لم تكتف ميليشيا الحوثي بتشريد عشرات الآلاف من اليمنيين خلال السنوات الماضية، بل لاحقت هؤلاء النازحين إلى مخيماتهم في أطراف محافظة مأرب واستهدفتها بالقذائف والصواريخ مسببة موجة نزوح جديدة إلى مركز المحافظة (مدينة مأرب) وذلك بالتزامن مع معارك هي الأشد يخوضها الجيش اليمني للدفاع عن المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
الوحدة التنفيذية لإدارة مخيم النازحين والتابعة لرئاسة مجلس الوزراء اليمني أصدرت تقريرا حديثا عن موجة النزوح الجديدة أكدت فيه أن أكثر من 1500 أسرة - أي معادل عشرة آلاف شخص - اضطروا للنزوح من جديد من مديرية مدغل في أطراف محافظة مأرب إلى عاصمة المحافظة ومديريات أخرى تقع تحت سلطة الحكومة الشرعية بعد مهاجمة ميليشيات الحوثي للمناطق التي كانوا يقيمون فيها منذ نزوحهم من محافظة الجوف والمناطق القريبة منها، قبل أشهر.
وحسب التقرير الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» فإن مديرية رغوان في شمال غربي محافظـة مـأرب تعد مـن أبرز المديريـات في المحافظـة التي احتضنـت آلاف النازحـين مـن مناطـق الصـراع في مديريـتي مجـزر وﻧﻬـم، لأنها تجاور من الشمال مديريـة مجـزر، ومـن الغرب والجنـوب مديريـة ﻧﻬـم في محافظة صنعـاء وبلغ إجمــالي عــدد النازحــين في المديريــة أكثــر مــن 20.000 نـازح.
التقرير قال إنه وبسـبب الاشـتباكات واحتـدام المعـارك ودخـول مخيمـات النازحـين في المديريـة في خـط الصـراع اضطـرت الآلاف مـن الأسـر لتـرك مسـاكنها والنزوح منهـا والبعـض منهـم نـزح للمــرة الثانيــة والآخــر للمــرة الثالثــة كمــا أن البعــض منهــم خــرج ســيرا علــى الأقــدام، تاركين كل مـا لديهـم مـن مـأوى ومواد لم تتلفها السـيول ونزحـوا إلى مديريـات صـرواح والمدينة والـوادي والبعـض منهـم نـزح إلى مواقـع قريبـة في داخل المديريـة ذاتها ولكن هذه المواقع تبعـد بمسافة معقولة عـن أماكـن الخطـر.
وأعاد التقرير التذكير بالمأسـاة الأولى الناتجـة عـن السـيول التي جرفـت بعـض المخيمـات ومواقـع النازحـين في جميـع مديريـات المحافظـة مـع انعـدام أي تدخـلات مـن قبـل شـركاء العمـل الإنسـاني في المديريــة والتي ســبق أن رفــع تقريــر عنهــا في منتصف الشهر الحالي، بخاصة مع توقـع الأرصـاد الجوية هطول أمطــار غزيــرة خلال الأيــام المقبلة وتضاعف المخاوف من مأســاة جديدة للنازحــين في مديريــات المحافظـة.
فريـق الرصـد والتقييـم الميـداني في الوحـدة التنفيذيـة بمـأرب سارع إلى رصـد حركـة الـنزوح الأخـيرة، ومعرفـة أماكـن وجود النازحـين في المواقـع والقطاعـات في كل مديرية وأوصى الشركاء بالاستجابة الســريعة لتغطية احتياجات النازحين من المأوى والمواد غير الغذائية.
كما أنشأ الفريق دورات مياه وقام بتوفير خزانات وحقائب نظافة، وطلب من كتلــة الأمــن الغذائــي توجيــه الشــركاء بالاستجابة السريعة لتغطية احتياجات النازحين من السلال الغذائية، ومن كتلــة الصحــة توجيــه الشــركاء بالاستجابة الســريعة للقيام بإنزال عيادات طبية متنقلة لتقديم خدمات طبية.
ووجه الفريق كتلــة الحمايــة بتفعيــل دورهــا في المحافظــة العمــل علــى توفــير مساعدات نقديــة متعــددة الأغــراض للنازحــين الجــدد وعمـل مسـاحات آمنـة وصديقـة وتوفـير الدعـم النفسـي للأطفـال والنساء.
هذه التطورات ترافقت مع تحول في إدارة المعارك في محيط محافظة مأرب وفي محافظتي الجوف وصنعاء حيث تحولت قوات الجيش اليمني إلى موقع الهجوم بعد أيام من التصدي لهجوم شنته ميليشيات الحوثي وصفته مصادر عسكرية بأنه الأشد في استهداف المحافظة منذ بداية السنة الحالية، حيث حشدت الميليشيات آلاف المقاتلين والأسلحة والآليات العسكرية وحاولت اقتحامها من ثلاثة اتجاهات.
وطبقا لما قالته مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» فإن قوات الجيش المسنودة بمقاتلي القبائل تواصل مهاجمة مواقع الميليشيات في مديرية مجزر وفي مديرية نهم بمحافظة صنعاء، وفي شرق مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف بإسناد كامل من مقاتلات تحالف دعم الشرعية، والأمر ذاته في جبهة قانية على حدود محافظة مأرب مع محافظة البيضاء حيث قتل العشرات من المقاتلين الحوثيين.
بدورها ذكرت وزارة الدفاع اليمنية أن عددا من عناصر ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران لقوا مصرعهم، جراء غارات جوية لمقاتلات تحالف دعم الشرعية في محافظة الجوف، استهدفت بها مواقع وتعزيزات الميليشيا الحوثية في محيط مدينة الحزم، حيث أدت الغارات إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الانقلابيين، إضافة إلى تدمير عدد من العربات والآليات.