بشكلٍ عام ، في وطننا ما أن يتولى المسؤولُ المُكلفُ مهامَه حتى
يتبعَ نمطَ من سبقَه . مبتدئا بفتح بوابة الآمال للناسِ ، وأنه ما
جاء هنا إلا من أجلِهم ورعايةِ مصالحِهم . وما هي إلا بضعةُ أشهرٍ
حتى يبدأ عمليا في السيرِ معاكسا لما تبناه قولا . ومنذ تولى
الأستاذُ محمدٌ بنُ عديو مقاليدَ محافظةِ شبوةَ وهو يواجه تحدياتٍ
جمةً , تتمثلُ في شرعيةٍ من نطفةٍ أمشاجٍ سياسيا , مختلطةِ
الجيناتِ فكريا , لا سداد ولا رشاد . وفي خصومٍ يتربصون المثالبَ
للنيل منه , فُجَّار في الخِصَام , همهُم السيطرةُ والتمكن , ولو صار
أمرُ شبوةَ كعدنَ . وفي حاشيةِ فسادٍ ومصالح مازلت تنخرُ في
مكاتب وأروقةِ السلطةِ المحلية . وأمام هذا , وبغية النجاح
وإثبات الذات , أخشى أن يسيرَ محافظُنا وفق النمط المتبع .
فوجب تنبيهه من بعض الآفات المدمرةِ لكل إخلاصٍ وفلاح ,
وخاصةً فيما يتعلق بالحقوق والمظالم . ومنها :
ـ الاغترار بالمدح ، مما يجعله مُعجبا ، فيندفع في اتخاذ القرار
وتنفيذه دون إحاطةٍ تامة بحيثيات هامة ، وجزئيات أهم ، فيكثرَ
الزللُ ، ويتراكمَ الفشلُ ، ويَمِلُ ويُمَلُ . فنثرُ الألقابِ لا يعني ضرورةً
سدادَ العملِ وشرعيةَ الوسيلةِ .
ـ التذمر من النقد ، مما يجعله نرجسيا ، فلا يستفيد من النقدِ في
تصحيح أخطاء سياسته ، وتقييمِ عيوب إدارته . وربما حمل له
النقدُ نصحا وإرشادا ، أكثر مما يظنه هدما وشماتة . فلا يحملنه
ذلك على التحدي , والرد بسطوة وتعدٍ .
ـ انقياده لجيوب النفوذِ في الحكومة , وفي سلطته وبطانته ، ممن
يزينون له سُبلَ الاستعلاءِ وفرض هيبة المنصب ، وممن يهمهم
بهرجة الإعلامِ عن تنميةٍ وتطور ، دون اعتبار لحركة تلك التنمية ،
بحق وعدلٍ ؟ , أم بقهر وظلمٍ ؟ .
ـ الاحتجاب وعدم مقابلة المراجعين من أهلِ الحقوق ,
والمتضررين من جراء تنفيذ مخططه ، أو من ممارسات خاطئةٍ
عبر مكاتبِ الوزارات بالمحافظة ، أو من إجراءٍ تعسفي على يد
قواتٍ أمنية وعسكرية , لا تلقي بالاً لفرضية الحقِ واحتمالية
البراءة . ولذا فليجعل للناس أياما خاصة للإنصات لشكواهم فقط
، ثم الرد عليهم بما يزيل تقييمَهم الخاطئ تجاهه , وحتى إذا ما
فصلَ في قضيةِ حقوقٍ كان عادلا , وإنِ اتخذَ قرارَ تنفيذٍ كان
معتدلا . أما إن أغلق دونهم بابَه ، وجعل له واسطةً ، فهو بذلك
يخيط بيده كفنَ حياتِه السياسيةِ , وسمعته الاجتماعية
والإنسانيةِ .
ـ أيها المحافظ والمسؤول / أذكرك بتاريخٍ مضى لعلك منه تعتبرُ .
سابقا أخذ نظامٌ بائدٌ الرجالَ والمال ظلما وعدوانا من أجل تنفيذ
سياسته ، ثم سلط اللهُ بعضَهم على بعضٍ فنالوا جزاءً من جنس
عملهم . ثم جاء نظامٌ أعاد الحقوقَ لأهلها , وقد ظنوا أنها لا تعود
لهم مطلقا . ولذا فإياك والحقوق والمظالم بكل أنواعها , فإنها أمرٌ
لا تسقطه عنك عظمةُ انجازاتِك , ولا تمحوه أبدا روائعُ تنميتِك ,
ولن تخفيَه كتبُ مآثرك , ولن تنفعك أمامها قوةُ سلطتِك ونفوذُ
قيادتك , مهما بلغ فيها حسنُ مقصدك . إنَّ خصومَك كثيرون , فلما
تُصِرُ على رفدهم بأقوامٍ ليسوا لك بخصوم ولا مبغضين ؟. إنَّ
العدلَ واللينَ من أسس الحكم المتين , وليس القهرُ والظلمُ لائقا
بالرجل الرزين ، فكيف يكون ذلك من صفاتِ الراعي الأمينِ ؟ .
إضافة تعليق