الحمد لله رب العالمين ..
أيها المؤمنون :
عمر الإنسان في هذا الحياة قصير ومحدود مهما عمر الإنسان فإنه ميِّت جاء جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم قال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه وأعمل ما شئت فإنك مجزي به) وفوق هذا فالإنسان لا يدري متى يأتيه أجله ، لذ أمرنا الله عز وجل بالمسارعة إلى الخيرات وفعل الطاعات واغتنام الأوقات ، المسارعة إلى فضل الله ورحمته إلى جنته ومغفرته قال الله (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )
وقال جل ثناؤه (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)
سمع هذا النداء المؤمنون الصادقون فتسابقوا وشمروا عن ساعدهم وجعلوا من هذه الدنيا محراباً لطاعة الله يتنافسون فيها .
أيها المؤمنون :
على مقدار سرعة الإنسان في الدنيا في طاعة الله تكون سرعته يوم القيامة في المرور على الصراط .. الصراط الذي هو أدق من الشعر وأحد من السيف يوم ينصب على متن جنهم . قال عليه الصلاة والسلام (يؤتى بالصراط يوم القيامة فينصب على متن جهنم فيمر الناس على قدر أعمالهم منهم من يمر كالبرق..)(الحديث) على مقدار سرعة المسلم لطاعة ربه في الدنيا تكون منزلته في الجنة لأن الناس في الجنة درجات ومنازل تختلف باختلاف أعمالهم في الدنيا (إن أهل الجنة يتراؤن أهل الغرف فوقهم كما تتراءون الكواكب العابر في الأفق ما بين المشرق والمغرب للتفاضل فيما بينهم .. قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال لا بل أناس من أمتي آمنوا بالله وصدقوا المرسلين (أو كما قال الحديث)
تنافس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسارعوا وتسابقوا واستجابوا لنداء الله ..
- أسرع بلال في الاستجابة لله ولرسوله في طاعة الله فكأنت النتيجة أن بشره النبي بالجنة فقال ما عملت يا بلال أني سمعت قرع نعليك في الجنة.
- أسرع حنظله أبن أبي عامر في الاستجابة لأمر الله وطاعته فلم يمهله الوقت ليغتسل من الجنابة في أحد عندما سمع نداء النبي صلى الله عليه وسلم فكان الجزاء أن غسلته الملائكة وهو المعروف بغسيل الملائكة .
غيرهم كثير وكثير هذا هو شأن السابقين المسارعين لطاعة الله ومغفرته .
- أستأذن أبو سفيان وسهيل بن عمرو على عمر بن الخطاب في خلافته فلم يأذن لهما فجلسا وانتظرا وبينما هم كذلك إذ جاء بلال وسلمان وأستاذنا فأذن لهما في الدخول فقال أبو سفيان لصاحبه يأذن لهؤلاء وهم من الموالي ولا يأذن لنا ونحن من سادة القوم ؟ فيرد عليه سهيل ويقول على رسلك يا أبا سفيان لقد دعوا إلى الإسلام ودعينا فأسرعوا وتأخرنا فكيف بك إذا دعوا يوم القيامة إلى دخول الجنة قبلنا. لا يستوي من يسارع ويبادر ويسابق ومن يتأخر ، قال الله تعالى ( لا يستوي من أنفق من قبل الفتح وقاتل ... )
أيها المؤمنون :
على مقدار سرعة المؤمن في الدنيا لطاعة الله في الاستجابة لأوامره تكون له سرعة الاستجابة من الله لدعائه .. يريد العجلة في الإجابة ولم يعجل بالطاعة والعجلة في الدعاء أن تستعجل الإجابة فيترك الدعاء .. (كما ورد في الحديث يستجاب لأحدكم ما لم .. ) فإذا أردت سرعة الإجابة في الدعاء فبادر بالاستجابة لأمر الله بالتنفيذ ونهيه بالاجتناب أسمع ما حكاه الله عن رسله الكرام وأنبياءه الإعلام قال الله بعد ذكر عدد من الأنبياء (وزكريا إذ نادى ربه ... إلى قوله فاستجبنا له ووهبنا له يحيى ) (أنهم كان يسارعون في الخيرات)
كانت سرعتهم في فعل الخير والطاعة سبب لاستجابة الله لدعائهم .
أيها المؤمنون :
ما هي الأمور التي تحتاج منا إلى السرعة . والمسابقة والمنافسة ؟ أهي الدنيا الفانية التي يتنافس فيها الكثير اليوم وشغلت الكثير ؟ أهو الحطام الزائل والمتاع الفائت أم ماذا ؟ ما هي الأعمال التي تكون فيها السرعة محدودة والعجلة مطلوبة ؟ من هذه الأعمال السرعة إلى مرضاه الله والاستجابة لأوامره شعار المسلم (وعجلت إليك ربي لترضى) هكذا ثمرة الجيل الأول أصحاب رسول الله وعرفنا نماذج من سرعتهم واستجابتهم لم يكونوا أفرادا بل جماعات لم يسمعوا بخير الا هبوا إليه ولا أمر ألا أتمروا به ولا نهي إلا انتهوا عنه وافق هواهم ام لم يوافق سرعة استجابتهم لأمر الله هي التي جعلتهم يتسابقون إلى بني قريضة بعد الأحزاب عندما سمعوا نداء رسول الله (من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريضة) فتسابقوا ولم يتأخروا لم يكن ما لا قوه في الأحزاب من شده وضيق لم يكن مبرراً لتأخرهم .
من الأمور التي تحتاج الى السرعة أمر الآخرة والجنة ، الأناة في كل شي مطلوبة إلا في أمر الآخرة والجنة فإن السرعة فيها والعجلة مطلوبة الجنة مطلب عظيم يستحق المنافسة والمجاهدة والذين يسارعون في أيّ من أمور الدنيا مهما كبر وعظم أنما يتنافسون في حقير ويسارعون في صغير ومن أراد التفاوت الحق والتفاضل العظيم فهناك في الآخرة وفي الجنة حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ...
قال الله ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ... ومن أراد الآخرة سعى لها سعيها ... ) قلت ما قد سمعتم
الخطبة الثانية :
الحمد لله .. أيها المؤمنون :
من الأمور التي حث الإسلام على السرعة والمسابقة فيها اغتنام الفرص فالفرصة تكون كالبرق تأتي وتذهب بسرعة تحتاج من المسلم اغتنامها تأتي الفرص وتمر مر السحاب (من فتح له باب خير فليغتنمه )
ومن اغتنام الفرص اغتنام الأعمال الصالحة قبل ظهور العوائق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع .. )(بادروا بالأعمال سبعاً ... )
ونحن في هذا الأيام القادمة تمر علينا فرصة عظيمة وموسم عظيم .. تقبل علينا أيام فاضلات أياماً مباركات تقبل علينا نفحات ربنا سبحانه تهز المشاعر توقظ الضمائر أنها أيام رحمة أيام تفتح فيها أبواب السماء أيام عظيمه جليلة أنها أيام العشر الأوائل من ذي الحجة من استطاع أن يتفرغ لها فليفعل هي أغلى أيام الدنيا كلها حتى قال بعض أهل العلم أنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان بعظيم فضلها أقسم الله بها ( والفجر وليال عشر) أنها أيام كان رسول الله وأصحابه يخصونها بمزيد عمل واجتهاد أنها منحة من الله لعباده وكنز عظيم من كنوز الآخرة قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن ابن عباس قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك شي ) فلنحرص على اغتنامها ولتسارع إلى استغلالها بأنواع الطاعة والقربات بأداء الواجبات من صلاة وصلة وبر وإحسان.....
وصلو وسلموا ..
خطبة الجمعة بمسجد عمر حيمد بسيئون القرن
26 القعدة1433هـ الموافق 12/10/2012م