تيقّظ واستقلالية المفكر

لا يكون المفكر الحق أصم ولا أبكم ولا يكون مُجرّد من المشاعر والعواطف فهو إنسان ، بل هو يرصد الواقع ويتابع تحولاته و يواكبها من زاوية فكرية تجريدية ويستشرف مستقبلها ، مع إطلالات واقعية كُلّما أمكن كتكثيف للواقع ومستجداته التي لا تغيب عنه ويتفاعل معها بعقله ومشاعره بروح حريصة على أن لا يقع الناس في المهالك ولا ينزلقون الى التهلكة . والمفكر في كل ذلك متحرر من القيود التي تحول بين الانسان والحقيقة مثل التعصّب للرأي أو للحزب أو للتنظيم أو للطائفة أو للمناطقية الجغرافية ، ولا يحد المفكر إلا النص المُقدس المُتيقن ثبات صحة مصدريته وتبينت دلالته من ذاته بصورة لا لبس فيها . إنّ المُفكر لا ينحاز إلا إلى الحقيقة فحسب وهي ما تطابق مع الواقع وبيّنت صحته الشواهد وقامت على تأكده وتأكيده الدلائل . والمفكر هو من يعمل على صعيد الحقيقة بحثاً عنها وتنقيباً و إعمالاً لعقله في الأعماق وما وراء ما يبدو للوهلة الأولى ، وذلك على طريق تقرير الحقيقة وإثباتها ، و من ثم نشراً لما توصل إليه قدر وسعه ، تارك العمل على الُعد القائمة على الانتماء الجزئي ولو ضمن الكل الوطني محافظاً على استقلاليته متخذاً من الإنصاف سبيلاً له في تقرير الحقيقة بين المختلفين . والمفكر خلال كل ذلك وبعده يُدرك أنّ حُجب كثيرة قد تحول بين ما يتوصل إليه وبين البعض ممن تحكم نظرتهم لما يسمعون ويقرأون الانتماءات و الاختيارات المُسبقة غير مستطيعين ولا متخيلين التفكير في الثوابت لديهم بطريقة مختلفة .

بقلم : مرعي حميد

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص