ست سنوات عجاف من الحرب، مرت على شعب ما يزال يقاوم
بكل شراسة الإمامة التي عادت بعد مرور أكثر من 50 عاماً على
محو نظامها الكهنوتي، الذي ظل حينها يمارس استبداديته على
الشعب لعقود تحت مظلة ادعاء الحق الإلهي بالحكم والتفرد به.
بقوة السلاح وبدعم قوي من إيران، نفذت مليشيا الدمار الحوثية
قبل ستة أعوام، في ما يطلق عليها اليمنيون "نكبة 21 سبتمبر"
انقلابها على الدولة، وحولت كل مافيها - بحسب صحفيين
وسياسيين لموقع الجيش"سبتمبر نت" - إلى "خراب".
اليوم، وبعد سنوات قضت فيها المليشيا المدعومة من إيران على
كل ما هو جميل في حياة اليمنيين، يؤكد المراقبون أن لا تعريف
آخر بات لدى اليمنيين، عن هذا اليوم الذي سقطت فيه عاصمتهم
التاريخية "صنعاء" بيد المليشيا سوى أنه يوم النكبة، بينما آخرون
يقولون عنه "اليوم الأسود".
رجعت فيه اليمن قروناً إلى الوراء في مختلف المجالات، سياسياً
وتعليمياً واجتماعياً واقتصادياً، لقد مثلّ هذا الانقلاب ردة للوراء.
"اليوم الأسود" هكذا يصفه كثير من اليمنيين، ذكرهم بعهد
الكهنوت الإمامي البائد، الذي ثار عليه آباؤهم وأجدادهم،
فاستكملوا سلسلة ثوراتهم، بثورة الـ"26 سبتمبر 1962م" التي
أخرجت البلد من الجهل والعزلة والمرض، إلى الانفتاح على العالم،
وإلى نور العلم ووسائل المعرفة.
عاش اليمنيون طيلة السنوات الست الماضية يقارنون بين ما قبل
النكبة وما بعدها، ويسقط الأجيال الشابة ما قرأوه وسمعوه على
واقع اليوم، ويرون أن تكميم الأفواه ومصادرة الحريات ومغادرة
مربع السياسة، في ظل سلطة المليشيا، بات سيد الموقف، ونتاجا
لست سنوات من النكبة.
إلى جانب ثلاثية الفقر والجوع والمرض، التي يعيشها السكان في
مناطق سيطرة المليشيا التي جعلت من الموت شعارها، وفي
صرخاتها باتت تحتفل مع قتل كل طفل رضيع وشيخ مسن
ومختطف تحت التعذيب، نجد إن أبرز ما أنجزته المليشيا طوال
الست السنوات الماضية هي "مشاريع موت" ووضع حجر الأساس
لمئات المقابر.
ست سنوات من الحرب الدامية التي أشعلت شرارتها المليشيا
الحوثية إرضاء لإيران، وتنفيذاً لمخططاتها الرامية إلى تدمير
البلاد، دفعت خلالها اليمنيين - طبقاً لما يجمع في الحديث عنه
صحفيون - إلى أتون الحرب والأزمات والمآسي والتشظي
والانقسام، ومربع الفوضى الذي لم ينته بعد.
حملات تجنيد واسعة في أوساط الأطفال وصغار السن، قامت بها
المليشيا الحوثية خلال الست السنوات الماضية، والهدف منها
تحقيق مكتسبات ميدانية على حساب هؤلاء الأطفال الذين جندت
منهم ما لا يقل عن 30 ألف طفل طيلة الفترة ذاتها.
عمدت مليشيا الحوثي المتمردة طوال الست السنوات الماضية
على عزل مناطق سيطرتها عن العالم، وذلك تغطية على جرائمها
وانتهاكاتها المستمرة بحق الشعب، ومن أجل تحقيق ذلك عمدت
على قمع الصحافة والإعلام، ونفذت حملات اختطافات واسعة
طالت الصحفيين والناشطين والسياسيين، وكذا الأكاديميين.
ما لا يقل عن 500 سجن ومعتقل تابع لمليشيا الكهنوت الحوثية،
هي أرقام ما أوجدتها المليشيا خلال ست سنوات من الحرب -
طبقاً لمصادر حقوقية لـ"سبتمبر نت" أكدت - أن المليشيا اختطفت
إليها طوال السنوات الماضية أكثر من 14 ألف مختطف، بينهم
3862 اخفوا قسراً، لا يزال منهم 236 مخفيا، لا أحد يعلم عنهم
شيئاً.
واقع الثقافة والفن والمسرح، هو الآخر، كان في مرمى أهداف
المليشيا الحوثية التي أرادت العودة باليمن مجدداً إلى عصور
الظلام، ودفعت بعشرات المثقفين والفنانين إجبارا إلى جبهاتها،
وهو الأمر ذاته الذي قامت به المليشيا مع التعليم، بتحريف
وتطييف المناهج، وتجريف الهوية الوطنية، وطمس معالمها.
ظهور الجريمة وارتفاع نسبة حدوثها في مناطق مختلفة من
سيطرة مليشيا الحوثي المتمردة، كانت هي الأخرى نتاجا لهذه
النكبة، التي معها تنامت نزعات المناطقية والعنصرية والمذهبية
والعرقية، وتلاشت معها قيم التعايش والتماسك المجتمعي،
وأصبحت ثلاثية الفوضى والرعب والجريمة، هي سيدة الموقف.
سياسة تفجير المنازل، نهج إجرامي وإرهاب وانتقام، مارسته
المليشيا المتمردة على مدى الست السنوات التي مضت، تشير
الأرقام إلى أن المليشيا فجرت خلالها ما لا يقل عن 810 منازل
لمواطنين ومناوئين لها في 17 محافظة يمنية، وهو الأمر الذي لا
يحمل في مفهومه سوى تعريف واحد لهذه المليشيا، وهو تحقيق
الدمار والخراب في أقصى ما يمكن.
إلى جانب ما ذكر من نتائج نكبة "21 سبتمبر" الكارثية والتي
ليست سوى غيض من فيض مما يحدث وخلفته وأوجدته النكبة،
عادت الأمراض والأوبئة المختلفة في الانتشار والظهور مجدداً
في عهد سلطة الإمامة الكهنوتي، وكأن الشعب لا ينقصه شيء من
الكوارث.
إضافة تعليق