أثارت التحركات والإجراءات الأخيرة لعضو مجلس القيادة الرئاسي "فرج البحسني" في محافظة حضرموت (شرقي اليمن) موجة سخط "عارمة"، كشف عنها موقع "يمن ديلي نيوز" والتي قوبلت بالاتهام والنفي والمطالبة للتحالف العربي بالتدخل لوقف تحركات البحسني .
والبحسني ينتمي لمحافظة حضرموت، وشغل منصب محافظ المحافظة وقائد المنطقة العسكرية الثانية حتى العام 2022.
في 7 إبريل/نيسان، عين البحسني عضوا في مجلس القيادة الرئاسي، حيث ظل محتفظا بمناصبه حتى تم تجريده منها بعد أشهر من تعيينه في الرئاسي، وخلال العام الماضي 2023 اختاره عيدروس الزبيدي نائبًا لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
مؤخراً عاد فرج البحسني إلى حضرموت بعد جولة شملت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حضر فيها اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي أقر خلالها مصفوفة لتطبيع الأوضاع في حضرموت.
وخلال الأيام الماضية نفذ البحسني سلسلة زيارات ميدانية من بينها زيارته لمقر قيادة حلف قبائل حضرموت، إلا أن تحركاته يوم أمس الخميس، نكشت عش الدبابير، وأظهرت النار المشتعلة تحت الرماد إلى السطح بعد عامين من الغليان غير المعلن تجاه تدخلات "البحسني".
أمس الخميس قام "البحسني" بزيارة ميناء الضبة لتصدير النفط وشركة بترومسيلة لاستكشاف وإنتاج البترول ليخرج بعدها بمنشور على منصة إكس تحدث فيه عن وجود خط لأنبوب نفط بقطر كبير يمتد من قرب خزانات النفط بالضبة وباتجاه أحد الأحواش التي تقع على مسافة من موقع منشآت الضبة.
وقال إن الغرض من هذا الأنبوب هو ضخ النفط الخام وتصفيته بطريقة غير قانونية، مشيرًا إلى وجود مصفاة بدائية لتكرير النفط الخام في منطقة الحوش الواقع بالقرب من محطة الريان، التي تزود بها بترومسيلة المحطة لتشغيل الكهرباء. مشيرًا إلى أن الصهاريج التي خرجت من الحوش تكشف وجود تواطؤ لتهريب مادة الديزل بعد عملية تكريره.
البحسني قال إنه وجه باتخاذ الإجراءات القانونية بحق مخالفات وممارسات لتهريب ونهب كميات من النفط بطرق غير شرعية، موجهًا باحتجاز اثنين من مديري العموم بمحافظة حضرموت، تم الإفراج عنهما في وقت لاحق.
سخط واتهامات وتكذيب
هذه التحركات للبحسني أثارت ردودًا ساخطة ضده ظهرت للعلن لأول مرة، حيث بادر المكتب التنفيذي للسلطة المحلية لعقد اجتماع استثنائي خلال المساء للوقوف أمام تحركات البحسني التي وصفها بالمخالفة.
واتهم المكتب التنفيذي "البحسني" باتخاذ إجراءات وصفها بـ"التعسفية" ضد بعض مديري العموم في السلطة المحلية، وذلك خارج النظام والقانون. معلنًا أنه يعاني من صعوبة في أداء مهامه وواجباته في ظل التدخلات المستمرة للبحسني دون تنسيق وتواصل مع قيادة السلطة المحلية.
واستنكر المكتب التنفيذي الإجراءات التي تم اتخاذها ضد بعض مديري العموم في السلطة المحلية خارج نطاق النظام والقانون من قبل "البحسني"، معبّرًا عن أسفه لهذه التصرفات التي يجب ألا تصدر عن عضو في مجلس القيادة الرئاسي.
وأعرب المكتب عن أمله في تدخل رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأصدقائه في التحالف العربي بشكل عاجل لإنهاء هذا الاختلال والتصرفات اللامسؤولة، ولعودة المكتب التنفيذي في المحافظة للعمل دون تدخلات من أي طرف كان.
معلومات مغلوطة
وفي بيان آخر صادر عن محافظ حضرموت "مبخوت بن ماضي" وصف المكتب التنفيذي لمحافظة حضرموت زيارة عضو مجلس القيادة الرئاسي "البحسني" للمصفاة بـ"التصعيد". وقال إن معلومات البحسني مغلوطة وهدفها النيل من المحافظة.
وأقر "بن ماضي" بأن وحدة تكرير النفط الخام في محطة الريان تم إنشاؤها بشكل رسمي، بعد مخاطبة الجهات العليا واطلاعها على الأمر، والتنسيق مع وزارة النفط والمعادن وشركة بترومسيلة لتزويد الوحدة بالنفط الخام اللازم للتكرير.
وقال إن السلطة المحلية اتخذت هذه الخطوة بعد توقف مخصصات الديزل الواردة من شركة بترومسيلة، ولن تقف مكتوفة الأيدي دون وضع المعالجات الضرورية المتاحة لتجاوز هذه الصعوبات، بل تم اتخاذ القرار وفق أطر رسمية.
وشدد البيان على عدم وجود أي مصفاة أخرى تعمل في المحافظة، وتعلن براءتها من أي مصافٍ (إن وجدت). كما تم التوجيه بالتحري عن هذا الأمر بالتنسيق مع وزارة النفط والمعادن والجهات المختصة، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
واعتبر بيان بن ماضي حديث البحسني عن وجود أنبوب نفطي يربط منشآت شركة بترومسيلة في ميناء الضبة بوحدة التكرير في محطة الريان "ادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة، وبحسب تأكيد وزارة النفط والمعادن، فإن الأنبوب الذي تم الترويج له هو مشروع حكومي سابق، حيث كانت الحكومة تعتزم ربطه بمصفاة كان من المزمع إنشاؤها بالقرب من ميناء الضبة، إلا أن المشروع تعثّر ولم يتم ربطه بمنشآت شركة بترومسيلة.
وشدد البيان على استعداد السلطة المحلية للتعاون مع أي جهة حكومية أو رقابية، وفق الأطر القانونية، لتوضيح الحقائق ودحض ما وصفتها بـ "الأكاذيب والإشاعات المغرضة".
وقال: كنا نأمل ممن يفترض بهم الحرص على مصالح وثروات حضرموت أن يتوجهوا بالسؤال إلى السلطة المحلية لمعرفة الحقائق والأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذا الإجراء، حرصًا منها على توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطن، في ظل محاولات البعض حرمانه منها.
حتى بترومسيلة
حتى شركة بترومسيلة التي تواجه اتهامات بالفساد تقدر بأكثر من مليار دولار، هي الأخرى خرجت للدفاع عن ذاتها من اتهامات "البحسني" حيث نفت صلتها بأي أعمال إنشائية تتم خارج حدود وأسوار ميناء الضبة ومنشآته، وأن أنابيب ذلك المشروع تبعد أكثر من 600 متر عن الخزانات.
وذكرت "بترومسيلة" في بيان وصل "يمن ديلي نيوز"، أن أنابيب ذلك المشروع لم تتعد أسوار منشآت ميناء الضبة ولم تدخل حدود حرم الميناء، ولم تقم الشركة بربطه منذ إنشائه وإلى يومنا هذا.
وقالت إن جميع كميات النفط الخام التي تصرف من ميناء الضبة بالقواطر لصالح كهرباء عدن ومحطة كهرباء الريان تتم وفقًا لتوجيهات رسمية حكومية، وتصرف حسب آلية متفق عليها ويتم التحاسب والمطابقة عليها مع الجهات المختصة في وزارة النفط والمعادن بشكل دوري ومنظم.
بيان متناقض
وبعيدًا عن جغرافيا حضرموت وجدت وزارة النفط في الحكومة المعترف بها دوليًا أن لها نصيبًا من اتهامات البحسني، حيث أصدرت في وقت متأخر من مساء أمس الخميس بيانًا متناقضًا نفت فيه اتهامات البحسني التي وصفتها بالشائعات المغرضة، وأشادت بزيارته لميناء الضبة.
الوزارة على لسان مصدر مسؤول قالت إنه لا صحة للأخبار وما وصفتها "الشائعات المغرضة" التي يتم تداولها بشأن وجود خط لأنبوب نفط غير قانوني بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن).
وذكر المصدر في بيان نشرته وزارة النفط أن لا علاقة لوزارة النفط والمعادن، ولا لشركة بترومسيلة، بوجود أنبوب نفط غير قانوني بميناء الضبة، حيث إن العمل في خط الأنبوب الممتد من موقع المصفاة متوقف منذ أكثر من عامين.
وأوضح المصدر أن الشركة المستثمرة لبناء المصفاة الجديدة المقرر إقامتها بقرار حكومي في حضرموت، قد هدفت من إنشائها لتزويد المصفاة بالنفط الخام، وقد تم التوقف عن استكمال العمل فيها منذ عامين.
ولفت المصدر المسؤول إلى أن وزارة النفط والمعادن والشركات والوحدات التابعة لها، تؤدي دورها الوطني بكل مسؤولية، رغم التحديات الصعبة التي تواجهها، خاصة بعد استهداف موانئ التصدير النفطية وتوقف عمليات التصدير منذ أكثر من عامين.
ومع أن الاتهامات صادرة عن عضو مجلس القيادة الرئاسي إلا أن مصدر وزارة النفط المسؤول وبدلاً من توجيه بيانه إلى البحسني، وجه دعوته لوسائل الإعلام والنشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى عدم الانسياق وراء الأخبار غير الصحيحة، نظرًا لما قد يمثله تصديق هذه الشائعات من تأثير على الشركات والثروات السيادية التي تعود بالنفع على كافة أبناء البلاد.
ولمحاولة استرضاء البحسني ذهب المصدر المسؤول للإشادة بزيارة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي "فرج البحسني" إلى ميناء الضبة لتصدير النفط وشركة بترومسيلة، للاطلاع على أوضاع الميناء بعد توقف نشاطه جراء تعرضه للاستهداف من قبل الحوثيين.
وخلال العامين الأخيرين تتحدث مصادر في حضرموت عن تدخلات مستمرة لعضو مجلس القيادة الرئاسي "فرج البحسني" في عمل السلطة المحلية تعيق مهامها، إلا أن ذلك ظل طي الكتمان، حتى جاءت زيارته الأخيرة لميناء الضبة لتخرج السخط المتنامي ضد البحسني إلى العلن.
#مصدر التقرير : موقع "يمن ديلي نيوز"