فليخفف

هذه الكلمة التي وردت في حديث مشهور معلوم لدى الكثير أتمنى أن يقف الجميع أمام مدلولات معانيها وأن يقرأها في سياق حديث النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً بها الأمة من خلال معاذ بن جبل ...... من أَمَّ منكم الناس فليخفف فإن خلفه الضعيف والمريض وذا الحاجة ) .

 

إنه حديث عظيم كعظمة قائله .. يبرز الجانب الأول في تكاليف الشريعة الغراء وفي أمور الرسالة السمحاء منبثقاً من منهج الله في القرآن : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) فيا لعظمة الإسلام وهو يراعي ضعف الإنسان في ركن من أركانه وفي شعيرة من شعائره .. والإنسان هو الإنسان يعيش بين ضعف وقوة وصحة ومرض وحاجة وفاقه .. فإذا لم يكن من أمّ الناس متحلياً بهذه الصفة مستحضراً هذا الضعف فلن يـجد قبولاً ولن ينال مطلوباً ( وما من أحد شادّ الدين إلا غلبه ).

 

وما ينبغي هل ينتهي الفهم والمعنى عند لفظ الضعف بضعف الجسم فقط ، فهناك ضعف الإيمان الذي لابد أن ينتبه إليه ويعمل له في سياق التعامل والتكليف حساب .. فابن عمر قال عنه صلى الله عليه وسلم: ( نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم الليل ... ) .. فما ترك ابن عمر قيام الليل .

فابن عمر عاش في محضن النبوة وكنف الأب الملهم فخوطب بهذا الخطاب .

 

بينما الأعرابي ذاك البعيد عن تربية خاصة ورعاية نبوية مباشرة يعلن اقتصاره على أركان الإسلام فقط ... فيقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( أفلح إن صدق ) وفي رواية : ( من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ... ) .

 

وذا الحاجة : فمن هو ( ذو الحاجة ) ؟ إنه العامل في عمله والمهني في مهنته ... فيا لله ما أعظمه من تقدير وما أجله من تشريف .. تخفف الصلاة من أجل اليد العاملة لتعمل ، ومن أجل الصانع ليصنع ، ومن أجل المزارع ليزرع .. فهل هناك دعوة أعظم من هذه الدعوة إلى عمل دائم وبذل متواصل ، فليت شعري ماذا سيقول ذاك العاطل عن العمل والقاعد عن الكسب، هل أدرك أن الصلاة تخفف بغير خلل من أجل إعمار الأرض وتشييدها والمشي في مناكبها ، ما تقدمت الأمم إلا بعملها وما تصدرت أمة إلا ببذلها وأهليتها .. 

وإلى لقاء قادم إن شاء الله ...


بقلم الشيخ / صالح باجرش

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص