الدروس التركية لأبناء الحركة الإسلامية 
2015-11-03 10:49:41
:
فاز تجمع " العدالة والتنمية " بانتخابات البرلمان التركي وبأغلبية تؤهلهم تشكيل حكومة دون شراكة . حققوا ذلك من خلال العمل في كافة دوائر عملهم دون ازدواجية تنظيمية , والقيادة دون تداخلات إدارية , والتربية دون رهبانية ابتدعوها. فاز الأتراك لأنهم أجبروا الناخب على اختيارهم , فهم شعب صاحب استقلالية , يعلم أن اختياره للأفضل يعود عليه بالنفع والتطور بينما اختياره وفقا لولاءه الحزبي فقط سوف يصب عليه غدا قهرا وشقاء . ومن هنا فقد خاطب أبناء الحركة الإسلامية التركية عقل هذا الناخب بالواقع لا بالأحلام وبالحقيقة لا بالخيال . خاطبوهم بما تحت أيديهم من تطور وتميز حققوه لوطنهم خلال فترة حكمهم في كل مجال . وهذا يجعلنا نقف مع حالنا في مراجعة صادقة للمسيرة وتصحيح جاد للمسير . تختلف الإمكانيات وحجم التحديات , ولكن بداية النجاح تكمن في دراسة تجاربهم والاستفادة منها بما يناسب مجتمعنا وظروفنا . وفي رأيي الخاص أظن أن أهم سبب لفوزهم هو أنهم استطاعوا سد معظم الثغرات التي كان يستطيع الخصم الدخول عليهم منها ومن ثم إضعافهم جماهيريا وتفتيتهم تنظيميا , استطاع " العدالة والتنمية " بمهنية واحترافية أن يحقق التكامل والتوازن المطلوب بين النقائض والأضداد بما جعله قادرا على اتخاذ أي قرار بكل قوة وثقة دون الحاجة لتقديم التنازلات لخصومه في قضايا مصيرية . كما أن ثباته على التوجه الإسلامي , وقوته في القرار السياسي ودعم القضايا الإنسانية مخالفا سياسة الدول الكبرى , قد حقق له مصداقية بين أوساط الشعب فنال بها فوزه الكاسح . وبينما كان النصر حليفا للإخوان في تركيا , فقد تعرض نظائرهم خارجها لعوائق عرقلت تحقق التمكين لهم . وأظن إن أكبر سبب عرقل سيرهم هو حالة التيهان والحيرة في اتخاذ القرار الذي يمليه عليهم مبدأهم الخالص الصادق في ظل ظروف قاهرة تحيط بهم . الانتخابات التركية2015وذلك بسبب ثغرة لم يحسنوا سدها فدخل منها خصمهم فكانت النتيجة تنازلا منهم لمخططه والسير مكرهين في مساره . لقد أجاد الإخوان العمل في مجالات عدة ولكنهم تركوا أبواباً بلا فاعلية .. وإذا ما استثنينا إخوان فلسطين وتركيا , فقد كان خطأ غيرهم أنهم : ـ حين لبسوا ثوب عثمان لم يحملوا معه درة عمر . ـ حين حركوا أصبع محمد بن واسع لم يشحذوا معها سيف قتيبة . ـ حين اهتموا ببناء جسور التواصل مع الغير لم يشيدوا لأنفسهم سد ذي القرنين الحصين . ـ حين تألقوا في تأهيل الشباب على فنون الخطابة والإعلام والإنشاد لم يهتموا كثيرا بخلق جيل رائد في فنون الدفاع عن النفس والعلوم العسكرية . ـ حين انتشروا أفقيا بين شرائح المجتمع فتروا ـ تخوفا ـ عن الكسب في صفوف الجيش والأمن . ـ حين نهجوا نظام الحكماء رأسيا لم يغذوه بخلايا شبابية لسد الخلل الحاصل بفعل الزهايمر وضعف التركيز . ـ حين أسسوا كيانا سياسيا وضعوا بيضهم في سلة واحدة ولم يجعلوا لهم دارا كدار الأرقم . ـ حين دخلوا غمار السياسة أمروا البراء وأبا الدرداء وحسان أن يكونوا ـ ونطاق عملهم ـ أهل سياسة برغم مغايرة فنونهم لها , ولم يوجهوا لها من يتحلون بفطنة معاوية ودهاء عمرو ومكر نعيم وأفكار سلمان . ـ حين نكتب مثل هذا فهو من باب الحمية لنيل التمكين , متناسين سنن الله في المدافعة والتمايز والتمحيص وضرورة تذوق البأساء والضراء والزلزلة واستكمال أسباب الفتح . ومن أجل تحقيق الهدف لابد من المراجعة والتقييم ونهج درب التصحيح السليم , حتى نصل معا ـ بفضل من الله ـ لإقامة الدولة الرائدة في ظل خلافة راشدة . بقلم : ابو الحسنين – محسن معيض
//ads
إقرأ أيضاً