"أرسم بما تمليه علي دقات قلبي" هكذا تصف "سمية قيس" علاقتها مع الرسم الذي تمارسه بشغف منذ الصغر، ورغم الحرب التي تشهدها البلاد، وحالة التهميش للفنانين تقول إنها "لا تنظر إلى المثبطات ولا إلى الخلف"، حيث تواصل ممارسة شغفها بالرسم الذي أتقنته حتى أصبح يدهش من يراه للوهلة الأولى.
تنحدر "سمية"، من المكلا في محافظة حضرموت (شرق اليمن) وهي ما زالت طالبة جامعية، في البداية كانت تنشر رسوماتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما جلب لها جماهير معجبة برسوماتها، ومن خلال ذلك برز اسمها كفنانة وصنعت لنفسها قصة نجاح مميزة.
من هواية إلى مصدر دخل
وقالت سمية عن بدايتها "كان الرسم يستهويني منذُ الصغر، وتُلفت انتباهي الشخصيات الكرتونية، التي اشاهدها في التلفزيون، فحينما يعجبني منظر جميل، أو شخصية أقوم مباشرة وأحمل ورقة، ومعها أقلام الرسم، وأبدأ بنسخ ما تراه عيناي على الورق".
وأضافت في حديث لـ "يمن شباب نت"، "كنت أرى الرسم مجرد هواية عابرة، وحينما جرّبت أن أتوقف عن الرسم لمدة خمسة أعوام، لم أقدر أتكيف مع شيء غيرة لأنه تأصل في ذاتي، وبعدها عدت للرسم وبقوة، فمنذ ذلك الحين أصبح الرسم جزءاً لا يتجزأ مني".
تحول الرسم لدى "سمية" من مجرد "هواية" عابرة إلى موهبة ومن ثم إلى مصدر للدخل، وتقول إن لها "طموح للمستقبل وتراه بنظرات مشرقة وجميلة"، وأشارت "لم يكن هناك أية جهة تساندي وتبرز أعمالي، وحصلت على تشجيع وتحفيز من عائلتي وأصدقائي فقط".
المجتمع وفن الرسم
تقول "سمية" منذ صغرها وهي تجتهد واعمل على صقل مهارتي، وأحاول جاهدةً إظهار موهبتي في الرسم حتى يراها المتابع بأحسن حله، وقالت: "هناك من يتابعني وينتقدني كنقدٍ بنّاء، وهم من أصحاب الخبرة، فأقوم بالعمل على تصحيح الأخطاء وإعادتها جميلة مثلما هي".
وأشارت سمية قيس لـ"يمن شباب نت"، أن فئة كبيرة من المجتمع الحضرمي ينظر إلى الرسم أنه، فنّاً مبهراً ويحثك على الاستمرار فيه، ويشيد بعملك الجميل، والبعض يرى أنه مضيعة واستهلاك للوقت من دون فائدة تُذكر، بينما هو في الحقيقة عكس ذلك.
وهناك الكثير من أنواع الرسم التي يجيدها الفنانون في هذا المجال وكل شخص يفضل نوع عن آخر، وتقول سمية "إنها تجيد أنواع كثيرة من الرسوم، ولكنها تفضل وتحب رسم الوجوه "البورتريه" بخامتي الرصاص والألوان المائية".
معارض المشاركات
وكعادة السلطات في اليمن، لا تهتم بالمواهب الشابة ولا تشجع الفنون، ومع حالة الحرب التي تعيشيها البلاد تكاد تكون الموهبة بعيدة بشكل مطلق عن اهتمام السلطات، وتبقى المبادرات الشبابية ووسائل التواصل هي ملاذ كثير من الفنانين لإظهار مواهبهم وتلقى التشجيع المعنوي على الأقل.
وقالت سمية قيس لـ"يمن شباب نت"، يقتصر دور السلطة المحلية بحضرموت، بالاكتفاء بإقامة المسابقات التي تظهر رسامين محدودين، بعكس ما تفعله المؤسسات وبعض الأفراد في المعارض في إظهار مواهب جميع الفنانين بمستوياتهم المختلفة.
وذكرت أن أول مشاركة لها كانت لها في الجامعة التي تدرس فيها وكانت "متواضعة ومحدودة"، بسبب أنها مقتصرة على طالبات كلية البنات فقط، وتابعت "بعدها انطلقت وشاركت في معارض أوسع، أقيمت في كلية القانون، والهندسة، حيث شاركت فيه الفنانين من جميع كليات الجامعة".
ولفتت، سمية بأنها شاركت مؤخراً بمعرض إلكتروني أقامته جمعية بورصام التركية بمدينة بورصة تحت اسم "معرض لون الورد"، في الوقت الذي تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي هي المعرض المفتوح التي تعرض فيها كل ما تريد أن يراه الجمهور.
طموح وتشجيع
نجحت "سمية" في إبراز موهبتها ولو بشكل محدود، وما زالت تطمح أن تصل إلى مستوى أكبر وتسعى لمواصلة شغفها إلى حدود أكبر، ويعد التشجيع والدعم المعنوي والمادي هو المحفز الكبير للاستمرار، والذي توفر لها بشكل نسبي من محيطها العائلي وعلاقتها المجتمعية.
وقالت سمية "إن عدم تشجيع الموهوبين، وصقل مهاراتهم يؤدي إلى صناعة مجتمع ضعيف عقلياً وتفكيراً"، وأضافت "شجّعوا ابناءكم، اصدقاءكم، إخوتكم وأخواتكم، لا تقطعوا أجنحتهم اسمحوا لهم بالتحليق عالياً، ليشعروا بقيمة أنفسهم وانجازاتهم ونجاحاتهم".
وتابعت: "افتخروا بهم واجعلوهم يفتخرون بأنفسهم.. لا تنقصوا من قيمة أحد مهما كانت موهبته أو مستواه، لا ترغموا أبناءكم على السير في نمط محدد، اتركوهم يختارون ما يريدون، هي حياة واحدة فدعوهم يعيشونها كما يريدون".
وتقول "سمية" أن الفضل الأول يعود لأسرتها في تشجيع موهبتها، وتقديم الدعم المتواصل لها وحثها على الاستمرار، وأشارت "أن أصدقائي وزميلاتي كان تشجيعهن وتحفيزهن لي منذ بداية مسيرتي، نابع من القلب بكل حُب، حتى أنهن أقمن معرضاً لي في المكلا".