ضاعفت جماعة الحوثي الانقلابية من الإتاوات والجبايات المفروضة على المواطنين والتجار بمناطق سيطرتها، وسنّت في سبيل ذلك تشريعات عدة غير دستورية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية و«الزَّكَوِيَّة»، بهدف تغطية نفقات حروبها العبثية التي تخوضها ضد اليمنيين من جهة؛ ومضاعفة أرصدة قياداتها في البنوك من جهة ثانية.
وتحدثت مصادر اقتصادية عن ارتفاع إيرادات الميليشيات الحوثية خلال العام الحالي بشكل كبير جداً. وعدّت أن ذلك الارتفاع نتيجة لاستمرار نهب الميليشيات مقدرات الدولة ومضاعفتها الجبايات والإتاوات المفروضة على مختلف الشرائح اليمنية.
ويُقدّر متابعون اقتصاديون ارتفاع الإيرادات الضريبية والجمركية والزكوية للجماعة الانقلابية بنسبة 500 في المائة، مع تكرار الأزمات المفتعلة في المشتقات النفطية وانتعاش السوق السوداء لبيع المشتقات والغاز المنزلي بأسعار مضاعفة تدر مبالغ خيالية على خزائن الميليشيات وقياداتها.
وبحسب المصادر، فقد نفذت الجماعة الحوثية منذ مطلع عام 2019، ومن أجل اختلاس أكبر قدر ممكن من أموال اليمنيين، حملات بطش ونهب وابتزاز في مناطق سيطرتها تحت ذرائع وأسماء واهية وغير قانونية.
وقال المصادر الاقتصادية إن الميليشيات أقرت مع بداية العام الحالي أيضاً رفع نسبة الرسوم الضريبية على التجار والمواطنين بما يعادل 100 في المائة، فضلاً عن رفع قيمة التعريفة الجمركية، وفرض ضرائب غير قانونية على التجار والشركات الخاصة ومالكي محطات الوقود، في إطار حملتها المسعورة لنهب أموال اليمنيين.
وأشارت إلى أن جماعة الحوثي توسعت في منافذها الجمركية المستحدثة في مداخل المدن الخاضعة لسيطرتها، بهدف فرض رسوم مزدوجة على البضائع والسلع التجارية رغم دفعها مسبقاً في المنافذ الرئيسية البرية والبحرية والجوية؛ الأمر الذي يتسبب في رفع قيمتها النهائية.
وفرضت الميليشيات، وفقاً للمصادر الاقتصادية التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، مبلغ مليوني ريال يمني (الدولار يقدر بنحو 560 ريالاً) رسوماً جمركية على كل شاحنة محملة بالبضائع وتدخل مناطق سيطرتها.
وأشارت إلى أن المبالغ المحصلة من الجبايات توردها الميليشيات إلى البنك المركزي، حيث إن خزائن البنك المركزي يتم إفراغها أولاً بأول ليتم التصرف فيها من قبل قيادات الميليشيات أو توريدها إلى خزائن خاصة بالجماعة في مدينة صعدة مقر زعيم الجماعة الحوثية.
وحذر مراقبون من العواقب الكارثية للإجراءات المتخذة من قِبل الميليشيات على المستويين الاقتصادي والإنساني في اليمن، وقالوا إن الجماعة الانقلابية تعمل وبشكل ممنهج على تجويع اليمنيين للمتاجرة بمعاناتهم ومآسيهم في مقابل زيادة ثراء مشرفيها وقياداتها، مما يعمل على إطالة أمد الحرب وتفاقم معاناة المواطنين، مؤكدين أن إجراءات الحوثيين المتخذة في هذا الجانب ستزيد من حدة المعاناة الإنسانية والمعيشية للسكان المحليين وبشكل كارثي، بالإضافة إلى انعكاساتها السلبية على السوق المحلية من خلال ارتفاع أسعار المنتجات والسلع الأساسية والاستهلاكية.
ومن موارد دخل الميليشيات وأبرز ملفات فسادها ونهبها وعبثها قطاعا المشتقات النفطية والغاز المنزلي؛ وفق الاقتصاديين، الذين قالوا إنهما يعدّان بالنسبة لجماعة الحوثي النافذة الأولى للفساد وجني الأموال، في ظل استغلالها حاجة الناس، وإحداث أزمات متواصلة.
وعلى صعيد متصل، كشف تقرير دولي حديث عن حجم إيرادات جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن. وقال التقرير إن حجم إيرادات الميليشيات ارتفع بنسبة 500 في المائة خلال الأعوام الماضية، بمعدل 300 مليار سنوياً، في الوقت الذي يقبع فيه أكثر من 85 في المائة من إجمالي عدد السكان البالغ 27 مليون نسمة، تحت خط الفقر.
التقرير الدولي كشف عن وجود 4 موارد تتحصل عليها ميليشيات الحوثي لتوسيع مواردها المالية. وتتركز تلك الموارد، بحسب التقرير، في: الاتصالات، والنفط، والإيرادات غير الضريبية، والسوق السوداء.
ولم يتطرق تقرير لجنة الخبراء الدوليين المقدم لمجلس الأمن الدولي، إلى عائدات الإتاوات الجمركية في الموانئ الخاضعة لسيطرة الميليشيات في الحديدة والصليف، وتحصيل الإيرادات الجمركية.
وأوضح التقرير أن ميليشيات الحوثي تحصل على 318 مليار ريال هي عائدات سوق سوداء تتاجر فيها الجماعة بالقطاع النفطي، و600 ملياراً إيرادات غير ضريبية، و95 ملياراً إيرادات قطاع الاتصالات، و400 مليار عائدات ضريبية من أمانة العاصمة.
ووفقا لإحصائية أخرى، أوردها «المركز اليمني للدراسات والإعلام الإغاثي والإنساني»، فإنه وبعد أكثر من 4 أعوام من الانقلاب على السلطة، جنت الميليشيات الحوثية أكثر من 7 مليارات دولار من الموارد المحلية خلال عام 2018 فقط، فيما جمع أكثر من 4 مليارات دولار من الإيرادات الزكوية والضرائب العقارية وضريبة استهلاك «شجرة القات» ورسوم تراخيص النقل والتراخيص الصحية... وغيرها.
بدورها، عدّت معلومات وأرقام أولية أعدّتها منظمات محلية أن أكثر من 13 مليار دولار هي إجمالي ما تنهبه الميليشيات سنوياً من المواد المحلية والجبايات والإتاوات... وغيرها.
وأشارت المعلومات إلى أن جزءاً من ذلك المال يمول الحرب التي تشنها الجماعة على اليمنيين بعدد من المناطق اليمنية، فيما يدخر الانقلابيون الجزء الآخر منها في منازلهم ومواقع أخرى سرية، ويجري استغلال قسم آخر من ذلك المال من قبل القيادات العليا للجماعة في مجال استيراد النفط والمضاربة بالعملة في السوق السوداء.
وذكرت المعلومات التي من المزمع أن تنشرها منظمات محلية بشكل مفصل لاحقاً حال استكمال إعدادها، أن للميليشيات الانقلابية ميزانية رديفة خاصة بها بحيث تدعي التقشف على الأجهزة الحكومية وتمتنع عن صرف مرتبات الموظفين لأكثر من 3 سنوات بحجة نقل البنك المركزي إلى عدن، في وقت تزيد فيه إيرادات الميليشيات أضعاف المبلغ المخصص لدفع مرتبات الموظفين وتسيير أجهزة الدولة.
ومقابل الأموال التي تجنيها الميليشيات، يعاني 22 مليون يمني من أصل 27 مليوناً؛ مما يعني أن أكثر من ثلثي سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة؛ بحسب تقديرات الأمم المتحدة، بعد أن حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى قطاع خاص بهم، ونهبوا موارد الدولة وعائداتها، بما في ذلك رواتب مليون موظف في القطاع الحكومي.
وكانت الحكومة اليمنية اتهمت في وقت سابق الميليشيات الانقلابية بتبديد الاحتياطي النقدي للبلاد بعد نهب 5.2 مليار دولار، إضافة إلى تريليوني ريال يمني، بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء.
وقال مسؤولون في الحكومة الشرعية إن قيادات الجماعة نهبت عقب انقلابها على السلطة احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وما يقرب من تريليوني ريال يمني من العملة المحلية، وكنزتها في مخازن تابعة لها. وأكدوا أن الميليشيات جبت أكثر من 846 مليار ريال يمني من موارد مختلفة في مناطق سيطرتها في عام 2017.
وعلى المنوال ذاته، قالت وزارة الخارجية اليمنية إن ميليشيات الحوثي نهبت ما يعادل 6 مليارات دولار خلال العام الماضي 2017.
وذكر بيان سابق للخارجية اليمنية أن ذلك المبلغ هو إجمالي عائدات المؤسسات الإيرادية المختلفة بالبلاد؛ إذ تشمل موارد الضرائب والجمارك، فضلاً عن عائدات المؤسسات الخدمية وأرباح الشركات.