منار ومنار!

وللإرهاب صور متعددة فقد تجاوز بظني صورته النمطية التي رسمت في الأذهان، من تفجير وإختطاف وقتل وحرق وسحل ودفن بالجملة دون رحمة أو شفقه، بل لربما صاحبتها إبتسامة عريضة وتشفي بالضحية وشكراً للإله الذي سهل المهمة وأعان على تنفيذها حسب زعمهم!

تلك الصور المتعددة لفت نظري إليها ماقاله سيادة اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك محافظ حضرموت الذي قال في إحدى خطابته المتلفزة بمامعناه أن الفساد الإداري الموجود يعد إرهاباً، والحرب عليه لاتقل أهمية عن الحرب المعلنة ضد الإرهاب وتنظيماته المختلفة، بعد أن هاله ماراه من ذلك الفساد العريض الذي ينخر في جسد المؤسسات الرسمية الحكومية في حضرموت.

وحين نستعرض تلك الصور المتعددة والمفاهيم المختلفة وندمجها معاً تتكون لدينا صورة قاتمة بين إطاراتها الأربعة تبرز واضحة ألوان العبث بالأرواح والإستهانه والإستهار بالسلاح وعدم الحرص على مصالح الناس وحفظ مكتسبات البلد التي هي ملك لكل أفراده!

تلك الصورة القاتمة لا أسهل من التعبير عنها ماحدثت من عمليات تفجير بالسيارات المفخخة والبشر المخفخيين والتي راح ضحيتها في مغرب رمضان المنصرم شباب في عمر الزهور وبالعشرات وبضغطة زر ساذجة وفي ثواني قليلة معدودة بينهم طفلة صغيرة تدعى منار صالح شرارة كانت تلهو إلى جوار رجال الأمن حينها، وماحدث قبل أيام قلائل لمنار ياسر باضاوي الطلفة الأخرى التي لقيت حتفها وهي تلهوا بجانب بيتها لتسقر في منتصف رأسها رصاصة راجعة أطلقها إرهابي من طراز جديد من مكان بعيد في لحظة فرح غامرة بزواج قريب له ربما!

ومابين منار ومنار وطرق إنهاء حياتها المساوية تبرز لنا بجلاء أوجه التشابه بين حملة السلاح المسترخصين لحياة ماسواهم، العابثين بالسكينة والأمن، والشاقين عصى طاعة ماتربت عليه مجتمعاتنا المدنية الحضارية من نبذ لطرائق الموت المجاني وعادات الباروت المدمرة وتقاليد الرصاص القاتل!

حالتا قتل مؤلم وشنيع نالتا من منار ومنار لاتقل فضاعة عن مثيلاتها من حالات القتل العمد التي أستهدفت المئات من رجالنا ونسائنا وشبابنا بمختلف وسائل الموت القذرة منذ سنوات سوداء خلت، تستوجب وقفات صارمة وقرارات حازمة ضد المنفذين والدافعين بهم والمروجوين والمحفزين لأساليب القتل الممنهج والفاهمين لطرق الفرح بالمقلوب!

منار ومنار حكايتا قتل فضيعة، لربما شآءت الأقدار لأن لتكون لهما نفس الأسم لعل ذلك يُحدث تحركاً سريعاً وعاجلاً مجتمعياً وسلطوياً وأمنياً وعسكرياً في حضرموت وخصوصاً في حوضرها المزدحمة بالسكان، لوضع حد نهائي لكل مظاهر جلب الموت وطرائق إزهاق الأرواح البرئية، فهل سنشهد تحركاً حقيقياً ملموساً ياسادة؟!

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص