دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شعب بلاده إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، على خلفية دعوات فرنسية لمقاطعة المنتجات التركية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح أسبوع المولد النبوي الشريف، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وهنأ أردوغان العالم الإسلامي بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف.
وأشار إلى أن ذكرى المولد حلت هذه السنة في أيام عصيبة يشهدها العالم جراء تفشي وباء كورونا، والمنطقة بسبب المشاكل التي تعيشها.
وأوضح أن العالم الإسلامي يمر بأيام حافلة بالصعوبات والاختبارات المؤلمة، معربا عن قلقه من الحال الذي وصل إليه المسلمون.
وأردف: "نحن في خضم فترة يُمارس في كل يوم وكل لحظة فيها، الظلم والإرهاب والتعذيب والكثير من الأفعال التي يحرمها ديننا ونبينا".
وحول صدور دعوات في فرنسا إلى مقاطعة المنتجات التركية، قال أردوغان: "أوجه نداءً إلى شعبي وأقول: لا تشتروا المنتجات الفرنسية أبدا".
ووجه الرئيس أردوغان دعوة لكافة زعماء العالم، للوقوف إلى جانب المسلمين المظلومين في فرنسا.
وأشار إلى أن التهجم على الإسلام والمسلمين "بدأ بتشجيع من زعيم فرنسا (ماكرون) المحتاج لعلاج عقلي".
وتابع قائلا: "العداء للإسلام والمسلمين أصبح سياسة مدعومة على مستوى الرؤساء في بعض الدول الأوروبية".
وخاطب أردوغان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قائلا: "أين حرية الأديان التي تزعمونها، كيف لأكثر من مئة شرطي أن يداهموا مسجدا في بلادكم؟".
ولفت الرئيس التركي إلى أن مداهمة الشرطة الألمانية لمسجد وقت صلاة الفجر "ليست حدثا عاديا".
وحذّر أردوغان الأوروبيين من أنهم لن يستطيعوا تحقيق أي مكسب من معاداة الإسلام والمسلمين.
وأضاف أن العنصرية ومعاداة الإسلام مرضان نفسيان يطيحان بالملكات العقلية للإنسان مهما يكن عمله أو منصبه.
وبخصوص الإسلاموفوبيا قال أردوغان: "لا يمكن للبرلمان الأوروبي تجاهل هذه المسألة وهو الذي يعبر دوما عن رأيه في كل قضية تتعلق ببلدنا".
ولفت إلى أن مليون سوري فقدوا حياتهم وهُجّر 12 مليونا آخرين جراء هجمات النظام والإرهابيين.
وذكر أن "مئات الآلاف من الأطفال الأبرياء الذين ماتوا جوعا في اليمن، هم من دفعوا ثمن الحرب القذرة المستمرة منذ 6 سنوات".
وأفاد بأن الانقلابيين في ليبيا والقوى الإمبريالية الغربية نهبوا الثروات الباطنية للبلاد.
وأوضح ان البلاد الإسلامية التي كانت على مر العصور مرتبطة في الأذهان بالسلام والعلم والحكمة، باتت اليوم تتعالى منها إلى السماء، صرخات الأمهات وأنين الأطفال وتتصاعد فيها أعمدة الدخان من المساجد التي تحولت إلى أنقاض نتيجة القصف، بدلا من أصوات الأذان.
وأشار إلى استمرار الظلم في فلسطين والعنف في أراكان والاضطهاد في تركستان، ومواصلة الإرهاب إزهاق الأرواح في أفغانستان والعراق.
واستطرد: "ثمة مئات الآلاف من إخوتنا المسلمين الذين قتلوا وهُجّروا من منازلهم وأوطانهم، فقط لأنهم مسلمون، ومئات الآلاف الذين أُجبروا على تغيير دينهم من قبل البعثات التبشيرية، والملايين الذين فقدوا أولادهم وتعرضوا للعنف والاضطهاد والتمييز بسبب هويتهم الدينية والعرقية".
ولفت أردوغان إلى أن معاداة الإسلام والمسلمين تسري كالوباء في المجتمعات ولاسيما في الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن المساجد ومنازل ومدارس وأماكن عمل المسلمين تتعرض بشكل شبه يومي لاعتداءات الجماعات العنصرية والفاشية.
وأضاف: "الإرهاب العنصري ينتشر في المجتمع من خلال الإعلام والسياسة، وفي كثير من الأوقات عبر تغافل الوحدات الأمنية".
وأكد أردوغان أن ما يتعرض له المسلمون اليوم شبيه بحملة القتل التي نُفذت ضد اليهود في أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية.
وأردف: "يتم دفع المسلمين الأوروبيين عمدا وعن علم وبشكل مخطط له إلى أحضان الكيانات التي يغذيها العنف والدم".
وذكر أردوغان حديث النبي الكريم "يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار"، مشيرا إلى أنه يصور ما نشهده الآن في العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا.
وأوضح أن العيش بطريقة إسلامية في الدول الغربية يصبح مستحيلا يوما بعد يوم، بينما تتمتع المنظمات الإرهابية مثل "غولن" بالحماية.
وأضاف: "تتاح الفرصة للجماعات التي تستهدف أرواح المسلمين، بينما منظمات المجتمع المدني التي تنشط فوق أرضية قانونية تتعرض للضغوط".
وعن وباء كورونا، أكد أردوغان أن بلاده لا تعاني من أزمة كورونا بالقدر الذي تعاني منه الدول الأخرى، وذلك بفضل البنية الصحية التحتية القوية والتدابير التي اتخذتها حكومته في أوقاتها إضافة إلى تضحيات الكوادر الصحية.
وتمنى أردوغان الشفاء العاجل للمرضى المصابين بالفيروس وترحم على الذين فقدوا أرواحهم جراء الوباء.
وأعرب أردوغان عن استنكاره لمحاولات تحميل الدين الإسلامي والمسلمين مسؤولية جرائم تنظيمات إرهابية كـ"داعش"، من أجل تأجيج الأحقاد والكراهية ضد المسلمين.
وشدد أن تصاعد معاداة الإسلام في الغرب، تحول إلى هجوم شامل على القرآن ورسول الإسلام محمد (ص).
وأشار إلى أن ممارسات التهجير ومحاكم التفتيش والإبادة الجماعية ضد منتسبي الديانات المختلفة ليست غريبة على أوروبا.
وأوضح أن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت ضد اليهود قبل 80 عاما، وما حدث للأشقاء البوسنيين قبل 25 عاما في سربرنيتسا لا تزال حاضرة في الذاكرة.
وبيّن أردوغان أن ما شهدته أوروبا مؤخرا من قبيل مداهمة المسجد في برلين، والأفعال المتجاوزة للحدود من قبل رئيس دولة (فرنسا)، ليست أحداثا عادية؛ وإنما علامة على مرحلة خطيرة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على المسلمين الأوروبيين.
وأكد أن الساسة الغربيين يحاولون التستر على إخفاقاتهم في السياسة الداخلية والخارجية عبر استهداف المسلمين.
وأضاف أنه "حتى المشاكل الاقتصادية الناجمة عن تداعيات وباء كورونا، يحاولون تحميل المسلمين والمهاجرين مسؤوليتها".
وتابع "من الواضح أن مناخ الكراهية هذا لا علاقة له بالتوترات المعتادة في السياسة اليومية، وأخشى أن يكون هناك مخططات أكثر قتامة وأكثر غدرا".
ودعا الرئيس أردوغان إلى ضرورة استخلاص الدروس من المجازر التي وقعت في الحرب العالمية الثانية.
وقال إن "الإرهاب العنصري لم ولن يجلب إلى أوروبا سوى الدماء والدموع والصراعات الداخلية".
وأكد حاجة أوروبا إلى اتخاذ موقف حاسم على نحو أكبر ضد التنظيمات النازية الجديدة التي تنتشر مثل الخلايا السرطانية بالقارة.
وأعرب عن اعتقاده بأن مؤسسات الاتحاد الأوروبي بشكل خاص تتحمل مسؤولية كبيرة في مكافحة التهديد الإرهابي العنصري، مضيفا "لم يعد بإمكان مجلس أوروبا تجاهل معاداة الإسلام بعد الآن".
وأفاد بأنه "على قادة أوروبا المتحلين- منهم- بالحكمة والأخلاق والضمير، هدم جدران الخوف، والبدء في الحديث عن الإسلام والعداء للمسلمين".