قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إن أربعة صحفيين تحتجزهم سلطات الحوثيين تعسفا في اليمن منذ 2015 يواجهون عقوبة الإعدام ولا يتلقون رعاية طبية كافية. في 11 أبريل/نيسان 2020، حكمت "المحكمة الجزائية المتخصصة"، التي يديروها الحوثيون في صنعاء، على أربعة صحفيين يمنيين بالإعدام بعد محاكمة جائرة بتهم ذات دوافع سياسية، وهي الخيانة والتجسس لصالح دول أجنبية، بسبب عملهم كصحفيين. على سلطات الحوثيين إلغاء أحكام الإعدام فورا والإفراج عن الصحفيين دون قيد أو شرط.
اعتقلت سلطات الحوثيين الصحفيين الأربعة – عبد الخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري – مع خمسة صحفيين آخرين خلال مداهمة غرفة فندق في صنعاء، في 9 يونيو/حزيران 2015، حيث كانوا يعملون لأن الفندق كان أحد المواقع القليلة في المدينة التي يتوفر فيها الإنترنت والكهرباء، بحسب ما قاله أقاربهم لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف. طوال احتجازهم، حتى قبل تفشي فيروس "كورونا"، لم يسمح للصحفيين سوى بزيارات عائلية غير منتظمة ومقيَّدة، ولم يُمنَحوا المساعدة القانونية أو الرعاية الطبية الكافية. في 15 أكتوبر/تشرين الأول، أطلق الحوثيون سراح خمسة من الصحفيين كجزء من صفقة تبادل أسرى مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، لكنهم رفضوا إدراج الأربعة الصادر بحقهم أحكام الإعدام.
قالت أفراح ناصر، باحثة اليمن في هيومن رايتس ووتش: "تستخدم سلطات حوثيين محاكم مشكوكا فيها لمعاقبة الصحفيين على قيامهم بعملهم، ما يضيف إلى سجل الانتهاكات المريع للجماعة المسلحة. ما كان يجب اعتقال هؤلاء الصحفيين أصلا، ناهيك عن مواجهتهم عقوبة الإعدام".
أحكمت جماعة الحوثي المسلحة في السنوات الأخيرة قبضتها على العاصمة صنعاء، بما في ذلك القضاء. أفاد فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة المعني باليمن أن الحوثيين استخدموا "المحكمة الجزائية المتخصصة" في صنعاء "كأداة لقمع المعارضة وترهيب المعارضين السياسيين و/أو تنمية رأس المال السياسي لاستخدامه في المفاوضات".
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف بسبب قسوتها المتأصلة وعدم إمكانية الرجوع عنها.
قبل اعتقالات 2015، عمل الصحفيون مع العديد من وسائل الإعلام المحلية التي تغطي الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثيين المسلحة، التي تسيطر على صنعاء وجزء كبير من شمال غرب اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014. كان عمران رئيس تحرير "الإصلاح"، الموقع الإخباري التابع لـ"التجمع اليمني للإصلاح"، وهو من القوى الأساسية المعارِضة للحوثيين. عمل الوليدي في الموقع الإخباري "الربيع نت" ووكالة الأنباء "سبأ" التي تمولها الدولة. كان حميد محرر الأخبار في "المركز الإعلامي للثورة اليمنية" ويغطي انتهاكات الحوثيين الحقوقية. عمل المنصوري في المركز الإعلامي للثورة اليمنية كمصمم غرافيك.
قال شقيق المنصوري إن سلطات الحوثيين قيدت التواصل مع أفراد الأسرة والمحامين أثناء المحاكمة وبعدها. قال: "لم تسمح لنا سلطات الحوثيين بزيارة توفيق أبدا. كل ثلاثة أو أربعة أشهر، كانت تسمح سلطات الحوثيين لتوفيق بالاتصال بنا خمس دقائق وكان يطلب منا إرسال نقود إليه، لكن نصفها يأخذها حراس السجن. ... آخر مرة اتصل بها كانت قبل شهر لمدة خمس دقائق فقط. لم تسمح سلطات الحوثيين للمحامين بالتحدث إلى توفيق والمعتقلين الآخرين الذين يواجهون الإعدام. تمكن المحامي من التحدث إليهم مرة واحدة فقط داخل قاعة المحكمة بحضور القاضي وعناصر أمن حوثيين آخرين".
وصف أفراد الأسرة أيضا عدم حصولهم على ما يحتاجون إليه من رعاية طبية. قالت شقيقة الوليدي عن آخر زيارة لها: "آخر مرة رأيته فيها، بدا وجهه شاحبا جدا. قبل شهر اتصل بنا لفترة وجيزة وكان صوته متعبا. لدى أكرم مشاكل مزمنة في الجهاز الهضمي وارتفاع ضغط الدم. لا يتلقى رعاية طبية داخل السجن، لكننا، أسرته، نرسل إليه الدواء عندما تسمح لنا سلطات الحوثيين بذلك".
كما أعربت شقيقة حُميد عن مخاوف عائلتها بشأن حالته الصحية: "سلطات الحوثيين لا تقدم لنا أي معلومات عن حالة أخي.... حارث يعاني من فقدان البصر وجفاف في عينيه والصداع النصفي المستمر. عندما يتصل بنا يطلب نقودا أو أن نرسل إليه دواء. في 2019، سمح الحوثيون لحارث بالذهاب مرة واحدة إلى عيادة علاج العيون وغطينا جميع النفقات المالية".
لا تعرف أي من العائلات مكان احتجاز الصحفيين الأربعة.
كما أعرب جميع الأقارب عن مخاوف جدية من قيام سلطات الحوثيين بإعدام الأربعة قريبا، لا سيما وأنها لم تدرجهم في تبادل الأسرى. قالت شقيقة حُميد: "في 2018، توفي والدي دون أن يودع حارث. من أجل والدتي المريضة، نأمل أن يُفرَج عن حارث قريبا، لكننا قلقون من تنفيذ حكم الإعدام قريبا".
كما تحدثت هيومن رايتس ووتش مع ثلاثة من الصحفيين المشمولين بتبادل الأسرى: هشام أحمد طرموم (30 عاما)، وهيثم عبد الرحمن الشهاب (29 عاما)، وعصام أمين بالغيث (30 عاما).
قالوا إن المحكمة الجزائية المتخصصة حاكمتهم مع الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام بتهم مماثلة. لكن المحكمة أمرت في النهاية بالإفراج عنهم مع سجينين آخرين – هشام عبد الملك اليوسفي وحسن عبد الله عناب – أُدرِجا لاحقا في تبادل الأسرى. لم يعرف أحد لماذا أمرت المحكمة بالإفراج عنهم في حين حكمت على الأربعة الآخرين بالإعدام.
وعلى الرغم من أمر الإفراج، استمرت سلطات الحوثيين باحتجاز الخمسة دون تفسير إلى حين صفقة سبتمبر/أيلول مع الحكومة اليمنية، عندما أُطلق سراحهم مقابل سجناء تحتجزهم الحكومة. احتجاز الأشخاص بشكل غير قانوني لاستخدامهم في تبادل الأسرى هو أحد أشكال أخذ الرهائن، وهو جريمة حرب.
قال الثلاثة إن عناب واليوسفي لم يتمكنا من التحدث إلى هيومن رايتس ووتش لأن لديهما مشاكل جسدية ونفسية بسبب التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
قال طرموم: "في بداية اعتقالنا، هددتنا قوات الحوثيين، جميع الصحفيين، عدة مرات بأنهم سيستخدموننا كدروع بشرية ويتركوننا في مخازن أسلحة، فتضرب غارات التحالف بقيادة السعودية المكان وتقتلنا. نفسيا، كان ذلك مدمرا. داخل السجن، كان الحوثيون يسيئون إلينا عاطفيا، ويسبوننا ويتهموننا مرارا بأننا مجرمون. لكن ذنبنا الوحيد هو أننا كنا نعمل كصحفيين، ونغطي ما يحدث على الأرض".
قال الشهاب إنه يعتقد أنه أصيب بالسكري في السجن بسبب سوء الأوضاع. قال بالغيث إنه لم يتمكن من الحصول على علاج طبي إلا بعد أن ساءت حالته، وبعد أن توسل مرارا إلى الحراس. قال: "لدي أمراض عديدة، [منها] أمراض القولون، والقرحة الهضمية، وآلام في العظام، والربو. أتحدث الآن وأنا أشعر بألم في صدري بسبب الربو الذي أصبت به بعد ظروف الاعتقال القاسية... كانت مساحة الزنزانة التي احتجزنا فيها معظم الوقت 3 × 2 متر. كنا عشرة أشخاص داخل تلك الزنزانة. كان المرحاض داخل الغرفة وكان المرحاض والغرفة قذرين دائما. كان المكان مغبرا طوال الوقت".
قال بالغيث: "ذات مرة شعرت بألم لا يطاق في منطقة حساسة من جسدي. بعد الكثير من المناشدات، سمح لي الحراس بمقابلة طبيب على نفقتي الخاصة. ومع ذلك، لم يسمح لي الحراس باتباع التعليمات الطبية التي اقترحها الطبيب، مثل ارتداء ملابس نظيفة والبقاء في مكان جيد التهوية".
قال الصحفيون الثلاثة إنهم يكافحون للعودة إلى حياتهم في محافظة مأرب بعد خمس سنوات من الاعتقال والانتهاكات. قال بالغيث: "لم نتلقَ دعما كافيا [من الحكومة اليمنية المعترف بها] بعد إطلاق سراحنا. صُدمنا لمعرفة الوضع الإنساني المدمر من حولنا…. كنت خاطبا قبل اعتقالي، لكن قبل أقل من عام لم تستطع خطيبتي انتظاري أكثر وتزوجت من شخص آخر. كان ذلك مدمرا".
قالت ناصر: "ينبغي لسلطات الحوثيين أن تجمد عقوبة الإعدام فورا وتحسن ظروف الاحتجاز في المنشآت الخاضعة لسيطرتها. لتتحسن الظروف حقا، ينبغي لها تطبيق المساءلة والتعويض عن انتهاكات قواتها".