عندما تتحول الدموع إلى أفراح

العمل الخيري يمثل في ذاته صورة للتكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع، وعطاء إنسانيا يبذله القادرون عليه ، فإن العمل الخيري قد صار في عالم اليوم رافدا من روافد التنمية البشرية ، وطاقة خلاقة يبذلها الفضلاء والاكارم في إنكار ذاتهم وحرصهم على أن يكون مايبذلونه خالصا لوجه الله واحتسابا لثوابه ومرضاته . أصبحت الأعمال الخيرية في المجتمع المعاصر سمة حضارية بارزة للمجتمعات التي تحرص على التكافل الاجتماعي بين أفرادها وعلى دعم العطاء الإنساني لمن يحتاجه. فقد روى أبى هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله أنفق يا بن آدم أنفق عليك .. والخطاب هنا موجه إلى كل بني آدم وفيه إطلاق للإنفاق في كل وجوه الخير . ويقول رسولنا الكريم في موضع آخر : " لأن يمشى أحدكم مع أخيه لقضاء حاجته أفضل من أن يعتكف في مسجدى هذا سبعين يوماً" ويقول أيضا "ابغونى في ضعفائكم" . ولعل ما شهدته محافظة حضرموت من نزوح جراء الحرب التي شهدتها عدن تحديداً وبقية المحافظات وما قامت به الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير الأفاضل من دعم معنوي ومادي لكثير من الأسر التي نزحت إليها هو خير دليل على إعتبار العمل الخيري فريضة حتمية وأمراً دينياً واجباً يتجاوز الإحسان والمروءة وينطلق من أصول الإسلام الحنيف.

ما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع هو الحس الإنساني وقيمته التي تحلت بها بعض الجمعيات الخيرية و ما وصلت إليه من رقي وتقدم حضاري . منذ قدوم النازحين من عدن الحبيبة الي حضرموت ونحن نسمع العديد من القصص المأسوية والأحداث المؤسفة عن الحرب و ما خلفته من دمار معنوي ومادي وما تركته من أثر في نفوس المواطنين حتى أفقدتهم طعم السعادة ولون الابتسامة على شفاه الصغار والكبار وغياب البهجة وصفاء النفس وحل محلها الكدر والهم ناهيك عن زراعة الأحقاد والكراهية . هنا في وادي حضرموت وادي الخير والسلام حاول محبي الخير تغيير اللون القاتم الذي كسى وجه بعض النازحين وتحويله الي لون الفرح والسعادة من خلال تكفلها بزواج احد النازحين الذين فقدوا الأمل في تحقيق حلم حياتهم وإكمال نصف دينهم. حيث قام الخيرين والقائمين على أعمال الإغاثة من جمعية الإصلاح الخيرية بإتمام هذه الفرحة وإقامة عرس لهم وسط أهلهم ومحبيهم ممن شاركوهم أتراحهم وأفراحهم وقاموا بتجهيز العروس بكل ما يلزمها و متطلباتها وكذا وليمة الزفاف وقاعة الحفل حتى بكت أم العروس وأبكتنا معها عندما قالت لم أكن أتصور انني سأرى ابنتي عروس واني سأستمع الي صوت الزغاريد مرة أخرى . هذه حالة إنسانية تستحق منا ان نعترف بقيمة العطاء الإنساني وحب الخير للآخرين ومد يد العون لهم وقت الحاجة. فشكراً لمن ادخل السعادة الي قلوب انكسرت و حولتها الي قلوب تنبض وترقص طربا. ان العمل الخيري ثمرة من ثمار الإيمان وهو موجود في داخل كل إنسان ولكن عليه ان يقوم بتنميته وتغذيته فما أحوجنا في الوقت الحاضر إلى التكافل والتراحم حتى نتجاوز أزماتنا والمحن التي تعصف بنا وبوطننا . بقلم : صباح سعيد

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص