الأمانة عند الحضارم

الأمانة خلق إسلامي أصيل وصفة إنسانية نبيلة، وقد كان لأهل حضرموت حظا وافرا من الاتصاف بهذه الصفة، الأمر الذي جعل لهم القبول في بلدان كثيرة هاجروا إليها كدول جنوب شرق آسيا، مثل : (ماليزيا وسنغافوره) ودول الخليج العربي مثل : (السعودية والكويت) .

والمتابع لأحوال حضرموت اليوم يجد أن ثمة انحسارا ملحوظا لهذا الخلق العظيم، إذا كان هذا الانحسار موجودا في مناطق كثيرة من اليمن أو من العالم فإن الأمر ينبغي أن يختلف بالنسبة للحضارم، ذلكم أن الأمانة لاسيما في الأمور المالية هي الصفة التي رافقت الحضارم لعشرات السنين عبر تاريخهم الحافل بالصبر والمصابرة، وأدلّل على ما وصفته بالانحسار بأمرين اثنين على سبيل المثال لا الحصر :

الأول :  فيما يتعلق بجرائم سرقة المحلات التجارية، حيث احتلت حضرموت المرتبة الثالثة بعد صنعاء وعدن في أكبر عدد لهذا النوع من الجرائم، وذلك في الفترة 1993 – 2008 كما جاء في إحصائية لوزارة الداخلية اليمنية نشرها موقع (الصحوة نت) بتاريخ 19/1/2010م.

الثاني : ما يتعلق بالفساد في قطاع التعليم الأساسي، والمتمثل في قيام عدد من المعلمين بالتغيب عمدا عن الحصص مع استمرار صرف رواتبهم كاملة أو شبه كاملة رغم أن أيام الغياب تكون بالشهور أو بالعام والعامين، بل وصل الأمر ببعض المعلمين أن يغادر بلدته للعمل في مدينة أخرى أو بلد آخر فترة غيابه الطويلة، ومع ذلك فإن الكشوفات الرسمية تثبت أن  هذا المعلم لا يزال على رأس العمل، وذلك على مرأى ومسمع من إدارة المدرسة أو إدارة التربية بالمديرية كلها .. وهذا الأمر لا يحتاج إلى إحصائية كما في المثال الأول، وذلك لانتشاره واشتهاره بين الناس وبين منسوبي التعليم بالأخص .. والضحية الأول والأخير في مثل هذا الاستهتار هو الطالب .

وهناك أمثلة أخرى كبعض المعاملات عند المنافذ الحدودية كمنفذ الوديعة ومثل ما يتعلق  بكارثة السيول وغيرها كثير، وعلى كل حال فإن انتشار مثل هذه الأمور (سرقة المحلات – على فرض دقة الإحصائية أعلاه - أو الكذب والتحايل في قطاع التعليم) والتي لا أحب أن أسميها بالظاهرة يدق ناقوس الخطر ويجعل أهل العقل والدين في حضرموت يتنبهون لاختلال ميزان القيم الأصيلة التي اشتهر بها الحضارم ردحا من الزمن، والذي قد لا يدرك عواقب هذا الاختلال الكثير من الناس .. وإذا كان الذي سرق محلا تجاريا أو تغيب عن الحصص المدرسية بالشهور قد أجرم في حق دينه أولا وفي حق مجتمعه ثانيا، فإن الذي رآه على جرمه  ولم يحرك ساكنا مع قدرته على ذلك ولو بالنصح والبيان فإنه يعد مشاركا له في الجريمة ..

أمور يضحك السفهاء منها ** ويبكي من عواقبها الحليم

 

بقلم : شوقي عبّاد

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص