سيرة الإمام القَلْعي.. ناشر المذهب الشافعي بحضرموت

انتشرت المذاهب الأربعة مذاهب أهل السنة و الجماعة في أرجاء العالم الإسلامي و لعل أبرزها المذهب الشافعي الذي نشأ في أواخر القرن الأول و أوائل القرن الثاني الهجري و لم تستثني حضرموت من ذلك ، فلقد حظيت بالتمذهب بالمذهب الشافعي و الذي كان له الدور البارز في نشر هذا المذهب هو الإمام العلامة محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي علي القَلْعي الظفاري الحضرمي ، سكن تريم و فيها نهل أهلها محبي العلم من الإمام القَلْعي الفقه الشافعي ، لكنه من مواليد مصر و أصله من المغرب نسبة إلى منطقة بها اسمها " القلعة " رحل الإمام القلعي من مصر إلى زبيد تهامة حيث أعلام الفقه الشافعي بها و من أبرزهم : ( الإمام أبو الفتوح عبدالله بن محمد بن علي بن أبي عقامة و الإمام أبو محمد عبدالله بن محمد الحفائلي وهو ابن عم أبو الفتوح ) قال الإمام ابن سمرة عنهم في كتابه طبقات فقهاء اليمن : ( وفضائل بني عقامة مشهورة ، وهم الذين نصر الله بهم مذهب الشافعي في تهامة و قدماؤهم جهروا بسم الله الرحمن الرحيم في الجمعة و الجماعات و نسبهم في تغلب ) نهل من علمهم الإمام القَلْعي حتى أصبح إماما في العلم و ما إن جاءت فتنة ابن مهدي بزبيد حتى غادرها إلى ظفار منطقة " مرباط " مكث فيها ردحا من الزمن ثم دخل حضرموت و سكن بتريم و كانت البداية لإشراق نور المذهب الشافعي و كان له الدور الأكبر في انتشاره بحضرموت قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب فتح الباري : ( إن الفقه الشافعي انتشر عن القلعي بظفار و حضرموت ، و إن الناس تسامعوا به في حضرموت و غيرها ، فقصدوه و حملوا عنه ) منقولا من جواب العلامة القاضي عبدالرحمن بكير في " القضاء في حضرموت " كما أكد هذا الإمام الخزرجي عن دوره في انتشار المذهب الشافعي بحضرموت قائلا : ( الإمام القَلْعي أكثر ما توجد مصنفاته في ظفار و حضرموت و نواحيها و عنه انتشر الفقه في تلك الناحية و لم ينتشر العلم عن أحد في تلك الناحية كما انتشر عنه و أعيان فقهائها أصحابه و أصحاب أصحابه ) ويؤكد هذا الإمام الجندي صاحب السلوك الجزء الأول : ( الإمام القلعي عنه انتشر العلم فتسامع به الناس إلى حضرموت و نواحيها ، فقصدوه و أخذوا عنه الفقه و غيره ، بحيث لم ينتشر عن أحد بتلك الناحية كما انتشر عنه ، و أعيان فقهائها أصحابه و أصحاب أصحابه ) و لرجاحة و سعة علم الإمام القَلْعي نقل عنه أئمه كبار نقلا من كلامه في مؤلفاتهم و تصانيفهم منهم frown رمز تعبيري الإمام النووي والإمام السبكي و الإمام الطبري و الإمام ابن الصلاح و العطار و غيرهم ) كما نقل عنه أبرز تلامذته الفقهاء الحضارم و فقهاء حضرموت القدامى منهم frown رمز تعبيري العلامة أبو الحسن علي بن أحمد بامروان و العلامة إبراهيم باماجد و العلامة يحيى نصير و العلامة أبو القاسم بن فارس بن ماضي و العلامة يحيى بن سالم أكدر و العلامة أحمد بابكير و المحدث أحمد بن النعمان الهجراني و غيرهم ) كما أن للإمام القَلْعي العديد من الكتب و المصنفات لكن أغلبها مخفية و منهوبة من أهل الجهالة و لعل أهمها : ( قواعد المهذب و احتراز المهذب ، و كنز الحفاظ في غريب الألفاظ ، و أحكام القضاة ، و إيضاح الغوامض من علم الفرائض ، ولطائف الأنوار في فضل الصحابة الأخيار ، و التحفة ، و فتاوى القَلْعي ، و تهذيب الرياسة في ترتيب السياسة ، و المستغرب من ألفاظ كتاب المهذب ، و أحكام العصاة من أهل الإسلام المرتكبين الكبائر ) و من أراد أن يستزيد عن ترجمته فليرجع إلى : ( كتاب طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي 155 / 6 - و كتاب فقهاء اليمن للجعدي ص 220 - كتاب طبقات الشافعية للأسنوي 164 / 2 - و كتاب الأعلام للزركلي 218 /6 ) و ما توفي الإمام القَلْعي سنة 577 هجرية إلا و قد انتشر المذهب الشافعي بحضرموت و انحسر الفكر الإباضي بفضل الله ثم بفضل الإمام القَلْعي رحمه الله رحمة الأبرار ، ففي عصره و ما بعده إزداد عدد العلماء العديد بحضرموت و عمت الأرجاء بعلومهم و فقههم ، قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أتوا العلم درجات و الله بما تعملون خبير ) .

بقلم الشيخ : محمد سالم هبيص

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص