ميلاد اليمن الاتحادي

عناوين عدة تصلحُ لهذه المناسبة، لكن يبقى مشروع اليمن الاتحادي الديمقراطي هو محور هذه المناسبة وغايتها. إنها مناسبة تولي فخامة المشير الركن، المناضل: عبدربه منصور هادي رئاسة اليمن، التي تصادف ٢١ فبراير  2012. السؤال وإن اختلفت صيغ طرحه: ما الذي يمثله هذا التاريخ من مثلٍ وقيمٍ سياسيةٍ حديثة لليمن؟

 

باعتقادي، خلال محاولتنا تناول هذ الموضوع، سوف تتشكل  القيم والمفاهيم السياسية التي تمثلها هذه المناسبة.

 

إننا نروم في المقام الأول أن نستعرض أبرز المحطات لانتخاب الرئيس المشير الركن: عبدربه منصور هادي، ودلائلها السياسية كي نَبسُطَ  للقارئِ اليمني المفارقةَ بينَ القيمِ السياسيةِ المثلى للحادي والعشرين من فبراير 2012- التي يحملُ مشعلها ويتبناها فخامة الأخ المشير الركن الرئيس هادي-  وأعباءُ الواقع اليمني الذي أنتجتهُ عقودٌ من الهيمنةِ العصبية والصراعاتِ المركبَة التي تُحاولُ إعاقةَ تحويل قيم ومُثُلِ هذه المناسبة إلى واقعٍ سياسيٍ وديمقراطيٍ جديد.

 

21 من فبراير 2012، مثًلَ بداية تدشين مرحلة جديدة لليمن، يتم خلالها نقد  ومعالجة الواقع السياسي والاجتماعي اليمني من منظور تصحيحي تمهيدًا للولوج الى مرحلة تالية محورها اليمن الاتحادي وغايتها الديمقراطية والشراكة الوطنية .

 

كما عبرت هذه المناسبة عن رغبة اليمنيين بالتغييرِ وبناء اليمن الديمقراطي الحديث وعكست تطلعاتهم ومطالبهم التي صدحت بها حناجرهم خلال ثورة ٢٠١١ ولسان حالهم  الشعب يريد بناء يمن جديد قائم على دولة النظام والقانون ومؤسسات سياسيةٍ ديمقراطية.

 

لقد اُنْتُخِبَ المشير الركن هادي في هذا التاريخ، ويعتبر الرئيسُ الثاني للجمهوريةِ اليمنية التي كان عمرها آنذاك 22 عاما، ورثَ عن الحقبة السياسية لسلفه إرثاً ثقيلا من المشاكل -السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية- المتراكمة لعقود.

 

كما أن اليمنَ- بشطريه- قبل الوحدة اتسمَ باللااستقرار  السياسي، أنتجَ هذا اللاستقرار صراعات وحروباً (مذهبية، قبلية ومناطقية). تركت هذه الصراعات آلآماً على جسدِ اليمن. ولأن هادي هو ذلكَ -المناضل والقائد- الذي خَبَرَ الواقعُ السياسي لبلده، البلد الذي تتقاذفه عواصف داخلية عاتية، فقد أبدى رغبةً في تحديثِ اليمن ونظام الحكم، منذُ اليوم الأول لتسلمهِ مقاليد السلطة.

 

ومن أجل إخراج اليمنيين من أزمتهم السياسية المزمنة ومن الصراعات التي تتقاذف بلدهم، شرعَ المشير الركن هادي إلى مقاربةِ هذه الأزمة مقاربة دستورية لنقلِ  اليمن من المنهج التصارعي – القائم على الرقص على رؤوس الثعابين- إلى المنهج الديمقراطي التشاركي.

 

وفي هذا السياق، طرح هادي على طاولة اليمنيين الأسئلةَ والمشاكلَ التي أعاقت بناء دولتهم الحديثة، فجمعَ بحكمتهِ اليمنيينَ على طاولةِ الحوار الوطني، الذي شاركت فيه كل القوى- السياسية، المدنية والدينية- الفاعلة على الساحة اليمنية. ولأن إيجاد الدواء يبدأ بتشخيص الداء، فقد وقفتْ تلكَ القوى على محددات اللاستقرار باليمن، بهدف البحث عن إجاباتٍ للأسئلةِ وحلول للمشاكلِ التي أعاقتْ بناءَ اليمن الحديث. تٌرجمت هذه الإجابات والحلول من قبل فريقٍ من الخبراء القانونيين إلى صيغٍ دستوريةٍ حداثية في مسودة دستور جديد ليمنٍ اتحادي تشاركي.

 

أراد المشير الركن عبدربه منصور هادي بفضل نفاذَ بصيرته -من خلال هذا العمل السياسي العظيم – تحويل قاعدة الحكم في اليمن القائمة على فكرة الهيمنة العصبية  لما قبل ٢٠١٢ إلى القاعدة القائمة على الديمقراطية التشاركية، كما أرادَ نقل وظيفةَ الدولةِ القائمة على المركزية الشديدة  نحو الدولة القائمة على المشاركة السياسية في الحكم والإدارة وخدمة المجتمع في أي مستوى من مستويات الحكم في الدولة الاتحادية .

 

وفي هذا الإطار، وفقَ فخامة المشير الركن عبدربه منصور هادي في معالجة القضية الجنوبية وفقَ مقاربةٍ دستورية تشاركية بعد أن ظلَ النظام السابق يتعامل معها كمطالب لا تعدُ كونها مطالبَ اجتماعية.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص