كانت تجربتي مع المعلمة ذات شجون ، لكنني عديم الخبرة ، فقررت استشارة زميلي هادي ..هادي من المعمرين في مدرستنا فكل من دخل معه المدرسة اصبحوا في الصف الاول ثانوي. اعطاني معلومات مهمه إن انا اردت الدخول إلى عالم العشاق ودلني على اماكن يجب ان انظر اليها حتى اكون عاشقاً حقيقياً. في احد الايام وبعد ان استيقضت للاستعداد للذهاب الى المدرسة قررت أن ابوح لوالدتي حفظها الله بما في نفسي من رغبة لدخول عالم العشاق.. كنا نتناول الفطور في المطبخ وكنت اشترط دوماً ان يكون قرص الخبز الاول لي..جلست بالقرب من والدتي التي كانت تفرش الخبز على خشبة مسطحة بواسطة عود مستدير قطره يزيد عن العشرة سنتيمترات وطوله في حدود النصف متر. ناديتها بصوت عذب وخافت : امي.. ردت علي : ايوا.
قلت: لقد وقعت في حب احد المعلمات في المدرسة .. اغمضت عيني وتركت العنان لمخيلتي .. انتظرت زغرودة كبيرة من امي فولدها اصبح عاشق وولهان ..بدأت اغاني بلفقيه تتراقص حروفها .. لكني لم اسمع رد امي ..كانت امي قد قامت من مكانها واحكمت اغلاق باب المطبخ وتحركت نحوي وتحول العشق إلى مصارعة.. باشرتني بضربات بعصاها التي يزيد قطرها عن العشرة سنتيمترات وكان مطبخنا مبلط ومع كل محاولة للهروب كنت اقع على الأرض واستلم جرعة إضافية من والدتي التي قررت معاقبتي بسياسة الرأس المكسورة.. سلم راسي من الكسر وخرجت من هذه التجربة بندبات اتحسسها في كل حصة دين مردداً: لقد ادبتني المرأة الصالحة. ابتعدت عن صديقي هادي الذي تحولت صورته الذهنية الى غراب لايأتي إلا بالشؤم واصبحت الاماكن التي اوصاني بالنظر اليها لا اشاهد إلا عصا امي فاعود واستعيذ بالله.
انتقلنا للصف السادس.. ثم السابع والثامن وزادت مادة الدين وتفرعت ويبدوا ان لتولي الإصلاح وزارة التربية دور كبير في هذه الزيادة. في هذه المرحلة كانت معظم نقاشات الطلاب فيها عن الاصلاح وعن الحزبية والديموقراطية ومفاهيم لم اكن اريد ان اشغل نفسي بها حتى انتقلت الى الثانوية ..هناك وجدت طلاب اصلاحيين واخرين سلفيين وكان الجدال محتدماً على الدوام حول نفس المفاهيم سالفة الذكر ، لم يتجرأ احد الاصلاحيين على دعوتي لما كنت عليه من فوضى وترك صلاة وإستهبال بكل شيء.
وفي احد الايام اخبرنا ان الشيخ الزنداني سيزور الثانوية، وفعلاً حضر الزنداني والقى فينا محاضرة عن الإعجاز العلمي وابهرتني هذه المحاضرة .. سألت عليه فقيل لي انه احد مؤسسي حزب الإصلاح..يومها قررت ان استمع لمزيد من المعلومات عن هذا الحزب. ومع نهاية كل عام دراسي نعود الى الريف وهناك التقي بصديقين هما خميس وصالح .. كان خميس إصلاحياً وصالح سلفياً .. لكن خميس محب للادب والشعر وهو ماجذبني نحوه بشكل اكبر.
شرح لي خميس اهداف الحزب القريبة والبعيدة وآلياته للوصول للهدف المنشود ، لكن صالح كان يمسح مايقوله خميس باقوال بعض العلماء في جماعة الإخوان وكتاب للشيخ مقبل عن الاصلاح ومحاضرات مسموعة كذلك، كان الاصلاح والسلفية تتجاذبني .. اصبح سلفياً وامسي إصلاحياً واصبح إصلاحياً وامسي سلفياً .. لكن هذا الارتباك ينتهي عندما اعود إلى سيؤن ليتلقفني صديق طفولتي مرعي واغصان القات في يده وبكت السجائر الازرق كمران في جيبه ويحذرني من الاثنين معاً.. ولاني حديث عهد بالتزام فغالباً لا اقاوم اغصان القات المتراقصة امامي كغانية واعود للمربع الاول. لكن من يظن أن الاصلاحيين ييأسون من دعوة شخص خططوا لضمه للحزب فهو واهم .. الاصلاحي يصبح كلصقة الظهر الامريكية جنسون عندما يقرر ضم عضو جديد. عاود خميس دعوتي وكرر واستعان في احد المرات بقيادي من الطراز الثقيل .. لقد كان لقائي الاول مع صلاح باتيس، تغير عندي مفهوم الاصلاحي التقليدي واصبح لدي مفهوم آخر عن الاصلاح. والمفارقه بين تجربتي وتجربة الغفوري هي ان الغفوري تحدث من الداخل كثيراً او من جزء من الداخل الحزبي التنظيمي .. وانا سأتحدث عن الحزب من الخارج ومن شخص قريب منه لدرجة يتماها فيها مع افراده.
والاصلاح اكبر بكثير من اصفه انا او مروان لان الحزب كبير ومتفرع وقد وصفه الغفوري من احد زواياه فقط وهي الزاوية التي كان يتواجد فيها .. زاوية الطلاب والاكاديميين وهي ارضية يعرف الاصلاح كيف يتمدد فيها. يبحث الاصلاح عن المبدعين واوائل الطلاب لضمهم الى صفوفه ولايبحث عن ابناء المسؤلين او شيوخ القبائل .. علاقة الاصلاح مع القبائل علاقة عامة تفرضها التركيبة السكانية لليمن وستجدها محدودة وفي اضيق نطاق لها.. وجل اعضاءه من الكادحين وابناء الفقراء. وهذا مالمسته من خلال قربي له.
بعد تفكير طويل وصراع مع النفس توقفت عن التخزين والتدخين وعملت مع شباب الإصلاح في اعمال خيرية حتى سافرت الى السعودية ومررت بتجربة لم اتوفق فيها وعدت ومع عودتي كان للقصة بقية.. يتبع..
بقلم : ابو همام جمعان بن سعد