بشيش على أم اللبن ..؟!!

  راسلني احدهم برسالة على الخاص منتقداً أسلوبي في النقد اللاذع، وقال لي بأسلوب ينبئ عن اللباقة والأدب : " بشيش على أم اللبن". انتهى حديثه.     ومهما تعددت المعاني الكامنة وراء المقصود بأم اللبن .. !! ، إلا أن  المقصود الراجح به والأبرز للتأويل هو من يتولى زمام أمورنا ويمسك بمقود الحكم ، والجميع يعلمهم، ولا يخفون على أحد من الناس، إلا أن الواقع المرير يفرض علينا قول كلمة الحق دون مداهنة أو تمليس ، بإنصاف - طبعاً - ومن غير تجني على أحد، ومن المعلوم أن من  وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة قول الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه ، حاكيا عن وصية الرسول له : " وأن أقول الحق ولو كان مراً ".     وعلى ذلك نقول :     كيف نرفق بأم اللبن .. ونحن نعيش في حالك الظلمات، ونكالف بعد الغروب ليلاً دامساً، ومنذ الإصباح حراً قائظاً، وصيفاً ساخناً، وانقطاعاً للتيار الكهربائي لمدة تزيد عن عشرين ساعة يومياً، فإن صبرنا مع أطفالنا في أوقات النهار، لم يصبر صغارنا في ساعات الليل البهيم ، فهم يبكون ويتصايحون، ويقطّعون نياط القلوب  رحمة ورأفة برؤيتهم يتقلبون ويتملمون، وقد هرب النوم من مآقيهم، وطار الوسن من بين أجفانهم.     كيف نرفق بأم اللبن .. والماء يزور إخواننا في أحياء المكلا عاصمة حضرموت وحاضرتها الحالمة وعروسها الحسناء ، في كل أسبوع ثلاثة أيام بلياليها، فبدل أن يسعى الناس ويشقوا علي أنفسهم ومعاشهم ، وينتشروا في الأرض لتحصيل مصالحهم، برزت تلك الهموم والغموم لتعكر صفو حياتهم، وتحيل معاشهم إلى جحيم لا يُطاق.     كيف نرفق بأم اللبن .. ونحن نرى مجلساً أهلياً ، وأبناءً لحضرموت كما نعتوا أنفسهم،  لا يحركون ساكناً، ولا يرتقون لتلمس معاناة الناس، ولا ينزلون إلى مستوى البلاء والفاقة والضنك الذي يقرع الناس بنوازله، ولا يأبهون لما يقال ويطرح من حلول ومعالجات،     بل أمعنوا في تجاهلهم بالضن بأموال المسلمين،  إذ لم يفرّجوا بها عنهم شيئاً من بلاويهم ومآسيهم ، وبخلوا بما لم ينقصهم، وكيف لهم أن يتنعموا بالعيش الرغيد، ويطوّفوا بالمطاعم والمشارب والكافاتيريات يأكلون ما لذّ وطاب ، ومن حولهم من الرعية ! يئنون من هول المصائب والنكبات.. ويتضورون جوعاً ومسغبة تحت نير الظروف ومطرقة الدهر  وقسوة الأيام .. ؟!!     كيف نرفق بأم اللبن .. وقد تبعثرت الأوساخ و القمامات، وانتشرت المخلفات، وصار الجو مزكوماً بالروائح الكريهة، وتفشت جراء ذلك الأوبئة و الأمراض، وعمت الحميّات، وفقد بعض الناس أرواحهم لقلة الرعاية الصحية ورداءة الجو، ولعل الوضع سيتفاقم إن بقي الحال على ما هو عليه.     كيف نرفق بأم البن .. ونحن نرى النازحين أعدادهم في ازدياد، وقد قلت أو غابت المعونات، وبذلت المؤسسات والجمعيات الخيرية  وائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية ما في وسعهم، واستنفدوا كل طاقتهم، فقدموا الإيواء والمسكن والمأكل والمشرب والعلاج،      بينما غاب دور الآخرين - إلا من رحم الله - وقلت الإعانات الدولية بل غابت كلياً  عن موانئ ومطارات حضرموت، ولعل الذريعة جاهزة للتهرب عن ذلك بوجود التنظيمات الإرهابية فيها، فربما ضرها أبناؤها المزعومون من حيث يعلمون أو لا يعلمون .. ؟!!     كيف نرفق بأم اللبن .. ونحن نرى مؤشرات الأسعار في ارتفاع، وأسهمها في تنامٍ وازدياد، ولعل أبرزها سعر الغاز المنزلي، فالتلاعب في أثمانه يجري، والسكوت عن ممارسات المجرمين من التجار  يسري، وغابت الضوابط، واختفت الحدود، وأفلت وغابت اليد التي تحاسب الظالمين، وامتدت عوضاً عنها اليد التي تأخذ حقوق المسلين، وتسلب مالهم.     كيف نرفق بأم اللبن .. ومشتقات النفط في ارتفاع، وسوقها السوداء تصيب بالهول والارتياع، وبدل أن يتنافس القائمون ويحرصون على استجلاب ما خفض سعره منها عبر التجار ، نراهم يبرمون الاتفاقيات، ويعقدون المعاهدات والعقود التي تكرس إرهاق العامة في معيشتهم، وتنكد عليهم حياتهم، بينما يتعامون عن صفقات أقل،  في لغز محيّر عصي على العقول والأفهام، نرجو أن يكشفوا سره، ويهتكوا ستره، ويبينوا ملابساته للناس.. !!     وفي الختام : كيف نرفق بأم اللبن .. ونحن لم نذق طعم هذا اللبن، ولم نستمتع بمذاقه، بل تولى آخرون حلب ضرعه، وشرب لبنه،  ولم يضربوا لنا منه بسهم !! ، وصار السؤال المحير حقاً : أين ذهب اللبن .. ؟!! .. وماذا فعلت أمه ؟!! .. وماذا قدمت من نفع لحضرموت .. ؟!"

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص