يثور في اليمن جدل واسع بشأن مدى جدوى قرار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الشمال والجنوب وبمشاركة المكونات السياسية الفاعلة.
ويعتبر المحلل السياسي نبيل البكيري قرار تشكيل الحكومة خطوة سعودية محضة لا تعني قطعا حلحلة الأزمة بين المجلس الانتقالي الجنوبية والحكومة الشرعية بقدر ما تعني إثبات حضور السعودية في لملمة المشهد على حساب كثير من القضايا التي يفترض حلحلتها قبل الحديث عن تشكيل الحكومة.
ويضيف البكيري في حديث للجزيرة نت أن الهروب إلى تشكيل الحكومة كشق سياسي قبل الشقين الأمني والعسكري يعني أن تشكيل الحكومة أشبه بهدنة مؤقتة وترتيب لمعركة قادمة.
وخلافا لهذا الطرح يرى رئيس تحرير موقع "البعد الرابع" ماجد الشعيبي أن هذه الحكومة تمثل نقلة نوعية في مسار الأزمة اليمنية، لأنها تعيد ترميم بنية الشرعية بعد الذي أصابها من إقصاء وعجز.
احتواء مطالب الجنوب
ويضيف الشعيبي أن تشكيل الحكومة أعاد الاعتبار إلى معيار التوافق والكفاءة لرفع إنتاجيتها، كما أنها تحتوي -إلى حد كبير- على مطالب الحركة الجنوبية وتضمن لها تمثيلا عادلا في السلطة.
ويقول الشعيبي للجزيرة نت إن الاتفاق سيمثل مكسبا لجميع الأطراف المحلية والدولية الفاعلة في اليمن باستثناء الحوثيين وطهران.
ويذهب الناشط السياسي علي أحمد عبد الله إلى أن تشكيل الحكومة يعد خطوة مهمة في إطار حل شامل لترميم معسكر الشرعية وخلق شراكة حقيقية في السلطة لكن هناك صعوبات كبيرة ستواجهها.
ويرى عبد الله أن إيقاف القتال بين الحكومة وقوات المجلس الانتقالي في محافظة أبين يعد مؤشرا إيجابيا لتشكيل الحكومة، ويفترض أن تعقبه خطوات عديدة في الجانبين الأمني والاقتصادي.
ويعيب على الحكومة خلوها من الكادر النسائي، في خطوة تخالف مخرجات الحوار الوطني بتمثيل عادل للنساء والشباب.
ويعتقد عبد الله أن مشاركة المجلس الانتقالي في الحكومة ستساهم في توحيد الجهود وإزالة العقبات التي تواجه الحكومة لتتفرغ لتقديم الخدمات للمجتمع.
تشاؤم
ويبقى نجاح هذه الحكومة وقدرتها على مواجهة التحديات هما المحك الحقيقي من أجل توحيد كل الجهود للقوى السياسية تحت راية الشرعية والعمل على استعادة الدولة.
وهنا يقول نبيل البكيري إن إمكانية نجاح هذه الحكومة مرهونة بتحقيق الظروف المناسبة لعملها، معتبرا أن هذه الظروف والشروط لم تنفذ مطلقا، ابتداء من سحب المليشيات من عدن، وإعادة دمج هذه المليشيات في مؤسسات الدولة، وعودة الحكومة إلى عدن.
وفي ظل هذه المعطيات، يعتبر البكيري أن نجاح الحكومة يبقى مجرد أمنية لا يساعدها الوضع على أرض الواقع.
فرص نجاح
من جهته، يقول ماجد الشعيبي إن الحكومة تمتلك الكثير من فرص النجاح، ويعود ذلك بدرجة أساسية إلى قدرة التحالف العربي على ضبط السلوك السياسي لطرفي التسوية، وحاجة جميع الأطراف الى إحداث تغييرات حقيقية تضمن تقوية المعسكر المناهض للحوثيين الذين أوشكوا على الانهيار في أكثر من مناسبة، حسب تقديره.
ويضيف أن طريق الحكومة لن يكون مفروشا بالورد، متوقعا الكثير من الصعوبات في استكمال الملف الأمني لاتفاق الرياض، لكنه يستبعد حدوث أي متغير جديد يؤدي إلى انهيار التسوية حتى لو كان مسار تقدم الحكومة بطيئا.
من جهته، يربط علي أحمد عبد الله مستقبل الحكومة بدعم دول التحالف لها، خصوصا في الملفين الأمني والاقتصادي من أجل بسط الحكومة نفوذها في المحافظات المحررة، وإنقاذ الاقتصاد بعد تدهور قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.
ويشير إلى أن الحكومة الحالية تعد حكومة الممكن لأنها لا تملك قرارا حقيقيا، كون صاحب الأمر والنهي هو التحالف بقيادة السعودية.
وينص اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على أن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية في اليوم التالي من إعلان تشكيلها في العاصمة المؤقتة عدن، وهذا لم يحدث بعد.
وسواء عادت الحكومة إلى عدن لتأدية اليمين الدستورية أم لم تعد فلن تكون لذلك أي نتائج في سبيل نجاح الحكومة في عملها، حسب البكيري.
ولا يعد الشعيبي هذا التأخير في عودة الحكومة إلى عدن إشكالية، مرجعا ذلك إلى التحضيرات الجارية من أجل عودة الحكومة مع الرئيس وتأدية اليمين الدستورية.
لكن عبد الله يعتقد أن للتأخير علاقة بتأمين عدن التي تسيطر عليها أمنيا قوات تتبع المجلس الانتقالي، متوقعا أن تأتي قوات سعودية لتأمين وجود الحكومة في عدن.
غضب نسائي
وأثار تشكيل الحكومة غضب النساء لعدم تمثيلهن فيها رغم أن مخرجات الحوار الوطني حددت تمثيلهن بما لا يقل عن 30%.
وطالب سياسيون ونواب في البرلمان الرئيس هادي باستيعاب النساء في الحكومة، معتبرين هذه الخطوة تراجعا عن مخرجات الحوار الوطني وتهميشا لدور النساء في السلام والبناء.