يوم الخميس الماضي مضى عقد كامل من عمر ثورة الحادي
عشر من فبراير المجيدة التي أشعل فتيلها فتية آمنوا بربهم
وجعلوا من حرية وطنهم هدفاً لا مناص عنه فكانت عزيمتهم
المتقدة التي اسقطت نظام استبدادي سار باليمن الى دروب
الانفاق المظلمة والى مشاريع التوريث العائلي والاستئثار بالسلطة
والثروة،
فقدم الشباب التضحيات الجسيمة وليس أغلي من الروح والدم
ليعبروا بالوطن الى فجر الحرية المنشودة من أجل يمن جديد
ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان والعدل والمساواة والعيش الكريم
نعم تلك كانت الأماني التي حَلُمَ بها الجميع ولكن كان لأعداء
الحياة رأيا آخر على أرض الواقع خُلِطَت فيه الأوراق وبُعثرت فيه
جهود الخيرين حتى أُصبنا بنكسة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً،
ثوار فبراير نشدوا التغيير بسلميتهم وقدموا ارواحهم رخيصة
امام رصاص القتلة والمجرمون وتحققت الخطوات الأولى بسقوط
النظام لكنهم لم يدركوا مخاطر الثورة المضادة التي تحقق لها ما
تريد على ارض الواقع فتم وأد الربيع المشرق بعد لحظة ضعف او
غفلة من الثوار أو لنقل حسن النوايا التي لا تنفع مع أنظمة الشر
المتجذرة في خبايا الدولة العميقة،
هناك من يُحَمِّل ثورة التغيير حالة الفوضى العارمة التي وصلت
اليها البلاد ووجود ألاّ دولة ونسي أو تناسى أن ثورة التغيير لم
يُمَكّنَ لها حتى تحاسبها كل ما جرى ويجري ما هو الاّ نتاج الثورة
المضادة التي عبثت بالبلاد ومقدراتها بصورة انتقامية بكل ما
تحمله الكلمة من معنى حتى تعطي انطباعاً لصاحب الفكر البسيط
ان هذا عقاباً لمن أراد الخروج عن سلطة الاستبداد المتشبثة
بمفاصل البلد بقبضتها الحديدية المصنوعة منذ قرن من الزمان
نتيجة ما خططا له سايكس وبيكو ومن يقف خلفهما،
ثورة التغيير صحيحة النشأة والمقصد وإن حاربها الكثير وتنكّر لها
الكثير فبفضل شبابها سقط أكبر نظام عسكري تسلطي استبدادي
وسقط معه الجيش العائلي وسقط مشروع التوريث الذي كان يُعَد
ويطبخ على نارٍ هادئة،
وبفضل شباب الثورة مازالت الشرعية قائمة ومازالت مارب تقدم
نموذجا اسطوريا في الدفاع عن الجمهورية ومشروعيتها امام
هجمات مليشيات الحوثي الانقلابية التي تحاول إعادة عجلة
التاريخ الى الخلف لتعيدنا الى مشروع النظام السلالي الطائفي
العنصري بكل تفاصيله،
بسبب فبراير ينعم المئات إن لم نقل الآلاف بمناصب مدنية
وعسكرية لم يكونوا ليحلموا بالوصول اليها
او حتى مجرد التفكير بها لو بقي النظام السابق،
والمؤسف حقاً أن أكثرهم متنكرين لهذا الفضل ولو نسب الفضل
لأهل الفضل للهجت السنتهم وخفقت قلوبهم بالدعاء لمن كانوا
سببا فيما حصل لهم من نعيم محسوس وتعجب انهم موغلين في
عداوتهم لفبراير وشبابها وشهدائها بل ويصطف في صفوف
اعدائها ان لم يكن مشارك فعلاً في احاكة المؤامرات عليها وعلى
مبادئها،
الوضع على كل حال مزري ولكن ليس ميؤوس فالثورة مستمرة،
صحيح حصلت إخفاقات وتعثرات وتسلق على ظهر الثورة من
تسلّق وشنّ اعداءها حربا ضروسا عليها
لكن ألقها مستمر ولا بد أن تشرق شمسها من جديد لتبقى ساطعة
مضيئة لتحقق آمال الملايين المتطلعين للحرية والعيش الكريم،
ولسان حالهم يردد ما قاله شاعر اليمن عبدالله عبدالوهاب نعمان
(الفضول)
يا بسالات الفداءِ..
إننا شعب فدا..
أحلامنا نبتت فوق قبور الشهداءِ
يا جلالات العطاءِ..
إننا شعب ندى..
أيامنا لم تلد غير نفوس الكرماءِ
يا رسالات السماءِ..
إننا شعبُ هُدى..
إسلامنا أزهرت فيه أماني الأنبياء
أنت يا أرض السماحات
التي أنفقت أرواحنا بذلاً وجودا
ان رجفنا الساحات بنضالاتنا
أو عكفنا في المحاريب سجودا
لن يضيع الفجر من آفاقنا فيك
ولن نرجع للّيل عبيدا،
إضافة تعليق