الحل هو «الدولة المدنية»

  أعجبني جداً مقطع فيديو لخطيب في أحد المنابر، أُرسل إليّ عبر واتس آب، يتحدث فيه الخطيب عن الأحداث الدائرة في الساحة العربية والاقتتال الأهلي الحاصل في بعض بلدانها للأسف الشديد.. وقد أشار بالتحديد إلى ما يجري في اليمن وما يقوم به الحوثيون وحلفاؤهم من النظام السابق من محاولات للاستحواذ على السلطة بقوة السلاح وإقصاء الآخرين، وأكد أن هذا العمل هو تدمير للذات وللبلاد، وهذا ما يريده وما يخطط له أعداء الأمة.. فمن يعتقد بأنه بإرهاب المعارضين والمخالفين لمذهبه بالقتل والاختطاف والسجن وتفجير البيوت والمساجد قادر على حكم الأمة فهو واهم، فهو يشعل بذلك حرباً لا بداية لها ولا نهاية، تأتي على الأخضر واليابس، ويكون هو الأول من يحترق بنيرانها، ويدفع الشعب ثمن ذلك. كما أشار الخطيب إلى هجرة العقول العربية والإسلامية فقال: إنها لا تهاجر إلى إيران، ولا إلى السودان، ولا إلى غزة حيث حكومة حماس، ولكنها تهاجر إلى لندن، وبرلين، واشنطن، باريس حيث الدولة الحديثة التي يعيش فيها المهاجر آمناً على نفسه وماله، وعلى لسانه بعيداً عن التمييز الديني والسياسي أو العرقي، يكون الناس فيها متساويين أمام القانون. إن ما يجري من أحداث وتعبئة طائفية باسم المذهب والدين في أكثر من بلد عربي، وفي اليمن لا يخدم الأمة ولا قضاياها المحورية التي تكمن في التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر والمرض والجهل وتأمين حقوق المواطنة المتساوية، وإنما يخدم أعداءها المتربصين بها، ويخدم مشاريعهم التوسعية على حساب أمن الأمة وعزتها وكرامتها وحياتها وسلطتها على أرضها.. وللأسف الشديد ما يجري في اليمن اليوم من تدمير وقتل أكان ذلك على أيدي الانقلابيين أو على أيدي قوات التحالف لا يخدم الشعب اليمني في شيء، الذي يرزح معظم أبنائه تحت وطأة الفقر والجهل والمرض، وقد زادت هذه الحرب من معاناة المواطن التي تقترب من المجاعة حسب تأكيدات المنظمات الدولية ولاسيما في المدن الجنوبية التي تحاصرها المليشيات المسلحة للحوثيين والمتحالفين معهم، بحجة محاربة الدواعش والتكفيريين والإنفصاليين، كما يدعي مشعلو هذه الحرب؛ فتدمير المدن، وهدم البيوت على ساكنيها، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ بواسطة القناصين ومن خلال استهدافهم بنيران الأسلحة الثقيلة وحصار المدن ومنع دخول الغذاء والدواء إليها في الجنوب لا يبرر محاربة الدواعش والتكفيريين والإنفصاليين حسب زعمهم، بقدر ما توصف هذه الأعمال بأنها جرائم حرب ضد الإنسانية حسب القانون الدولي الإنساني.. وللأسف لتخاذل مجلس الأمن الدولي وعجزه عن تنفيذ قراراته تُرتكب هذه الجرائم في أكثر من بلد عربي؛ في اليمن، وفي سوريا، وفي العراق، وليبيا... وغيرها. كيف يمكن لنا أن نقنع تلك الأم التي قُتل ابنها، أو الزوجة التي قُتل زوجها ظلماً وعدواناً في عدن وأبين ولحج والضالع، أو تلك الأسرة التي هُدِّم بيتها وأضحت مشردة.. بالوحدة التي تزعمون أنكم تقاتلون من أجلها، فمن يدافع عن الوحدة لابد أن يقدم نموذجاً جاذباً لها، يجعل المواطن البسيط يقتنع بها من خلال تنفيذ المشاريع التنموية، لا من خلال حفر الخنادق والأنفاق وتخزين السلاح وتدريب القناصين لقتل المواطنين والأطفال والنساء والشيوخ، كما أن محاربة الدواعش والتكفيريين لا يعني قتل النازحين الهاربين من جحيم الحرب باستهداف قواربهم، واستهداف التجمعات السكانية وترويع الآمنين.. أي وحدة ستكون بعد هذه الجرائم التي ارتكبتموها بحق أبناء الجنوب، وأي شكل للدولة تريدون بناءه، دولة ولاية الفقيه أو النموذج الذي ثار عليه الشعب في فبراير 2011م، فالحل هو الدولة المدنية الحديثة التي تضمن الحقوق للجميع بعيداً عن الولاءات الطائفية والقبلية أو الحزبية أو العرقية حسب ما جاءت في مخرجات الحوار الوطني الذي انقلبتم عليها...

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص