العدل

حضرموت اليوم / سيئون / طلال جواس

      كلمة ما أجمل ذكرها وما أحسن فعلها .. بها أرسل الرسل وأنزلت الكتب ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب ليقوم الناس بالقسط ) وبها يُحكم العباد يوم التناد ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) . وهي قانون الحكم بين العباد ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله بالقسط . ولا يـجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا . اعدلوا هو أقرب للتقوى ) ولقد سمى الله نفسه العدل وأرسل رسله ليحكموا بين الناس بالعدل وأمر عباده عند القول أن يقولوا العدل ( وإذا قلتم فاعدلوا ) –  لأنه الأساس في سعادة الإنسان – لذلك نجد أن الله أمر نبيه داوود عليه السلام بذلك فقال : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ – أي بالعدل – وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ  ) ص26 .

فما أحوج الناس اليوم إلى مفهوم العدل حكاماً ومحكومين رعاة ورعية ، فبه تستقيم حياة الناس ومعيشتهم ويعيش الناس في كنفه أخوة متحابين متعاونين فيما بينهم . فيؤمَّن الخائف ويُنصَر المظلوم ويردع الظالم وتستقر الحياة ويذوق الخلق جميعهم طعم العدل وحلاوته . وهذا ما عاشه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وعاشته معه رعيته يوم أن حكم بالعدل بين الناس . يقول أحد رعاة الغنم في عهده : ( لقد عرفنا موت عمر بن عبد العزيز يوم أن عدت الذئاب على الغنم ) بمعنى أنه يوم كان خليفة على المسلمين كانت الذئاب لا تعدو على الأغنام لأن الأرض حُكمت حينها بالعدل . فعاش عليه رضوان الله يداً حانية لكل محتاج وأباً مشفقاً لكل مسلم . فرضي الله عنه وأرضاه . حكم الأرض سنتين وبضعة أشهر فملأها عدلاً وقسطاً فليكن لنا قدوة في الحياة ولنأخذ من سيرته العبر والعظات في العدل وقول الحق .

ومن قبله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينام على الأرض فيمر عليه الأعرابي فيراه مستلقياً بجسده تحت ظلال شجرة متوسداً يده . فيقول : ( حكمت .. فعدلت .. فأمنت .. فنمت قرير العين يا عمر ) .

فيا ليت شعري .. متى يأتي اليوم الذي يرى الناس فيه العدل حقيقة لا خيالاً . وواقعاً لا كلاماً .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص