فاستقم كما أمرت

الخطبة الأولى

الحمد لله معز من استقام على نهجه واتقاه ومذل من خالف أمره وعصاه نحمده تعالى ونؤمن به ونتوكل عليه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له اسمع إليه وهو يقول في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملا ذكرته في ملا خيرا منه وان تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وان تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وان أتاني يمشي أتيته هرولة ) واشهد ان نبينا وحبيبنا ومرشدنا ومعلمنا محمد رسول الله اسمع إليه وهو يقول ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يارسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .عباد الله ...أوصيكم ونفسي بتقوى الله ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب , ( ياايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ) ثم امابعد فيا أيها المؤمنون :-

عاش المسلمون شهر رمضان صائمون قائمون يتلون القران ,يحفظون ألسنتهم وأعينهم وأسماعهم عن أي معصية , عاشوا رمضان في ذكر واستغفار وصدقة وإنفاق وبر وإحسان وصلة للأرحام ومودة وتكافل , عاشوا حياة طيبة وهذه الحياة الطيبة التي عاشها المسلمون على مدى 29 يوم لاتعني أنهم يعيشونها في هذه الأيام فقط وإنما ينبغي أن يعيشوها في إحدى عشر شهرا وليس في رمضان فقط , عيهم ان يستمروا في الصيام والقيام وأعمال البر والإحسان ..

أيها المؤمنون : إن ثمار رمضان تظهر بعد رمضان فان لم نجد هذه الثمار فانه لم يتقبل منا رمضان لان الله يقول ( إنما يتقبل من المتقين ) ان من ثمار رمضان والتي سنتحدث عنها اليوم الاستقامة , لان شعائر الإسلام إنما جاءت ليستقيم هذا الإنسان على طريق الله ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون ) رمضان جاء ليرتفع المسلم إلى مستوى أن يسير على الصراط المستقيم الذي يدعو الله في كل ركعة في صلاته ( أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ( لذلك فأدعو واستقم كما أمرت ) ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) فماهي الاستقامة ؟ وكيف نحافظ عليها وأين نجدها وماهي مظاهرها وكيف نحققها في حياتنا ؟؟؟ عباد الله : الاستقامة هي سلوك الطريق المستقيم وتشمل فعل الطاعات وترك المنكرات وهي انضباط لأمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم , وهي لزوم طاعة الله في كل حياتك وفي عقيدتك وعبادتك ومعاملاتك وأخلاقك وفي سلوكك وفي بيتك وسوقك وعملك وبيعك وشراءك وأقوالك وأفعالك , الاستقامة هي خلاصة الدين كله , روى مسلم عن أبي عمرو قال : قلت يارسول الله : قل لي في الإسلام قولا لا أسال عنه أحدا غيرك قال : صلى الله عليه وسلم : ( قل أمنت بالله ثم استقم )(فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للكافرين ) فالاستقامة تضمن لنا أمنا وسكينة واستقرارا وطمأنينة في الدنيا والآخرة (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا والآخرة ) الاستقامة يقول عنها الصديق رضي الله عنه : هي أن لاتشرك بالله شيئا , ويقول الفاروق عنها : هي أن تستقيم على أمر الله ونهيه ولاتروغ روغان الثعالب ولاتكن منافقا أو مجاملا أو مداهنا , إن ضعف الناس ضعفت وان طبل الناس طبلت ولكن استقم وليكن هدفك أن يرضى الله عنك , فمن أرضى الله بسخط الناس أرضى عنه الناس ومن اسخط الله برضى الناس فقد اسخط عليه الناس , ويقول عثمان : الاستقامة هي إخلاص العمل لله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحيياي لله رب العالمين ) ويقول الإمام علي رضي الله عنه : الاستقامة هي الاستقامة على فرائض الله فتأتمر بأمر الله وتنتهي عما نهى الله عنه , لذلك عباد الله :- الاستقامة هي طريق النجاة في الدنيا وفي الآخرة , فما أحوجنا إلى الاستقامة حتى تستقيم أحوالنا وإذا استقمنا لصلحت بلادنا ولبوركت لنا في أرزاقنا ولحلت مشاكلنا ( والو استقاموا على الطريقة لاسقيناكم ماءا غدقا ) ( ولو ا ن أهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) لكن عندما اعرضوا عن الاستقامة ( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ...) فمااحوجنا إلى الاستقامة حتى ننعم بالأمن والاستقرار والسكينة ... عباد الله :- فماهي مظاهر الاستقامة ؟؟ مظاهر الاستقامة هي في قول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه - حينما قال ( أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها : خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية، و العدل في الغضب والرضى، والقصد والاعتدال في الفقر والغنى، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وأن يكون صَمْتي فِكْرا، ونُطْقِي ذِكْرا، ونظري عبرا ))) أيها المؤمنون :- هذه هي مظاهر الاستقامة ومعنى الاستقامة وكيف نحافظ عليها وليسال كل واحد منا نفسه : هل هو في شوال وفي الأشهر القادمة سيظل ملتزما بهذه المظاهر ويثبت على ماكان عليه في رمضان ويكون كما قال الله تبارك وتعالى ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) فكيف ف نحقق الاستقامة في حياتنا اليومية وكيف نمارسها سلوكا وعملا سأستعرض ذلك لكم بعد جلسة الاستراحة إلى ذلك الحين استغفروا ربكم يغفر لكم انه هو الغفور الرحيم ..........

الخطبة الثانية

الحمد لله .................

وبعد :- أيها المؤمنون عباد الله : كيف نحقق الاستقامة في حياتنا اليومية وكيف نمارسها سلوكا وعملا ؟؟؟ استعرض لكم ذلك من خلال الآيات التي وردت بعد آية الاستقامة في نهاية سورة هود التي اخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( شيبتني هود وأخواتها – وأخواتها هي سورة الواقعة , الحاقة , المرسلات , عم , وإذا الشمس كورت ) استعرض لكم من خلال هذه الآيات وسائل تحقيق الاستقامة في حياتنا اليومية ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك , ولا تطغوا انه بما تعملون بصير , ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون , وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين , واصبر فان الله لايضيع اجر المحسنين ) فالوسيلة الأولى لتحقيق الاستقامة في حياتنا سلوكا وعملا قول الله - ولا تطغوا انه بما تعملون بصير – فالطغيان هو تجاوز الحد إما في حقوق الله أو حقوق

الناس أن تتجاوز الحلال إلى الحرام والعدل إلى الظلم , فالله يعلمنا الاستقامة وعدم الطغيان – الوسيلة الثانية : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) أن لاتركن ولاتستعين ولاتناصر ولا تصفق لظالم اوطاغية ولاتكن عونا لهم ولا تسخر نفسك لظالم ولاتكن سوطا بيد ظالم , فان فعلت ذلك ووقفت مع الظالم تكون شريكا له وتكون معه في جهنم عياذا بالله . الوسيلة الثالثة : (ومالكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون) أن لاتتخذ الظالمين لك أولياء بل عليك أن تتخذ الله ورسوله والذين امنوا أولياء ( إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا ) الوسيلة الرابعة : المحافظة على الصلاة في أوقاتها وبأركانها وخشوعها (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) الصلاة اليوم التي خف ميزانها والتي أضاعها كثير من المسلمين اليوم فتركوها اوتكاسلوا فيها ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) الوسيلة الخامسة : لتحقيق الاستقامة في حياتنا اليومية (واصبر فان الله لايضيع اجر المحسنين) فالاستقامة تحتاج إلى صبر , صبر على طاعة الله وصبر على معصية الله وصبر على أقدار الله , الوسيلة السادسة : ان تكون اداة تغيير في المجتمع ان تكون امرا ناصحا مصلحا مربيا وان لاتكتفي بصلاح نفسك بل ان ينتقل صلاحك لنفسك الى الاخرين تجد ذلك في قول الله (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين , وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) تلك هي الوسيلة السادسة ان تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من راى منكم منكرا فليغيره بيده ومن لايستطع فبلسانه ومن لايستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان ) الوسيلة السابعة لتحقيق الاستقامة في حياتنا اليومية : ان تكون عضوا فعالا في جسم هذه الامة تجد ذلك في قول الله : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ , إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) الوسيلة الثامنة من وسائل تحقيق الاستقامة في حياتنا اليومية: ان يكون عقلك وقلبك جنديين في ميدان الحياة , يوم ان ترقى بنفسك الى ماخلقك الله له يوم القيامة وهو ان تتعض وتقف مع ايات الله ومع القران يوم تنتفع بالقران وتنفعك الموعظة والذكرى (( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين , وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون , وانتظروا إنا منتظرون) الوسيلة الاخيرة من وسائل تحقيق الاستقامة في حياتنا اليومية : ان تكون عبدا متوكلا على لله وان تتخلى عن البشر وتستعين بالله وان تعبد الله وحده وان تخاف من الله وحده وان تطلب الرزق من الله وان تعلم ان الحياة والموت والرزق بيد الله عزوجل (ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون) .وعليك ان لاتطلب نفعا اوضرا من البشر ولاتخشى من البشر لانهم (ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ) فعلينا ان نتوكل على الله ( وتوكل على الحي الذي لايموت ) ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )وان نعتمد على الله وتقول (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) وان نرجع الامور كلها لله تبارك وتعالى (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله , ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ) فعلينا ان نستقيم على طاعة الله ولتستقيم سلوكنا واعمالنا وان نثبت على ذلك حتى تكون لنا الجنة ويقال لنا (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم .) وصلوا وسلموا .......................

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص