شهاداتنا .. يا جامعة حضرموت

 رغم حقيقة أن التخرج بعد أربع سنوات من الكفاح والمثابرة شعور يبعث على الانتشاء والفرحة، لكن نجد أن عقب ذالكم المشوار طريق شائك من المعاناة والآلام ربما لا تنتهي إلا بنهاية مأساوية أو نهاية محبطة على أقل التقديرات.

مع اقتراب الطالب الجامعي من إنهاء سنته الدراسية الأخيرة يؤمر بتعبئة مجموعة من الاستمارات وتسليم عدد من الصور الشخصية بالروب الجامعي ما يعطيه أملاً بقرب انتهاء دربه المضني، فيجد نفسه يسترسل في الأمر بفرحة غامرة معللاً نفسه أن ما يدفعه من تكاليف ومبالغ ستكون آخر الفداء على مذبح الشهادة الجامعية وتتويجه خريجاً يبتسم له فم الزمان.

قمنا بتعبئة البيانات المطلوبة على تلك الاستمارات ودفعنا ما يستوجب الدفع، وعلى ما تفيد الإعلانات المكتوبة للخريجين حينئذ أن موعد استلام الشهادة سيكون في شهر ( سبتمبر )، وهي خصيصة ومزية  للمسارعين بإنهاء إجراءاتهم حسب التوقيت الموضح في الإعلانات، أما المتأخرين أو المتساهلين فسيعاقبون بتأخير إصدار شهاداتهم في شهر ( نوفمبر )، لكن الأيام تمضِي ولم نعلم حينها إلا أننا قد أصبحنا والمتأخرين والمتساهلين على نفس المسار أي جميعنا رهن التأخير، إذ لم نستلم أية شهادات خلال الشهر الموضح ولا يحزنون!

شهر أكتوبر من العام 2014م على وشك الانقضاء ولا نعلم عن أمر شهاداتنا شيئاً إلا كما يعلم الجنين في بطن أمه عما يدور في العالم الخارج عن محيطه، ولسنا في حاجة أن نؤكد هنا أن الجامعة قد ضربت شأوا في السرية والتكتم عن تلكم الموضوعات التي تتلاعب بأعصاب الخريج خاصة ممن يقرعون أبواب الرزق كل حين ولا يوجد بحوزتهم ما يثبت أنهم خريجون .

تبدأ أولى ( الزفرات ) بشهادة ورقية ثم تليها بعد مدة ربما تطول أو تقصر، وقد تصل إلى السنة شهادة كرتونية، ولا ندري بالضبط لمَ هذه الأوراق والكراتين التي تشترك في نفس الهدف، فلو يتم توحيدها لكان أفضل، ولا ندري بالضبط هل ما نفعله من سخافات يُفعل مثله في الدول الأخرى من البسيطة أن أننا ننفرد بالغرائب والعجاب في أرض الغرائب والعجائب.

من الأمثلة العربية المشهورة " الصيف ضيعت اللبن"؛ وهو مثل يدل على تضييع الفرص المتاحة وإهدار الإمكانات، وكم من فرص ضاعت وتاهت وتضيع على الخريجين في الفترة التي يكونون فيها تحت بند ( بدون )، ولا يملكون ما يثبت تخرجهم سوى بيانات درجات هزيلة لكل فصل دراسي لمن حرص على استخراجها من البداية، وكما أن الصيف ضيعت اللبن، فالجامعة ضيعت بتصرفاتها وإدارتها المتخاذلة الخريجين فعاشوا في تيهان كأنهم مسافر قد ضاع في صحراء واسعة لا يرى إزاءه إلا جبالاً كبيرة من  الرمال الأصفر المحترق.

وأمر آخر أشد حرقة؛ ذلك أنني سألت أحد الخريجين من العام قبل الماضي عن الشهادات فأوصاني بعمل ما يسمى ( طبق الأصل )، وهي صور للشهادة تحمل من الخلف ختماً رسمياً من الجامعة يثبت أنها صورة من الأصل، لكن المؤلم في الأمر أن حبر ذلكم الختم للنسخة الواحدة يكلف ( 200 ) ريـال، فلو افترضنا أن الخريج المسكين خلال بحثه عن عمل يلزمه لتقديم ملفه لطلب العمل لعشرين جهة من القطاع الخاص فيلزمه عشرين نسخة من طبق الأصل هذا، ويكلف بعملية ضرب بسيطة ( 4000 ) ريـال، والمبلغ يزيد كلما طلب المزيد، فهل هذا المبلغ الذي يرهق الطلاب في وقت تصعّبت وتشعبت فيه الهموم المعيشية يصلح لكي نجعل لمجرد ختم بسيط بـ مقالب ( 200 ) ريـال، فلو كان المبلغ زهيداً لكان أدعى لمراعاة ظروف الناس ولكن .. آآه ، ما عسى أن يقول من ينفخ قربة مخزوقة !!

لقد أمضينا سحابة أعمارنا نتجرع الغصص تلو الغصص، ولا ندري ما المستقبل القادم القاتم، لقد بحت حناجرنا ولكن لا مجيب وأصبحنا نكتب لتفريغ الشحنات ليس إلا، وبالنسبة لكثير منا فإن الصمت في كثير من الأحيان يكون أبلغ من الشكوى ومن العويل .

 بقلم : أحمد عمر باحمادي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص