يتساءل مسؤولون ومحللون متابعون للشأن السياسي اليمني عن احتمال أن تتمدد الانتفاضة التي تشهدها كل من إيران والعراق ولبنان النار، إلى أقدام الجماعة الحوثية الحاكمة في صنعاء، المدعومة من النظام الإيراني وأيضاً من أدواته في المنطقة مثل «حزب الله» اللبناني وبعض الفصائل العراقية الطائفية.
ويعتقد هؤلاء أن اليمن لن يكون بمنأى عن ارتدادات الانتفاضة الشعبية في البلدان الثلاثة، مرجحين أن يلحق اليمنيون ركب هذه الثورة ضد السياسات الإيرانية الطائفية قريباً، وألا يظلوا مكتوفي الأيدي. كما يؤكدون أن الميليشيات الحوثية الإيرانية تعيش قلقاً وتوجساً مما تخفيه لها الأيام المقبلة، لا سيما أنها ترى مشروع مموليها وداعميها «الحرس الثوري الإيراني» يتداعى، ليس فقط في الدول العربية التي تخضع لسيطرتها، بل في عقر دار نظام الملالي نفسه.
ويرى مسؤول حكومي أن إيران تجني ثمار سياساتها في المنطقة. ويقول معمر الإرياني وزير الإعلام اليمني، إن «الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت معظم المحافظات الإيرانية بعد انتفاضتي العراق ولبنان، تؤكد المأزق الذي يعانيه نظام الملالي في إيران». وحذر الإرياني، في تصريحات عبر وكالة «سبأ» اليمنية، من أن «اليمن لن يكون بمنأى عن ارتدادات الانتفاضة الشعبية التي تشهدها إيران والعراق ولبنان، ومحورها مواجهة السياسات الإيرانية التي أنتجت الفشل داخلياً، والفوضى والإرهاب خارجياً».
انقسام حوثي حول الحل السياسي:
بدوره، يوضح الدكتور نجيب غلاب أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة صنعاء، أن كل مؤشرات الثورة في اليمن موجودة في الجماعة الحوثية، وكيل إيران في اليمن. وقال: «جماعة الحوثيين وصلت إلى حالة من الرعب لما تشاهده من انتفاضة في إيران والعراق ولبنان، وخوفها من انتقال ذلك لليمن». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة الحوثية انقسمت على نفسها فيما يخص الحل السياسي، إذ تطالب الأطراف الأكثر قلقاً بحل سياسي لإنقاذها من أي ثورة قادمة، فيما الطرف المتطرف أو من يسمونه (لصوص الولاية) لا يريد إلا استمرار الوضع».
وتوقع غلاب أن «الثورة في اليمن إذا حدثت ستكون أشد من العراق ولبنان، وقاصمة للحوثيين»، مبيناً أن «كسر حاجز الخوف وتحرك جماعات بالحد الأدنى سيتحول إلى انتفاضة شعبية واسعة تسقط الجماعة الحوثية». لكن أستاذ العلوم السياسية يحذر من أن «المنظومة الحوثية لها جذورها العقائدية والعصبية والعنصرية داخل اليمن، وأن دولة الأئمة تقوم على مفهوم إقامة حكم الولاية، الأمر الذي يدعم الجناح المتطرف لمقاومة أي ثورة». وأضاف أن «عبد الملك الحوثي نفسه يقول بأنه سيقاوم إلى يوم القيامة لتثبيت حكمه. وجود ثورة لا يعني أن المنظومة الطامحة لإقامة الولاية ستضعف كثيراً (...) وسقوط ولاية الفقيه في إيران قد يدفع الحزب الإمامي في اليمن إلى التركيز على تثبيت حكم ولاية فيه، اليمنيون أمام خيار حاسم، وهو ما قد يزيد من توحش الجماعة الحوثية في المرحلة المقبلة».
الأحداث تدفع الحوثي للتراجع:
إلى ذلك، أكد عبد الملك المخلافي مستشار الرئيس اليمني ووزير الخارجية الأسبق، أن «الحوثيين يعيشون حالياً حالة قلق وترقب، كون المشروع الإيراني يتعرض لمواجهة حقيقية في المنطقة». وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «المشروع الحوثي قام منذ البداية بناءً على توسع المشروع الإيراني العدواني ضد الأمة العربية. هم الآن في حالة ترقب لما يحدث. هزيمة المشروع الإيراني في لبنان والعراق ستدفع الحوثيين للتفكير كثيراً في التراجع، ولا يمكنهم أن يكونوا بعيداً عن محيطهم العربي». ووفقاً للمخلافي، فإن «المتغيرات والوضع الذي يتعرض له المشروع الإيراني الداعم للحوثي، بما فيها الانتفاضات في العراق ولبنان، وإذا انتقلت المواجهة إلى اليمن، فإن الحوثي يمكن أن يتراجع كثيراً عن مشروعه الذي اعتمد حتى الآن على الدعم الإيراني».
من جهته، يتفق الكاتب السياسي اليمني همدان العليي، مع أن اليمن لن يكون بمنأى عما يحصل في العراق ولبنان وإيران نفسها، قائلاً: «الانتفاضتان الشعبيتان في العراق ولبنان قائمتان أصلاً ضد أدوات إيران في المنطقة، والحوثي جزء منها، فهم مرتزقة إيران في اليمن». وحسب العليي، «هناك رغبة مجتمعية حقيقية للتفاعل مع ما حدث في هذه الدول (...) الإشكالية أن الحوثيين يستخدمون العنف المفرط ضد مناوئيهم، رغم أنهم أضعف من أدوات إيران في العراق، لكنهم ما زالوا يقومون بدور العصابة». وتابع: «يعيش الحوثيون حالة قلق غير طبيعية من انهيار امتدادهم الفكري في المنطقة، الذي يمهد لانهيارهم».