إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لااله الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين ، تركنا صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك ، وهدى الله به خلقا كثيرا ، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وآله وصحبه والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .
عباد الله اتقوا الله حق تقواه .
أيها المؤمنون الأفاضل :
لا زال اليمن يعيش بين قوة الحديد وصمود الثائرين لا زال اليمن الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : اني لاجد نفس الرحمن يأتي من ناحية اليمن ، وقال فيه صلى الله عليه وسلم : اذا هاجت الفتن فعليكم باليمن .. او كما قال عليه الصلاة والسلام .
لازال اليمن بلد المدد يعيش في حالة من الصراع بين البقاء للنظام أوالتغيير بيد الثوار .. انه صراع طال أمده ولله الحكمة البالغة من ذلك علمها من علمها وجهلها من جهلها ولكن النفوس دائما تحب النتائج السريعة التي لا تكلفنا مالا ولا جهدا ولا دما ولا عناء ... وربنا سبحانه وتعالى يقول : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء )
أيها المسلمون .. عباد الله :
إن لكل فرد في المجتمع دور لا بد أن يقوم به ويحققه وعليه واجب لا بد أن يؤديه وما أحوجنا اليوم ونحن نسمع ونشاهد بأم أعيننا الأرواح التي تزهق لا لشيء إلا لأنها عبرت عن رأيها و طالبت بما تراه حقا من حقوقها ، لقد رأينا عبر الشاشات شباب في عمر الزهور يقتلون بغير حق ، ورأينا أطفال لا علاقة لهم بما يجري يقتلون بلا ذنب ، وتر اناسا تغلي اكبادهم حبا وشفقة على اليمن ، وعلى أهل اليمن ، وبالمقابل نرى نفوسا ضعيفة وان كانت قليلة ، لاهم لها الا البطن والفرج ، لا يتباكون الا على الطعام والشراب ، وبعد هذا فليكن مايكن .. ما هذا الذي يحدث في اليمن ؟ لا اله الا الله .. فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش هذه الأحداث أن نتذكر حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فان أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فان لو تفتح عمل الشيطان )
فما أعظمه من توجيه نبوي شريف يرسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم جانبا من منهاج القوة وحرص المؤمن على ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، والبعد عن العجز فيما يستطيع ويقدره مع صدق التوكل على الله والرضا بما يجري به قضاءه ... فهذا هو المؤمن الحق .
أحبائي في الله :
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، المؤمن القوي الذي استكمل القوة في جميع مجالاتها : قوة الإيمان وقوة العقل وقوة الساعد والجسد وقوة الثبات والصبر وقوة الرأي والمشورة وقوة قول الحق والصدع به , ومن أعظم أنواع القوة التي يحتاجها المؤمن اليوم قوة الإيمان بالله تعالى .. فقوة الإيمان بالله تعالى هي المحرك لسائر القوى فإذا ضعفت قوة الإيمان ضعفت سائر القوى .
فبالإيمان القوي يقهر المؤمن شيطانه وشهواته ويعلن حربا ضروسا على الشيطان والنفس والهوى ، بالإيمان القوي يتكلم المؤمن بالحق ويقول قولا سديدا ، بالايمان القوي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، بالايمان القوي تنضبط أفعاله وسلوكياته ، فتراه نافعا لدينه ولوطنه ومجتمعه .. هذا صاحب الايمان القوي .
أيها الإخوة الكرام :
المؤمن القوي لا يركن إلى قوته وحدها بل لا بد أن يستعن بالله مع ذلك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ( واستعن بالله ولا تعجز ) أي اعمل مااستطعت من الخير والنفع واطلب العون من الله تعالى القوي العزيز ، اطلب العون من الله في تحقيق جميع المصالح ودرء جميع المفاسد فمهما أوتي الإنسان من قوة عقل وصحة بدن وقدرة تخطيط فان ذلك لا يكفي وحده بل لا بد من الاستعانة التي نطلبها من الله تعالى في كل ركعة في الصلاة فنقول : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) والاستعانة بالله لا تتنافى مع الأخذ بالأسباب ولهذا أكدها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال :( واستعن بالله ولا تعجز ) واعمل بالاسباب ولاتعجز .. لاتكسل ، لاتيأس ، لاتتوانى فمع الاستعانة تحذير من العجز لأنه العجز من أعظم المصائب الهدامة والعجز يمثل صورة من الضعف واليأس والخور.
وبينما المؤمن يسعى للوصول إلى مطالبه وأهدافه لا بد أن يعترضه ما يعثر عليه مسيرته ويغير مساره وربما يؤخره أياما وشهورا أو سنينا عن تحقيق اهدافه ، ولله الحكمة البالغة قي ذلك ، فإياك إياك أخي المسلم أن تعلل ذلك التعثر أو ذلك التأخير بـ لو ، لو كنا فعلنا كذا كان كذا ، لو كانوا الثوار فعلوا كذا لكان كذا ، لو كان النظام فعل كذا لكان كذا ، لا تعلل ذلك التأخر والتعثر بلو التي تتنافى مع الرضا بقدر الله ، فان لو تفتح عمل الشيطان كما يقول صلى الله عليه وسلم ، فان لو تفتح عمل الشيطان الذي يدخل منها إلى القلوب فيزرع فيها اليأس والقنوط والإحباط ... آه لو كان كذا لصار كذا ، فيدخل اليأس والقنوط والاحباط .
أيها المؤمنون :
المؤمن القوي هو الذي يعيش هموم وطنه وهموم إخوانه في كل مكان منطلقا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لايؤمن احدكم حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه) منطلقا من قاعدة من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، فالمؤمن القوي هو الذي يفرح بانتصارات إخوانه ويحزن لما يتعرضون له من مآسي وقتل وتنكيل ، المؤمن القوي هو الذي يرى أن ما يحصل لإخوانه في أي بقعه من اليمن وخارج اليمن ، انما يحصل لاخوانه في أي بقعة من اليمن وخارج اليمن كأنما يحصل في مدينته أو قريته وكأنما يحصل لأهله وعشيرته ..
وليس المؤمن القوي هو الذي يقول لا علاقة لي بما يحصل هنا أو هناك ، ليس لي علاقة بما يحصل في صنعاء أو تعز أو عدن أو ابين ، فهذا من ضعف الايمان وضعف الولاء للمسلمين ، فالمؤمن مطلوب منه أن ينصر إخوانه المسلمين في كل بقاع الأرض حتى ولو كانوا في ابعد مكان ، فكيف بإخوانك الذين تجمعك بهم رابطة الدين أولا ورابطة النسب ورابطة الوطن بل وصل الأمر وياللاسف ببعض السفهاء أن يقول المهم ياتوا لنا الصافي اما كذا او كذا ، فهمه بطنه وفرجه فقط .. بئس المؤمن ذاك ، او يقول نحن ما سيبنا ومن قتلوه يستاهل ، لا اله الا الله ، إلى هذه الدرجة بلغ الخور والانانية عند بعض الناس، بلغ إلى هذه الدرجة والخذلان باخوانه بقوله يستأهلون ، يستأهلون من خرجوا إلى الساحات من أجلي وأجلك ، أيستأهلون من خرج إلى الساحات من اجلي واجلك ، ايستاهلون من ضحوا بأموالهم وأوقاتهم واعمالهم ، بل وأنفسهم من أجلي و أجلك ، لا بد على هؤلاء أن يراجعوا حساباتهم وان يتقوا الله فيما يقولون ، والا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لمثل هؤلاء الناس الذين يخذلون اخوانهم في وضع يحتاجون فيه إلى نصرتهم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (مامن امرئ يخذل امرئ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته الا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته) أي سيأتي يوم عليه تريد فيه من ينصرك فيخذلك الله تعالى لخذلانك لاخوانك اليوم .. فهذا بذاك ، والجزاء من جنس العمل ، ايليق باناس يتفوهون بهذه الكلمات الرديئة ، التي ربما يهوي بها الانسان في نار جهنم سبعين خريفا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخة الله لايلقي بها بالا يهوي بها في جهنم سبعين خريفا) .
إخواني الافاضل :
المؤمن القوي هو الذي لا يقول إلا صدقا ولا يفعل الا خيرا ولا يتملق ولا ينافق من اجل مصلحة شخصية أو مصلحة دنيوية آنية ، المؤمن القوي هو الذي لا يعرف الكذب إلى لسانه طريقا ( يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) وكلما كان اثر الكذبة كبيرا وانتشارها واسعا كلما كان إثمها اكبر عند الله تعالى ولذا فالذين يكذبون عبر وسائل الإعلام فيسمع كذبهم الملايين يكون وزرهم اكبر نعم والله وزرهم اكبر لأنهم يزورون الواقع ويقلبون الحقائق ، يقتلون ويتهمون غيرهم بالقتل، ينهبون ويتهمون غيرهم بالنهب ، يضايقون المواطن في معيشته ويتهمون غيرهم بذلك فهؤلاء هم من توعدهم الله سبحانه وتعالى فقال ( ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرمي به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ) فهذا من أعظم الكذب عند الله سبحانه وتعالى ... وقد حرم الله الكذب أشد تحريم فقال (فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور) وكلمة اجتنبوا أشد من كلمة حرام ، فالكذب من خصال المنافقين (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكسبون ) والكذب نفي الايمان كما قال تعالى (انما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآياتنا واولئك هم الكاذبون ) والكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار كما قال صلى الله عليه وسلم .
اخواني كيف يتنزه بعض الكفرة والمشركين عن الكذب ثم يتعمد بعض المسلمين الكذب ، يقول ابن عثيمين عليه رحمة الله تعالى : التهاون بالكذب عنوان الرذيلة ، الاستخفاف بالكذب عنوان الرذيلة ، فالكذب حرام حتى الذي يكذب ليضحك الناس ، فكيفبالذي يكذب ليستمر الفاسد والمستمد على فساده واستبداده ، ولتسفك دماء بريئة وتزهق انفس مؤمنة ، فهذا من اكبر الاجرام عند الله تعالى .
المؤمن القوي هو الذي لا يزيف ولا يلمق و لا يمدح من لا يستحقون المدح لان مدح الناس مدرجة إلى الكذب ومهما كان الممدوح جديرا بالثناء فان المبالغة فيه ضرب من الكذب المحرم وهناك فريق من الناس يتخذون المدائح الفارغة بضاعة يتلمقون بها الأكابر والاثرياء والزعماء وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثوا في وجوه المداحين التراب .. فكيف بمن يمدحون القاتل أو يمدحون السارق ويصفونه بالأمين والبريئ وبالعفيف و يمدحون المستبد والظالم ويصفونه بالعدل والسماحة وهاهو المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه يقول لأصحابه :(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ،فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) ...
والله يقول وقوله الحق المبين اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )
أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين .....
أيها الإخوة المؤمنون :
إن ما تمر به المنطقة العربية يتطلب من المسلمين أن يكونوا أكثر إخوة وأكثر اتحادا وتآلفا وان الله سبحانه وتعالى يذكر الأمة بعواقب الظالمين ونهايات المفسدين وكيف أبدلوا بعد العز ذلا وبعد القوة ضعفا وبعد الحشد والجمع تشتتا انظروا إلى الزعماء والرؤساء ، في لحظات تهاوت عروشهم وخر بنيانهم وتسارعت نهاياتهم وعرضوا على الشاشات أذلاء صاغرين بل إنهم اكتنزوا الأموال الكثيرة وحرموا الشعوب وقتلوا الآلاف ثم يريدون أن يهربوا بالمال فإذا جاءت ساعة الصفر أعماهم الله وأذلهم فلم يوفقوا للهرب وأصروا على ملاقاة مصير اسود يساقون إليه بتقدير العزيز العليم قال تعالى ( إن المجرمين في ظلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر ) ..
ونوجه رسالة إلى كل من ولاه الله مسؤولية أو تقلد منصبا صغيرا كان أو كبيرا أن يتقي الله في هذا الشعب وفيما ولاه وليس الرد على طلبات الشعوب بالرصاص ودك المدفعيات ولا بالدبابات ولكن الرد هو بالإصلاح والاستجابة للحق والبعد عن الغرور والتكبر قال تعالى مخاطبا سيدنا داؤود عليه السلام (يا داؤود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) وقال عليه الصلاة والسلام ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فأشقق عليه ) دعوة من الحبيب المصطفى بالمشقة على من شق على الناس فأين الذين يخلقون الأزمات من هذا الوعيد ؟وأين الذين يضايقون الناس في معاشهم من هذا الوعيد ؟ وأين من يخلقون أزمات البترول والديزل والغاز ويرفعون أسعارها بما لا يطيقه المواطن أين سيفرون من هذا الوعيد الشديد ؟
أيها الإخوة المؤمنون :
علينا جميعا أن نحافظ على أمننا وأخوتنا وان نبتعد عن كل ما يؤدي إلى ذلك وكل ما ينشر الهلع بين الناس وخاصة ما نراه ونسمعه هذه الأيام من قيام البعض بإطلاق الرصاص من دون مناسبة لذلك بل وأصبح البعض في الأعراس يطلقون الرصاص في ساعات متأخرة من الليل فيزعجون النائم ويقلقون الأمن ويشوشون على الكبير العاجز وعلى المريض الذي يحتاج إلى الهدوء والراحة ونقول لهؤلاء أن يتقوا الله في إخوانهم فان إطلاق الرصاص لا تفيدك وتضر بالآخرين بل وربما عاد ضررها على من أطلقها بان يقتل أحدا من أقاربه بالخطأ ويندم في وقت لا ينفع فيه الندم ...
وصلوا وسلموا ...........
خطبة الجمعة 2 ذو القعدة 1432هـ الموافق 30 سبتمبر 2011م بمسجد عمر حيمد بمدينة سيئون حي القرن
(استمع إلى الخطبة )