بعد أن علمنا أن القات اخترق المجتمع الحضرمي ، ولاسيما في المدن والمناطق الساحلية والمناطق التي يطغى عليها الطابع البدوي ، وكذا مكونات اجتماعية بعينها دون أن تتحرك نخوتهم ولعل القات وجد بها بيئة مناسبة له أكثر من غيرهم من الحضارمة !! .
كما اخترق القات أيضاً الأجهزة الامنية الحضرمية البحته ولعل من زارها وتعامل معها سيتيقن له أن { حق القات هو لسان حال من تتكلم معه وكأنك خارج حضرموت !! } ، ومن خلال تقارير ُنشرت ستتعرف أخي الحضرمي على حقيقة القات المرة المخيفة المدمرة المزرية بحضرموت :
- ذكر تقرير نشرته صحيفة الأيام عام 1997م أن عائدات القات يومياً بسيئون تقدر ( 2 ) مليون ريال .
- عائدات القات بحضرموت في عام 2011م بلغت عموماً ( 39 ) مليون ريال يوميا وهو ما ينفقه الحضارمة إلى جانب العسكريين والعمال المشتغلين المقيمين من محافظات أخرى بحضرموت ، وتؤكد مصادر أخرى أن العائدات اليومية أكثر بكثير لولا أن أصحاب القات لا يبوحون بالرقم الحقيقي تهرباً من الضريبة .
- بلغ الاستهلاك اليـومي مـا قيــمته ( 9,500,000 ) ريال بمدينة سيئون وجزيرة سقطرى إلى جانب تفوق مناطق الساحل على هذا الرقم ، و تؤكد التقارير أيضاً إنه ومنذ عام 1999 م فأن كمية القات المباعة في حضرموت تصاعدت وتزداد أعداد من يتعاطونه بنسبة (11% ) عن ما كان عليه في 1997 م .
- باعة القات بحضرموت وصل عددهم إلى (400) شخص - وباV->84طبع ليسو من أبناء حضرموت - وهذا العدد من البائعين يعتمد على ممارسة بيع القات ، ولذلك أصبحت المناطق الحضرمية سوقاً لنوعيات من عشب القات يصنف ( من أسوأ الأنواع ) .
- وعلى ضوء هذا الاستهلاك الحضرمي على القات قد اتسعت رقعة زراعة القات بشكل لا يتوقع منذ 1998م ففي رداع مثلاً ( 90% ) بعد أن كانت ( 44% ) عام 1993 م .
- من أجل سرعة نمو القات، واكتسابه جودة ولمعاناً واخضراراً فإن مزارعيه يستخدمون ( المبيدات الخطيرة ) وتستخدم بطريقة عشوائية وبعضها محرمة دولياً وهو ما يعني ابتلاع السموم المنهكة للصحة والجيب في حضرموت .
- كما تحاك في جلسات القات سيناريوهات مضرة بقيم المجتمع وأمنه وتدعو إلى انتشار الشر في دائرة متسعة ، وخلق المماحكة والعداوات .. ولنا في منظومة الفساد بحضرموت ( مثالاً !! ) حتى أصبح القات صفة من صفات مسئولي تلك المرحلة، ولازال بعض هؤلاء المسئولين - ضحايا للقات إلى اليوم - بل وصل ببعضهم أن يخزنوا القات بمقرات عملهم بالمساء ، واليوم هناك اثنان من مديري العموم بالوادي يخزنان داخل مرافق عملهم بعد الدوام أو داخل مبانٍ تابعة لمرافقهم ( وهما من أبناء المناطق التي استجابت أكثر للقات ) الأول من أبناء إحدى مناطق وادي حضرموت الغربية والآخر من خارج الوادي .
بل اخترق القات السجون بحضرموت لأول مرة في تاريخها حتى أصبح يباع على نزلاء السجون عبر سماسرة متفقين مع من يتولى أمر هذه السجون { أكانوا شماليين أو جنوبيين - وهم من أبناء المناطق الموبوءة بالقات تاريخياً - أو ربما عساكر حضارمة ضحايا للقات !! }.. ولن نعهد سجون وحضرموت بهذه الحالة المزرية .. وماذا ننتظر من مخرجات سجون يباع بداخلها القات ؟!! .
ومعلوم أن السجون بدول العالم ( بمختلف آيدلوجياتها ) تُمثل مدارس إصلاحية ، تهدف إلى إصلاح ُنزلائها بواسطة برامج توعوية وتدريبية مختلفة يكتسب من خلالها النزيل مهارات لأعمال نافعة تعينه على كسب الرزق الحلال مستقبلاً وتحوله إلى عنصر نافع بالمجتمع .
الخلاصة .. إن القات بحضرموت قد توسع تناوله يوماً بعد يوم ، وشمل فئات جديدة ، وهذا أمرٌ ينذر بكارثة ( قد بدت ملامحها .. ويدق ناقوس الخطر ) ولم تشهد حضرموت مثلها مدى تاريخها الممتد منذ مئات السنين .
والكل يعرف بأن القات نتائجه الصحية سيئة وانعكاساته السلبية على المعيشة والسلوك العام إلا أن تسويقه في حضرموت يكاد يكون بشكل ممنهج .
ختاماً لا يسعني كبقية الغيورين على حضرموت إلاّ أن أتساءل : هل ستتغير هذه الثقافات داخل حضرموت في المرحلة المقبلة ، أم أن النظام السابق قد نجح لجعل من ضمن أهدافه غرس مثل هذه الثقافات القبيحة داخل الجنوب وحضرموت عامة تيمناً بالأغلبية - ووجد انصاراً له وزبانية وقضي الأمر ؟!! .. إلى اللقاء في الحلقة الأخيرة بعنوان : رسالتي إلى كل ذي عقل ومروءة بحضرموت ...
بقلم الاستاذ : سعيد جمعان بن زيلع