ثلاثة عشر عاماً تفصلني عن زيارة مسجدك والصلاة في روضتك والسلام على حضرتك من أمام مرقدك يارسول الله . مرت تلك الأعوام طوالاً غير أنني لم أشعر يوماً بأنني غادرتها أو عشت خارجها ولو للحظة واحدة . فحضرتك تملأ الكون وتستوطن القلوب حيثما كانت وأينما حلت وأقامت. لكني وبمناسبة عيد ميلادك لهذا العام أجد نفسي مضطراً لأحدثك عن شجوني ولو قليلاً . وأشرح لك عن أحوالي وشئوني ولو شيئاً يسيراً . فمنذ ذلك اليوم وحتى الآن يارسول الله كبرت الأسئلة وتعاظمت وجرت مياه جديدة في نهر مسيرة الحياة الدافق والمتجدد . نعم لقد تغيرت الأحوال وانتصف العمر تقريباً وبدأت مسيرته في الانحدار شيئاً فشيئاً . لم أعد أشعر بآثار الشباب وعنفوانه كما كنت أجدها عندما لقيتك حينها . آآهٍ ياتلك الأيام . لقد وهن العظم وبدأت الأوجاع والآلام تبارح مفاصله من حين إلى حين .ومع كل ذلك تشبعت نظرات العمر بكثير من تجارب الحياة واستوثقت من بعضها حد اليقين الجازم . ذهبت نزوات العواطف ونشوات الانفعالات وبدأت تخمد جذوة الحماس المندفع نحو القناعات المصطنعة على عجل . لم أعُدْ ذاك الشاب الذي لا يرى من الأمور إلا ماتراه عين الرضى أو عين الغضب فقط ، ولا ذاك الذي لا يرى غير لونين من الوان الطيف هما الأسود أو الأبيض وحسب . ثمة أمور أخرى خلال هذه الفترة المنصرمة قد أخذت مكانها بين الرضى والغضب . وثمة الوان أخرى قد ظهرت وتجلت لتفصل بين الأسود والأبيض. في ذلك الحين يار سول الله كنت أرى أن الأمور أبسط وأسهل مما يتصور الآخرون من حولي، واتذكر أنني كنت حينها قادم إليك من غبار معركة لا تقل شأناً في نظري عن معاركك التي كنت قد خضتها في بدر وأحد والخندق وتوقيعك اتفاقية الحديبية على طريق فتح مكة والنصر العظيم فيما بعد ، قد كانت تبدو لي الأمور متشابهه جداً وأسهل من أن اتعب نفسي في تضييع وقتي بالتفكير أكثر مما قد فعلت واستيقنت حيال هذه المقارنة البسيطة في نظري . لا ازال اتذكر يارسول الله حبر الانتخابات الرئاسية والمحلية حينها والذي لم ينمحي بعد من رأس أصبعي وظل يكللها وكأنه بواقي أثرٍ تركته أحد الغزوات على جسد بعض أصحابك الكرام. فلقد كنت به فخوراً أمامك. لا أزال اتذكر مقعدي في روضتك الشريفة الطاهرة واعتكافي على قرآءة سورتي الأنفال والتوبة .تلك السورتان اللتان تجعلان عواطفي تفيض فاعلية وانسجام مع الأحداث وبأدق التفاصيل وأروع المشاهد ، لقد تعمدت قرأتهما في ذلك المكان بغية أن أعيش تلك الأجواء التي تلقي السورتان بظلالها فتجعلاني أعيش وکأنني جزء من تلك الاحداث والمشاهد أشارك فيها وأرقبها عياناً وبياناً . ارقب ابواب المسجد واصحابك ذهاباً وجئة فيها. أتأمل حملة التبرعات لغزوة تبوك ، والأغنياء ينفقون، والفقراء يبكون حزناً الا يجدوا ما ينفقون. والمعذرون يعتذرون ، والثلاثة الذي خلفوا حتى إذا صاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم..... الخ. وتقلبت الأحوال يارسول الله وجاء الربييييع . في الحلقة القادمة بإذن الله سوف أحدثك واناجيك عن الربيع يارسول الله . وماذا.. وماذاً ... وكيف. ولو. ؟؟!!!. وصلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. .....
إضافة تعليق