تطلعات اليمنيين

إن الحمد لله ........

أيها الأخوة الكرام :

قال تعالى ( إن مع العسر يسرا ) لقد طالت المحنة التي نعيشها واشتد الكرب وأصبح البعض يتلفت عن يمينه وعن يساره باحثا عن مخرج وقد تعددت الطرق وتفرعت السبل يظن البعض أن الحل بيد الأمريكان والآخرون يرونه بيد الاتحاد الأوروبي وثالث يرى أن الحل عند دول الخليج ورابع يرى مجلس الأمن وهذه كلها أوهام وأماني والحقيقة التي لابد أن ندركها جيدا هو أن ما تمر بها بلادنا لا كاشف لها إلا الله فهو القاهر فوق عباده وهو الفعال لما يريد لا راد لقضائه ولا مبدل لكلماته ( إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون ) ..

وها هي بوادر الانفراج بدأت تلوح في الأفق وأشعة الفجر بدأت تطل بنورها إلى الأرض ، وهذا كما ذكرنا بفضل الله سبحانه وتعالى وكرمه علينا ثم بفضل أولئك الأبطال الذين خرجوا إلى الساحات ولا زالوا يواصلون مسيرتهم السلمية لأولئك الرجال نقول : لقد أدهشتم العالم بثورتكم التي أضاءت في السماء ورآها القاصي والداني ما عدا من هو أعمى البصر والبصيرة ، لقد أدهشتم العالم بصمودكم وثباتكم ، بإخوتكم وتفانيكم بالحفاظ على وحدة صفكم رغم ما يبذله المنافقون لشق عصاكم ، إنكم اليوم تنتقلون من نصر إلى نصر ومن مكرمة إلى أخرى إنكم تسقطون الظلم ساعة وساعة. بأخلاقكم الرفيعة اسقطم اخلاقه الرذيلة ، بوحدة صفكم اسقطم مكائده الوضيعة  ، بإصراركم على تحقيق أهدافكم تسقطون حيله الماكرة ، بدمائكم الزكية اسقطم تكبره وغروره ، بسلميتكم اسقطم رهاناته الخاسرة ، فهنيئا لكم صمودكم وهنيئا لكم إبائكم وعزة نفوسكم ...

 

 أيها الأخوة المؤمنون :

 إن المرحلة اليوم تتطلب منا أن نكون أكثر قربا من الله فليس لنا  معبود سوى الله رب العالمين فلا نستعين إلا به ، ولا نتوكل إلا عليه ولا نعبد إلا إياه فهو الإله الحق المقصود بالتأله والحب والتعظيم ، وهو المقصود لقضاء الحاجات وتفريج الكربات: " يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن " يغفر ذنباً ويفرج هما ويكشف كرباً ويجبر كسيراً ، ويغني فقيراً ويعلم جاهلاً ويهدي ضالاً ويرشد حيران ويغيث لهفان ويفك عانياً ، ويشبع جائعاً ، ويكسوا عارياً ويشفي مريضاً ويعافي مبتلا ، ويقبل تائباً ، ويجزي محسناً وينصر مظلوماً ويقصم جباراً ويقيل عثرة ويستر عورة ويؤمن روعه ، ويرفع أقواماً ويضع آخرين ، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل الليل ، يمينه ملأى لا تغيضها نفقة الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق فإنه لم يغض ما في يمينه ، قلوب العباد ونواصيهم بيده ، وأزمة الأمور معقودة بقضائه وقدره ، الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ، يقبض سماواته كلها بيده الكريمة والأرض باليد الأخرى ثم يهزهن ثم يقول أنا الملك أنا الذي بدأت الدنيا ولم تكن شيئاً وأنا الذي أعيدها كما بدأتها : " كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين " .

 

أيها الإخوة الأفاضل :

 الجميع ينتظر بعد الثورة أن يحدث تغييرا شاملا في البلد تغييرا يؤدي إلى رفعة اليمن وتقدمها وازدهارها يتطلع اليمنيون إلى أن لا تبقى بلدهم في ذيل القائمة في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها ...

يتطلع اليمنيون إلى نظام يقوم على أساس العدل والشورى انطلاقا من قول الله تعالى عندما وصف المؤمنين فقال ( وأمرهم شورى بينهم ) عدل وشورى يتحقق فيها بالفعل الرأي والرأي الآخر لا أن يصبح رأي واحد هو المهيمن والآراء الأخرى لا يؤخذ بها ، يتطلع اليمنيون إلى نظام يقوم على أساس المؤسسات والقانون نظام يتخلصون فيه من حكم الفرد وسلطة الفرد إلى حكم المؤسسات والدستور، يتطلع اليمنيون إلى نظام يقوم على أساس فصل السلطات عن بعضها نظام تفصل فيه السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية عن السلطة القضائية وهذا يضمن استقلالية هذه السلطات ويبعدها عن هيمنة الحاكم ..

يتطلع اليمنيون إلى قضاء عادل ونزيه يحكم بالعدل، يقف الجميع أمامه متساوون القوي والضعيف الحاكم والمحكوم ، يتطلع اليمنيون إلى نظام يسود فيه الأمن والأمان ويأمن فيه المواطن على نفسه وماله وهذا لا يكون إلا أن تفرض الدولة هيبتها بالقانون فإذا حل الأمان ستأتي الاستثمارات وينتعش الاقتصاد وعندها سيتحسن الوضع المعيشي للمواطن وهذا أهم ما يصبوا إليه المواطن ، الأمن والأمان وتحسين المستوى المعيشي  للناس هي من أهم مقومات الحياة والتي امتن بها الله سبحانه وتعالى على قريش فقال :( الذي أطعمهم من جوع وأمانهم من خوف) يتطلع اليمنيون إلى نظام يحترم الكفاءات والتخصصات نظام يضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن المحاباة الشخصية ، والعلاقات الأسرية ، بعيدا عن الحزبية الضيقة ، فالشروط التي ينبغي على أساس اختيار المسئولين هي الكفاءة والأمانة الكفاءة هي المؤهلات العلمية التي يمتلكها ذلك الشخص والأمانة وهي حفظه لأموال الشعب والأمة ، فلا يكفي المؤهل بلا أمانة ولا تكفي الأمانة بلا كفاءة قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) وقال أيضا على لسان ابنة شعيب عليه السلام (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) يتطلع اليمنيون إلى نظام حكم لا مركزي يعطي لكل محافظة استقلاليتها في إدارة شؤونها ويعطي لها نصيبها من ثروتها النفطية والزراعية والسمكية وغيرها ..

ايها الاخوة  :الأعزاء إن هذه ليست أحلام وأماني ولكنها ستكون حقيقة على الواقع أذا أخلصت النيات وتوفرت العزيمة لتحقيق هذه الأهداف على الواقع ....    

اقول ما تسمعون

الخطبة الثانية :

الحمد لله ......

أيها المؤمنون / ونحن نعيش هذه الأحداث و التغيرات يجدر بنا أن نذكر بعدة أمور ربما تطرقنا لها في أيام مضت و لكن لأهميتها و مكانتها نذكر  بها لتبقى ماثلة أمام أعيننا :-

النقطة الأولى /  الحراسات الليلية  : هذا العمل العظيم الذي لمسنا أثرة و فائدته على مجتمعنا الحراسات الليلية  ينبغي علينا تفعيلها بشكل أفضل لا سيما وأنه ربما  تسلل إلى بعضنا الفتور و الملل  و ضعف  الهمة ...... لطول المدة , فعلينا أن نجدد هممنا  و نقوي عزائمنا نجدد الهمة بتذكر الأجر الكبير , الذي جعله الله لمثل هذه الأعمال   قال صلى الله علية و سلم ( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله.)  يا له من أجر عظيم و مغنم كبير  , كيف لا يكون لك كل هذا الأجر  و أنت تبيت ساهراً  لينام الناس آمنـين مطمئنـين  تبيت حارسا ليطمئن أخوانك على أنفسهم و على أعراضهم و على أموالهم لاشك أنه عمل عظيم استحق صاحبه التكريم من رب كريم , لنتطلع إلى هذا التكريم بالتزامنا فيها , وكم لمسنا من آثار عظيمة من تآلف و تقارب بين الأحياء و الجيران فظلاً عن حصول الأمـن و السكينة .

 

أيها المؤمنون / نقطة أخرى ونحن نعيش تسارع الأحداث وتتبعها حينها تظهر وتكثر الشائعات  والأراجيف من هنا وهناك والشائعات خطرها كبير وضررها كثير على الفرد والمجتمع فهي تعمل على إقلاق الناس وترويعهم وتبث العداوة والبغضاء وتوغل الصدور وهذا ليس من أعمال المؤمنين إنما هي صفات المنافقين قال الله تعالى (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا )  فالمؤمن الحق يبتعد كل البعد عن مثل هذه الأعمال ولا ينجر وراءها فضلا عن تردديها ويكن مصدرا لبثها ،  بل عليه أن  يتحرى الصدق ويتثبت في الأمور قال تعالى : ( واذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف  أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا ) فلنتق الله ولنحرص على تماسك مجتمعنا وليسعى كل منا على نشر السكينة والأمان في نفوس إخوانه ...

أما الأمر الآخر الذي يجب التنبيه عليه والإشارة إليه والتذكير دائما وأبدا ونحن نمر بهذه المحنة التي نسأل الله أن يكشفها ألا وهو المدد الإلهي  الحبل المتين والسند العظيم وتوثيق الصلة بالله تعالى .. نوثق صلتنا بربنا بأداء الواجبات نوثق صلتنا بربنا بالمحافظة على الفرائض والصلوات ونوثق صلتنا بربنا بدوام الاستغفار والمحافظة على الأذكار بالتضرع إليه والانكسار بين يديه فهو وحده سبحانه القادر على كل شيء وبيده مقاليد الأمور كلها هو وحده سبحانه مفرج الهموم كاشف الكروب  فالتجأوا اليه  والحوا عليه في الدعاء فانه لا يرد أحدا قرع بابه ( وإذا سالك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا  دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) وقال الله تعالى ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )  يعطي من يشاء ويمنع من يشاء يرفع من يشاء  ويضع من يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء  له الأمر والخلق له الحكم ولا معقب لحكمه ...

 يا من يرى ما في الضمير ويسمع  ****** أنت المعد لكل ما يتوقع

يا من يرجى للشدائد كلها        ******* يا من إليه المشتكى والمفزع

يا من خزائن ملكه في قول كن ****  امنن فان الخير عندك اجمع 

فلنوثق الصلة بربنا ومن تمام توثيق الصلة بالله تعالى توثيق عرى الأخوة .. المحبة فيما بيننا فلا ننسى هذا الأمر العظيم الإخوة والمحبة هي أساس كل خير بها تتنزل رحمة الله علينا ولنحذر كيد الكائدين وحقد الحاقدين الذين يريدون تفريق صفنا وإفساد ذات بيننا قال الله ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم  )  فإذا ما تآلفت القلوب وار تصت الصفوف جاءتنا رحمة الله .....

أيها المؤمنون / ونقطة أخرى اختم بها الحديث وهي رسالة خاصة إلى صنف من الناس من حباهم  الله بنعمة المال إلى إخواننا من التجار وهي أن يغتنموا هذه الفرصة  لمضاعفة الأجور عند الله وذلك بمساعدة إخوانهم والتيسير عليهم  وعدم رفع الأسعار أو الاحتكار لتحل عليهم البركة في أموالهم وأهليهم في مثل هذه الأزمات  تظهر معادن الرجال  .....

  والله يقول (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) فليتقوا الله في إخوانهم ولا يستغلوا الأزمات في الربح السريع من خلال المعاملات السيئة كالاحتكار وغيره .. فهذه وان كان ظاهرها الربح فهو خسارة وممحقة للمال خسارة الدنيا والآخرة عياذا بالله ...فاتقوا الله وثقوا بما عند من البركة العظيمة والأجر الكبير ونعمة البركة هي من أعظم ما يعطاه الإنسان وإذا لم توجد فمهما أعطي الإنسان من المال يضيع ولا يدري أين ذهب اصدقوا مع الله ومع عباد الله يبارك لكم .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( التاجر الصدوق مع النبيين ......)  

وصلوا وسلموا

 

سالم عبود خندور

خطبة جنعة 8 رجب 1432 1432هـ الموافق 10 يونيو 2011  بمسجد عمر حيمد بسيئون

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص