أعلن التلفزيون المصري وفاة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن عمر ناهز 92 عاما.
وقال مراسل الجزيرة نت خالد المصري -نقلا عن مصدر أمني- إن مبارك توفي في غرفة العناية المركزية بمستشفى الجلاء العسكري بالعاصمة المصرية القاهرة. ويشهد محيط المستشفى حاليا تحركات شرطية وعسكرية.
وحسب شهود عيان تحدثوا للجزيرة نت، فقد وصلت شخصيات رفيعة المستوى بسياراتهم الخاصة، كما كان هناك نجلا الرئيس الأسبق علاء وجمال.
وكان مبارك دخل مستشفى الجلاء صباح الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد فحوصات طبية أجرى يوم الجمعة 24 يناير/كانون الثاني عملية استئصال ورم في المعدة، وانتقل بعدها إلى غرفة العناية المركزة.
من جانبه قال مراسل الجزيرة نت محمد عبد الله، إن الجنازة الرسمية لمبارك ستبدأ بعد صلاة الظهر في جامع المشير بشرقي العاصمة القاهرة، مضيفا أن قوات الأمن رفعت درجة الاستعداد في مطار القاهرة استعدادا لوصول وفود دولية يتوقع أن تشارك في تشييع مبارك.
هل تقام جنازة عسكرية؟
وأعلن فريد الديب، محامي أسرة الرئيس الأسبق أنه استكمل خلال الساعات الماضية إجراءات المطالبة بإقامة جنازة عسكرية لمبارك.
وقال الديب للجزيرة نت، إن القضاء المصري حسم كافة القضايا التي رُفعت ضد الرئيس الأسبق عقب ثورة 25 يناير وحصل فيها على البراءة. ورأى أن خروجه من السجن منذ فترة "يعد تأكيداً على براءته".
وذكر المحامي أن قيادات في الدولة -لم يكشف عن هويتها- أكدت تنظيم جنازة عسكرية لمبارك، "نظراً لما قدمه لخدمة الوطن منذ قيادته للقوات الجوية في حرب أكتوبر 1973".
قضية القصور
يذكر أن محكمة النقض (أعلى محكمة مصرية) قضت في يناير/كانون الثاني 2016 بالسجن ثلاث سنوات لمبارك ونجليه علاء وجمال في القضية المعروفة إعلاميا بـ"القصور الرئاسية"، الأمر الذي يقول محللون إنه قد يمنع إقامة جنازة عسكرية لمبارك لأنه أدين بجريمة "مخلة بالشرف".
وتولى مبارك حكم مصر قرابة ثلاثين عاما، إذ أصبح رئيسا للجمهورية بعد اغتيال سلفه أنور السادات في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1981.
وكانت نهاية حكمه في عام 2011، حين أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي اضطرته للتنحي وتسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في 11 فبراير/شباط من ذلك العام.
البدايات
ولد محمد حسني مبارك في الرابع من مايو/أيار 1928 في كفر المصيلحة التابع لمحافظة المنوفية بمنطقة الدلتا.
بعد إنهاء تعليمه في مراحله الأولى والثانوية، التحق بالكلية العسكرية في مصر وحصل منها على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948، ثم حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الجوية عام 1950 من كلية سلاح الطيران.
الوظائف والمسؤوليات
تدرج مبارك في المناصب العسكرية سريعا، فعُيِّن سنة 1964 قائدا لإحدى القواعد الجوية غرب القاهرة ليكون بذلك أصغر طيار يقود قاعدة جوية، ثم عُيِّن مديرا للكلية الحربية سنة 1967، ثم رئيسا لأركان حرب القوات الجوية المصرية.
وفي سنة 1972، عين قائدا للقوات الجوية ونائبا لوزير الدفاع، وتولى قيادة القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، التي شكل الطيران الحربي المصري أحد أذرعها الضاربة، رقي بعدها لمنصب فريق جوي.
وفي أبريل/نيسان 1975 عينه الرئيس أنور السادات نائبا لرئيس الجمهورية، وأصبح رئيسا للجمهورية بعد اغتيال السادات في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1981، وأعيد انتخابه أربع مرات متتالية في سنوات 1987 و1993 و1999، و2005.
التجربة السياسية
لم يظهر مبارك بين القادة العسكريين المهتمين بالسياسة حتى تعيينه في منصب نائب رئيس الجمهورية سنة 1975، تلك الخطوة التي كانت بوابة التمكين له في مصر قرابة ثلاثين سنة، حفلت بالتطورات والأحداث.
في سنة 1978، أصبح نائبا لرئيس الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، ثم زعيما له عندما تولى الرئاسة سنة 1981.
عند تسلمه واجه تحدي استرجاع منطقة طابا من إسرائيل بعد أن رفضت الانسحاب منها، ودخل في مفاوضات مع الإسرائيليين أفضت إلى اللجوء للتحكيم الدولي، فأصدرت هيئة التحكيم حكمها لصالح مصر سنة 1988 واستعادت منطقة طابا في مارس/آذار 1989.
ورغم رفض نسبة عالية من المصريين للعلاقات مع إسرائيل، فإن مبارك حافظ عليها، واستطاع مع ذلك استعادة علاقات مصر العربية التي قطعت بعد اتفاقية كامب ديفد، وأعاد مقر الجامعة العربية وأمانتها العامة إلى مصر، وشكل قطبا من أقطاب "محور الاعتدال".
دخل في مواجهات عنيفة مع التيارات المتشددة المحسوبة على الجماعات الإسلامية، وسببت هذه المواجهة العديد من الحوادث والتفجيرات التي استهدفت مقرات أمنية ومصالح حكومية وهيئات أجنبية وسياحا غربيين.
كما شهدت اغتيال شخصيات في النظام وموالين له، ومحاولات اغتيال لم تنجح، من بينها محاولة اغتيال استهدفته شخصيا سنة 1995 في أديس أبابا عندما كان في زيارة لإثيوبيا لحضور القمة الأفريقية.
وواجهت سياساته الداخلية وتمسكه بالحكم انتقادات واسعة من قبل حركات وأطراف معارضة في مصر، مثل الإخوان المسلمين وحركة كفاية، وتعاظم الأمر بالتزامن مع انتخابات 2005، وزاد من حدتها السعي لتوريث الحكم لنجله جمال.
الثورة
وبفعل الاحتقان السياسي وسوء الوضع الاقتصادي والنهب الممنهج وانتشار الفساد، تحرك الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011 في ثورة سلمية كان شعارها "عيش، حرية، كرامة إنسانية".
وامتلأت الميادين والشوارع بالمعتصمين والمتظاهرين المطالبين برحيل النظام، فأعلن مبارك تنحيه عن السلطة في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011 ونقل صلاحياته إلى الجيش، وانتقل ليقيم بمنطقة شرم الشيخ على البحر الأحمر.
لكن القضاء المصري أحاله إلى العدالة ليواجه تهم قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ، واتهم نجلاه علاء وجمال باستغلال النفوذ، وحكمت عليه محكمة جنايات القاهرة في 2 يونيو/حزيران 2012 بالسجن المؤبد.
لكن هيئة الدفاع عنه طعنت في الحكم فقبل القضاء الطعن في 13 يناير/كانون الثاني 2013، وبدأت إعادة محاكمته في عدد من القضايا المتعلقة بالفساد وقتل المتظاهرين.
بعد الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، وتولي عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، برأت محكمة جنايات القاهرة يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 في حكم غير بات الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وآخرين من كل التهم الموجهة إليهم, والتي تشمل قتل المتظاهرين في ثورة يناير/كانون الثاني 2011, والفساد المالي.
المصدر : الجزيرة + وكالات