لاتكن من القاعدين

لقد فتنت هذه الأنظمة المستبدة غالبية طوائف الشعب فتنتهم بإفقارهم فتنتهم بإذلالهم وامتهان كرامتهم فتنتهم بموالاته ومحاباته لأعدائهم .

ظننت أن هناك أمدا بعيدا يفصل بيننا وبين حريتنا وان الفتنة التي وضعتنا فيها هذه الأنظمة قد نجحت إلى حد بعيد في تحقيق أهدافها ولكن الله عز وجل أكرمنا بنفحه من نفحات جوده وفضله بان أيقظ عددا كبيرا من الشباب ليقولوا كلمتهم كلمة الحق في وجه السلطان الجائر قالوا بكل جرأة وشجاعة : أنهم يريدون إسقاط هذا النظام الفاسد المفسد المستبد الظالم فخرج معهم الملايين من جميع طوائف الشعب ممن اصطلوا بنار الفتنة .

فاسقط في أيدي سدنة النظام وشرعوا في حملة إعلامية شرسة لتبيض وجهه الكالح وبدأو في حملتهم الكاذبة يخاطبون كل فئة بما يقلقها من هذه الثورات فتارة يدعون بان هناك قوى خارجية تحرك الثوار وتارة يقولون أن هذه الثورات ستحدث فتنة وفوضى وخسائر ضخمة .

وبفضل الله عز وجل لم تثن هذه الأراجيف من همة الشباب الثائر ولكن ثمة فئة من الشعب تجاوبت معها خوفا من الوقوع في الفتنة ورأوا أن يلوذوا بالقعود والصمت حتى تمر الفتنة وظهر فريق من الناس ممن التبس عليهم الأمر يضربون بشدة على وتر الفتنة والفوضى ..

تعجبت كثيرا من هذا الادعاء وقلت في نفسي السنا نعيش منذ عقود طويلة في فتنة تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم حتى أصبحنا نتنفسها في صدورنا وتضج بها حياتنا ما الذي ننتظره إذن حتى ندفعها ؟

شعار قديم

 إن الزج بشعار إياك أن تقع الفتنة شعار قديم استخدمه البعض لتبرير قعودهم عن نصرة الحق ولدينا في السيرة النبوية أمثلة عديدة لذلك فعندما استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين للخروج لقتال الروم ( غزوة تبوك ) قال الجد بن قيس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله: أو تأذن لي ولا تفتني ؟ فوالله لقد عرف قومي ما رجل اشد عجبا بالنساء مني واني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا اصبر عنهن فاعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك فنزلت فيه وفي غيره قوله تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا ) التوبة 49

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه على هذا الموقف : فبين القران أن إعراضه عن الجهاد : فتنه عظيمة قد سقط فيها فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد إصابته ؟

ويستطرد قائلا :وهذا حال كثير من المتدينين يتركوا ما بجب عليهم من أمر أو نهي أو جهاد ليكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا لئلا يفتنوا بالشهوات وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منه  ؟

وعندما قاتل عبد الله بن جحش ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم بعض المشركين في آخر يوم من أيام شهر رجب قالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم واخذوا فيه الأموال وأسرو فيه الرجال فكان من نتيجة ذلك أن شعر عبد الله بن جحش ومن معه بحرج شديد فانزل الله عز وجل : ( يسألونك عن الشهر الحرم قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه اكبر عند الله والفتنة اكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) البقرة 217

أي إن كنتم قاتلتموهم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وأخرجوكم منه وانتم أهله وهذا اكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم ( والفتنة اكبر من القتل ) أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك اكبر عند الله من القتل .

مما لاشك فيه أن هناك مفاسد حدثت وستحدث كنتيجة متوقعة لهذه الثورة المباركة ولكن المصالح المترتبة على نجاحها اكبر بكثير من تلك المفاسد وستشملنا جميعا بعون الله وذلك على مستوى الفرد والمجتمع والأمة فإياك إياك أن تكون من القاعدين .

إياك أن تخذل هؤلاء الشباب وتعطي للمستبدين فرصة للقضاء عليهم بقعودك... إياك أن تنجرف وراء إرجاف المرجفين فالحق أبلج وقد تبين الرشد من الغي ...

وأخيرا ... فاني أقول لنفسي ولك أخي : أن الفتنة الحقيقية هي قعودنا عن نصرة الحق فإياك أن تقع في تلك الفتنة هيا هيا  لا تتردد ولا تكن من القاعدين

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .

بقلم الدكتور / مجدي الهلالي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص