الحوثيون يراوغون غريفيث في صنعاء بعيداً عن جوهر "استوكهولم"

في الوقت الذي يرتقب فيه انعقاد الاجتماع السابع المشترك للجنة تنسيق إعادة الانتشار على متن السفينة الأممية قبالة مدينة الحديدة اليوم بحضور الجنرال الهندي أبهجيت غوها وممثلي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، غادر المبعوث الأممي مارتن غريفيث صنعاء أمس عقب زيارة استمرت ليوم واحد التقى فيها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

 

وقال غريفيث في تغريدة على «تويتر» إنه ناقش مع الجماعة «الخطوات المقبلة في عملية السلام، بما يتضمن تنفيذ اتفاقية تبادل المحتجزين». وكشف عن أنه وصل إلى الرياض أمس الثلاثاء لعقد لقاءات مع حكومة اليمن وبعض ممثلي الأحزاب اليمنية.

 

في السياق ذاته، أفادت المصادر التابعة للجماعة الحوثية بأن زعيمها «جدّد على الموقف الثابت والحرص الدائم على السلام والتعاطي الجاد والمسؤول مع كل المساعي التي تبذل في هذا الاتجاه بغية الوصول للحلول العادلة والمنصفة». ولم تشر المصادر الحوثية صراحة إلى التزام زعيم الجماعة بإنجاز «اتفاق استوكهولم» بعد مرور أكثر من عام على إبرامه، لكنها أشارت إلى مراوغته بعيداً عن جوهر الاتفاق من خلال تركيزه على قضايا جزئية ومزاعم حول «أهمية تعزيز الخطوات الإنسانية فيما له علاقة بالأسرى والمعتقلين». وذكرت المصادر أن الحوثي طالب غريفيث بالتدخل لدى الحكومة الشرعية لإطلاق إحدى السجينات المتهمات بزرع العبوات الناسفة، كما طالبه بالضغط لفتح مطار صنعاء وفك الحصار عن مسلحي الجماعة داخل مركز مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة.

 

إلى ذلك، أفادت المصادر الحوثية بأن غريفيث ونائبه معين شريم التقيا في صنعاء رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط وعدداً من قيادات الجماعة؛ من بينهم رئيس حكومتها غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور. وزعمت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن اللقاء «تطرق إلى العراقيل التي حالت دون تنفيذ اتفاق السويد بعد عام على توقيعه، وإلى الخطوات التي نفذتها الجماعة من جانب واحد سواءً ما يتعلق بإعادة الانتشار من موانئ الحديدة، أو إطلاق الأسرى، وتوريد إيرادات ميناء الحديدة لحساب المرتبات». ونقلت المصادر الحوثية أن رئيس مجلس حكمها طلب من غريفيث «التحرك بجدية، خصوصاً فيما يتعلق بالجسر الجوي الطبي عبر مطار صنعاء الدولي لنقل المرضى للعلاج في الخارج والذي تأخر تدشينه». في السياق نفسه، زعمت المصادر نفسها أن رئيس حكومة الانقلاب طلب من غريفيث الضغط لفتح مطار صنعاء، متهماً الحكومة الشرعية بأنها «تطبع العملة اليمنية بشكل غير قانوني».

 

ويرجح مراقبون أن تحركات المبعوث الأممي تسعى إلى فتح مسار جديد لمشاورات الحل النهائي بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية وترهنه بتنفيذ «اتفاق استوكهولم» أولاً قبل الشروع في أي محادثات. وجاءت زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء عقب أيام من اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي استمع فيه الأعضاء إلى 3 إفادات من كل من: المبعوث الخاص غريفيث، ووكيل الأمين العام للمنظمة الدولية للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، ورئيس لجنة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار (أونمها) أبهيجيت غوها.

 

وكانت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة الأميركية البديلة لدى الأمم المتحدة السفيرة، شيريث نورمان شاليه، أفادت بأن أعضاء المجلس وافقوا بالإجماع على توفير «الدعم الكامل» للمبعوث الدولي «في جهوده بالعملية السياسية»، ملاحظين «بعض التطورات الإيجابية رغم استمرار التحديات». وعبّروا عن «قلقهم من تقييد حرية حركة العاملين في (أونمها)، وغيرهم من موظفي الأمم المتحدة»، مطالبين «بإلحاح» بإزالة هذه القيود.

 

وبعد مرور عام على إبرام «اتفاق استوكهولم» عدّ غريفيث في أحدث تصريحاته أنه «كان بالإمكان القيام بعمل أفضل بكثير في تنفيذ اتفاق استوكهولم في بنوده الـ12 (...) ولكن بشكل خاص لليمنيين الذين تعد القضية بالنسبة لهم أمراً أساسياً، كان خيبة أمل من نواحٍ كثيرة».

 

ورغم الحديث من طرف الجانب الحكومي عن آلاف الخروق الحوثية التي تسببت في قتل وجرح المئات منذ سريان الهدنة الأممية في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن غريفيث، في سياق حوار حديث أجراه معه موقع أخبار الأمم المتحدة، يعتقد بوجود «إنجازات» شهدها الاتفاق. ومن هذه الإنجازات التي أشار إليها المبعوث الأممي تجنب هجوم على مدينة الحديدة وموانئها، في معركة كانت ستؤثر على مركزين حيويين للبرنامج الإنساني، بحسب تعبيره.

 

في غضون ذلك، أفادت مصادر عسكرية يمنية بأن الاجتماع السابع المشترك للجنة تنسيق إعادة الانتشار سيبدأ (اليوم) الأربعاء ويستمر إلى (يوم غد) الخميس على متن السفينة الأممية الراسية قبالة مدينة الحديدة. وذكرت المصادر أن الاجتماع المشترك بين ممثلي الحكومة والجماعة الحوثية برعاية الجنرال الأممي أبهجيت غوها سيخصص «لمناقشة الخطوات العملية لمفهوم إعادة الانتشار للمرحلتين، وفتح الممرات الإنسانية، وإحلال قوات الأمن وخفر السواحل الأساسيين».

 

من جهته، كان «برنامج الأغذية العالمي» أعلن أول من أمس في أحدث بيانات مراقبة الأمن الغذائي، أن أكثر من 11 مليون شخص ما زالوا يعانون يومياً في سبيل العثور على ما يكفي من الغذاء في اليمن. وذكر البرنامج أنه «حقق هذا العام توسعاً غير مسبوق في المساعدات الغذائية في اليمن، بزيادة بلغت نسبتها 50 في المائة من الوصول إلى 8 ملايين شخص في بداية العام»، مشيراً إلى أنه يقدم الآن مساعدات غذائية لنحو 12 مليون شخص شهرياً. وأشار البرنامج إلى مضاعفة المساعدات الغذائية لأكثر المناطق تضرراً حيث أدى الصراع والانهيار الاقتصادي إلى عيش نحو 240 ألف شخص في ظروف تشبه المجاعة.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص