احذروا محرقة السياسة.

هذا هو العنوان الذي وجدته يناسب موضوع حديثي هذه المرة ، أنها مسألة غاية في الأهمية أود أن أطرحها عليكم هنا أيها السادة الكرام. منذ فترة الاحظ مسألة خطيرة تتمثل وجود حفرة سحيقة عميقة تتردى فيها كثير من الهامات والقامات والشخصيات المحترمة ، الواحد تلو الآخر. وكل ذلك يحصل للأسف الشديد دون شعور من قبل الضحايا ولا حتى من قبل جمهور عامة الناس وهم يشاهدون مايحدث أمام ناظريهم . وربما مرجع ذلك هو عدم معرفة السبب والعلة وكيف ولماذا ؟ ما أريد الحديث عنه يتمثل في : أن بعض الشخصيات الهامة والمحترمة والتي بنت لها رصيداً تاريخياً معتبراً لدى جمهور كبير من الناس وقدمت للمجتمع الكثير والكثير وأصبحت محل إحترام وتقدير لدى غالبية الشعب أو لدى جمهور معين من الناس قد تخسر كل ذلك الرصيد وتهتز فيها كل تلك الثقة لدرجة كبيرة وفي لحظات خاطفة وسريعة!! والمشكلة الأخطر أن سبب خسارة تلك الشخصيات لرصيدها وسمعتها يكون نتيجة لمبادرتها وربما بحسن نية وقصد بل أكاد أجزم أن أكثر تلك الحالات كانت منطلقاتها هي تقديم المزيد من الخدمات للناس لكن للأسف ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فكانت النتائج عكسية تماماً . ولو حللنا الموضوع لوجدناه يختزل في عبارة جامعة تقول : " من تدخل فيما لا يعنيه جاه الذي لا يرضيه " أو بأكثر وضوح حديث " رحم الله إمرءٍ عرف قدر نفسه " . أو باللهجة الحضرمية " خل منك التعراض " . فمثلاً هناك شخصيات بنت تاريخها وسمعتها في المجال الإجتماعي وخدمة الناس. وهناك شخصيات أخرى أبدعت في المجال العسكري أو الأمني أو الطبي أو التجاري أو الديني الشرعي والخطابة والوعظ والإرشاد والفتوى فأصبح كل واحد من هؤلاء مبدعاً في مجاله قدوة في تخصصه يشار إليه بالبنان في هذا المجال أو ذاك. فنال إحترام المجتمع بشكل عام وأصبح محط ثقة وفخر . ولأن مجتمعاتنا قد أهملت المجال السياسي مقارنة بباقي المجالات الأخرى . وأقصد إهماله من ناحية التخصص العلمي كباقي العلوم الإنسانية والطبيعية الأخرى فقد حصل جهل شديد ومركب في هذا المجال فامتطاه أجهل خلق الله وشوهوه إلى أبعد ما يمكن أن يشوه أي شئ في ذهن أي بشر . مما جعل عامة الناس بل وحتى خاصة الخاصة يعزفون عن الخوض في مجال السياسة ويحذرون وينصحون بالإبتعاد عنه رغم أهميته وخطورته. وفي الفترة الأخيرة وفي ظل ماتشهده بلادنا من أهتزاز لمنظومة الحكم والسياسة ظهرت الحاجة الملحة والعاجلة لوجود قيادات سياسية تتصدر المشهد وتسد هذا الفراغ الذي نشأ على حين غرة. لقد تبادر للبعض وبحسن نية بأن هذه الرموز التي أشرت لها مطلع كلامي تصلح أن تتصدر المشهد ظناً منهم ومنها بأن الأمر بسيط وسهل وبما أن هؤلاء رجال دين مشهود لهم بالصلاح والتقى أو بما أنهم أكاديميين قد نالوا شهادات علياء في تخصصاتهم أو بما أنهم قادة عسكريين مخضرمين ومشهود لهم بالكفاءة والمقدرة في مجالهم أو بما أن هذا الشخص مصلح اجتماعي أو صاحب فضل في مساعدة الفقراء والمساكين أو بما أنه مدير مدرسة ناجح ونموذجي أو....... الخ من أهل الكفاءة والمقدرة والتقدير والإحترام في المجتمع. إذاً فهولاء يصلح أي واحد منهم ليتصدو الشأن السياسي . وما هي إلا لحظات أو أشهر أو حتى سنتين ونصف وإذ بهذا النموذج العظيم والقدوة البارزة تنهار وتفشل فشلاً مدوياً وذريعاً . وتخسر في بعض الأحيان أو في غالبية الحالات تخسر رصيدها السابق ومكانتها التاريخية القديمة في محرقة المهمة السياسية الجديدة . وتبدو كقزم في معركة العمالقة أو كقشة تتقاذفها تيارات السياسة المتلاطمة التي لا ترحم . والحقيقة أنه كان عملاقاً بحقٍ وحقيقة ولكن في مجاله وتخصصه ، فمن نجح في مجال لا يعني بالضرورة أن ينجح في كل المجالات. فلو أن شيخاً أو قائداً عسكرياً بارزاً لاحظ بأن في مجتمع من المجتمعات لا يوجد طبيب متخصص يعالج المرضى أو مهندس في مجال من مجالات الهندسة يلبي احتياجات الناس فقرر شيخنا هذا أو قائدنا العسكري هذا أن يتصدى للأمر ويفتح عيادة أو مكتب هندسة أو ورشة. كيف تتوقعون ستكون النتائج؟؟ . هل يكفي رصيده التاريخي في مجال العلوم الشرعيه أو العسكرية أن يخدمه في هذا المجال الذي عزم أن يمارسه ولو كان ذلك بحسن نية وطيب مقصد. ؟؟!! أيها السادة الكرام : هذه المسألة مهمه وتستحق التوقف عندها حتى لا نخسر ونستنزف ماتبقى من رموز وقامات وهامات اجتماعية ومهنية واكاديمية ورجال دين ومصلحين وأطباء ومهندسين ....الخ . وارجو أن لا يفهم البعض كلامي فهماً قاصراً . فهناك حالات قد يجمع فيها الشخص بين تخصصين أو أكثر من تخصصات الحياة المختلفة . وهناك شواهد على ذلك. لكني أظن بأن مقصدي قد بان وقصدي قد اتضح . والله من وراء القصد .والسلام عليكم . ..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص