كعادته في صباح، كل يوم يبدأ النحّال الحضرمي “غازي الحسين”، رحلته في تربية النحل، فيتعاهدها حتى تنضج وتنتج أجود أنواع العسل، الذي وصلت شهرته معظم بقاع العالم.
وبالقرب من شجرة السِدر التي تشتهر بإنتاج أجود أنواع العسل الحضرمي، والذي يُصدّر إلى دول خليجية وشرق آسيا، يحط “الحسين” رحاله بالقرب منها في وادي من أودية محافظة حضرموت –أكبر محافظات البلاد والواقعة شرقها-، حيث تتواجد الأشجار بكثرة، فيتغذى النحل على أزهار السِدر “قبل أن تتحول بعد ذلك إلى ثمار، ويبدأ مشواره في مشروعه الخاص المحبب له”.
تربية النحل قديمة لدى الحضارم
ويقول النحال “غازي الحسين”، الذي ينحدر من ضواحي مدينة تريم، لـ”يمن مونيتور”، “أن الإنسان اليمني والحضرمي بشكل خاص، اهتم بتربية النحل، منذ زمن قديم، ويرجع ذلك إلى القرن العاشر قبل الميلاد “حسب المؤرخين”.
وأضاف، لـ”يمن مونيتور”، “تعتبر تربية النحل، أحد فروع الاقتصاد الزراعي، لدور صادراتها في رفد الاقتصاد القومي، حيث أن تربية النحل قديمة منذ زمن، وأثبتت النقوش القديمة ذلك”.
وأشار الحسين، إلى أن تربية النحل في اليمن، وخصوصاً إنتاجها للعسل الحضرمي، “عسل السدر” والذي يُعرف محلياً بـ”عسل البغية”، يعتبر أحد أشهر الاعسال وأغلاها عالمياً، وفي 2003م اعتبر العسل الحضرمي أحد أهم المنتجات النقدية.
الأعسال المشهورة
اهتم الانسان الحضرمي بإنتاجه لأنواع كثيرة من العسل، وضرب “الحسين” بذلك مثالاً، فقال: إن من أشهرها هو “عسل السدر”، وينقسم هذا النوع من العسل إلى نوعين، عسل يتم إنتاجه في فصل الشتاء، ويبدأ من أول شهر أكتوبر/تشرين الأول وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ويستغرق هذا النوع في إنتاجه “40” يوماً.
وأردف، ينتج أيضاً “عسل السِدر” في غير فصل الشتاء، ويتم ذلك في حالة وجود المنخفضات المدارية والجوية وتساقط الامطار وتزهير شجرة السدر، ويُسمى هذا النوع بـ”العسل المربعي”، ويعتبر عسل سدر، لكنه تم إنتاجه في غير فصل الشتاء.
واستطرد الحسين في الحديث لـ”يمن مونيتور”، “أن هناك أعسال أخرى مشهورة، ومنها “عسل السُمرة”، وبّين أن إنتاجه يتم في منتصف شهر مارس، حيث يبدأ تزهير أشجار السمرة وحتى شهر إبريل، وينتج عسل سُمرة ذو جودة عالية، ومشهور عالمياً وخصوصاً في المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، ودول شرق آسيا.
وذكر أن هناك أعسال تنتج خلال فترة طوال العام، ويُسمى هذا النوع بـ”المراعي”، وينقسم هذا النوع إلى عدة أنواع، وفقاً لمكان ونوع المرعى الذي يتواجد فيه النحل.
العسل الحضرمي له قيمة عالمياً وغير منافس:
ويقول النحال “خالد التميمي”، لـ”يمن مونيتور” إن وادي وصحراء محافظة حضرموت تتمتع بمساحات شاسعة وتعدد للأودية المعزولة، أعطى ذلك ميزة خاصة أساسية في منتجاتنا النحلية ومنها العسل.
وقال التميمي، إ أودية حضرموت هي أدغال وسط الصحراء، وجيوب تمتد إلى الصحراء، معزولة عن المزارع، وهذا يبعدها عن المواد الكيماوية والمبيدات، ومعزولة عن الشركات النفطية، وهذا يجعلها معزولة عن التسربات النفطية، إلى مياهها، معزولة عن الملوثات المصنعية الأخرى، وتتميز بأنها قليلة الرطوبة، والثبات، ووحيدة المصدر.
كل تلك الأسباب، إذا أضفنا إليها الجفاف الذي نعاني منه، والعزلة التامة الذي يتمتع بها، والتنوع النباتي، جعل العسل الحضرمي له قيمة عالية يتمتع بها، وغير منافس على الاطلاق.
العسل الحضرمي ثابت
ويقول التميمي، لـ”يمن مونيتور”، “إن العسل الحضرمي يتميز بأنه ثابت، وهو مالا يتمتع به أعسال العالم، وأنها وحيدة المصدر، وهذا من الصعوبة إيجاده في مختلف الدول الاخرى.
ويضرب التميمي مثالاً في نقل النحل إلى كثير من الأودية، حيث وجود أشجار السدر هناك، فيقول: “نتفاجأ حين نقل نحلنا إلى أشجار السدر، في كثير من الأودية، فلا نجد إلاّ شجرة السدر لوحدها مزهرة فقط، مشيراً إلى أن هذا يعطينا نقاوة عالية، في إنتاج عسل خالص، وهذا أحد الأسباب الذي جعل الشهرة عالية ومرتفعة ومشرفة في العالم، وخاصة ما يتعلق بهذا النوع، وله مسميات أخرى مثل “الدوعني أو الملكي أو البغية”.
ويظل العسل الحضرمي ذو شهرة عالية ومرتفعة لتمتع وادي وصحراء حضرموت، بمناخ حار جاف صيفاً، وبارد جاف شتاءً، وهو ما أعطى العسل الحضرمي، جودة عالية وثابته وعدم التغير، الأمر الذي ذاع صيته عالمياً وزاد من قيمته والطلب عليه.