف، فالواجب من قبل ذلك ومن بعده أن نتوجه إلى الله جلّ وعلا أن يرزقنا النصر والتمكين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص